أعذرني أيُّها الجمالُ/ بقلم: مرام عطية

 

 

 

 

 

 

أعذرني أيُّها الجمالُ/ بقلم: مرام عطية

_____________

في مدينتي غابَ الرجاءُ، و ضاقَ قميصُ الأملِ عن أحلام الطفولةِ ، لبسَ الَّليلُ النهارَ ، وامتطى جوادُ الشَّمسِ اللئامَ ، نجومُ الفكر تحتضرُ على شفا العتمةِ العميقِ ، الخداعُ طاووسٌ يختالُ ، يتهادى كالعروسِ،  يجرُّ ثوبَ الحقيقةِ الأبيضَ ، الرذيلةُ تطلقُ رصاصَ عهرها ، تصيبُ قلبَ كلِّ من يهتفُ للجمالِ ، و يرشِّحُ اسماً ناصعاً لعرشِ الإنسانيةِ ، أو يرفعُ علماً لخدمةِ الفقراءِ و إشادةِ صرحِ السَّلامِ ، عربةُ الوقتِ بطيئةٌ كالسلحفاةِ مثقلةٌ بالخيباتِ ترميها على صدرٍ أمٍّ حنونٍ تلوكُ الحزنَ ، تجترُّ المحنَ ، و تنامُ كالغريبِ بلا وطنٍ .

اعذرني أيها الجمالُ النقيُّ، الطريقُ إليكَ طويلةٌ وعرةٌ، أمضي بعزيمةِ الشبابِ، تنمو الحفرُ أمامي، تتناسلُ بسرعة الضوءِ، كنملةٍ لا تعرف اليأسَ أتجشَّمُ الصعابَ كلَّما سقطت من أعلى قمةٍ أعودُ من جديدٍ؛ لأرتقي درجكَ المزروعُ بالأشواكِ والإبرِ، أملأُ خزائني بوقودِ الحبِّ كلَّما نفذتْ، بمعولِ الجدًّ الحادِ أجتثُّ متاريسَ الظلام كلَّما صعدتْ أمامي، وكم مرَّةٍ خاتَلَتنِي ذئابُ العتمةِ !! وصعدَ الجهلُ إلى سدةِ السلطة!

أيها البهاءُ المسروقُ من أقاليمي، في قمقمٍ حديديٍّ باتتْ

زهوري بعدَ أن سوَّرها فاقدو الرحمةِ بالفتاوى السوداءِ، وكبَّلوها بالموبقاتِ وسلاسلِ الغدرِ

أعذرني يا عقيقَ أحلامي، مرتْ مراكبُكَ الجميلةُ بمدائني والسلاسلُ تنحتُ ذراعيَّ، وتحفرُ خنادقها على خصري، أنا لم أخترِ البؤسَ والانحدارَ، ولكنَّ فتاوى الظلامِ زجتْ بعصافيري ونخلي في سجنٍ مظلمٍ. بطاقةُ السَّفرِ العتيدةِ التي منحتني إياها إلى مراقي العالمِ المتحضرِ، اعترضتها مفارزُ الحسدِ وشبكاتُ القبحِ المدججةُ بأساطيلِ الغيرةِ والعدوانِ الرديفةِ، طبعتْ وشمها على يديَّ ووجهي، فكيفَ الوصولُ إليكَ وقد حجزوا لي جوازَ السَّفرِ ؟!

_______

مرام عطية

  • Related Posts

    شرودٌ يقظان/ بقلم: كَامِل عبد الحُسين الكَعْبِي

      شرودٌ يقظان كَامِل عبد الحُسين الكَعْبِي   أبوابُ المخارجِ لازالتْ موصدةً رُتُجٌ لمْ تُطرق بعد أجوبةٌ تبحثُ عنْ أسئلةٍ وعلىٰ البسيطةِ شجرٌ لمْ يتبرعم كيفَ تنتابني الغفلةُ وأنا رهينُ…

    ثلاث نوافذ / بقلم: مصطفى معروفي

    ثلاث نوافذ بقلم: مصطفى معروفي ـــــــــــــ ــ النافذة الأولى: ناضل ما ناضل لا شيء رآه تغير و أخيرا نام على الذكرى و احتج على أن قناعته ما زالت قابعة في…

    You Missed

    لا تسألني…من أكون…/ بقلم: فاطمة معروفي

    لا تسألني…من أكون…/ بقلم: فاطمة معروفي

    المحامية جيهان توماس… قبلة التائه في أمريكا / بقلم: فاطمة معروفي

    المحامية جيهان توماس… قبلة التائه في أمريكا / بقلم: فاطمة معروفي

    متى تفهموها صح؟ / بقلم: خالد السلامي

    متى تفهموها صح؟ / بقلم: خالد السلامي

    إنّما قاتلَ اللهُ الحربَ ما أبشعَها/ بقلم: فراس حج محمد

    إنّما قاتلَ اللهُ الحربَ ما أبشعَها/ بقلم: فراس حج محمد

    كتبْتُ إليكَ مِن نَبضي وقلبي/ بقلم: هدى الجاسم

    كتبْتُ إليكَ مِن نَبضي وقلبي/ بقلم: هدى الجاسم

    حتى إشعار آخر / د. بقلم: ريم  النقري

    حتى إشعار آخر / د. بقلم: ريم  النقري