14 فبراير، 2025

واحة الفكر Mêrga raman

أدبية ثقافية عامة

ألق التشكيل العراقي عبد الرحمن حنون الساعدي أنموذجاً/حميد الناعس

ألق التشكيل العراقي عبد الرحمن حنون الساعدي أنموذجاً

ينتقي عبد الرحمن حنون الساعدي حكاياته من وهج ودفء الجنوب حيث ملاذه الذي لا يخضع لسطوة أخرى سوى تأثره برموز فنية عراقية، لهذا ترى ترنيماته الممتدة من قرى ومدن وأرياف العراق تشع بالتساؤل الهادئ الذي يضع الملامح في خانة السكون المعبر. وهناك تتكاثف الأسئلة المملوءة بالحيرة والتعجب.

وجد عبد الرحمن حنون الساعدي منذ بداية عقد الثمانينات ملاذه المتخم بالتغيير وهو يخط نثريته اللونية في عوالم تخشى الخدش، حيث مدرسته المتفردة وتشخيصه الذي يغيب عن أعيننا. فقد برع بأنثيالات رمزية تارة وسوريالية أو انطباعية مرة أخرى،  ليجعل من أدواته ووجوهه أملا مترفعا عن الهزيمة رغم حزنها وخمولها أحيانا أخرى. فنوبة التشابه لا تعطي للوحاته سمة التكرار كونه يعتمد الثيمة المبطنة بشفافية الألوان لإعطائها نكهة تجديد حالمة وسط بساطة مثيرة وتنوع لوني مبهر. وبحرفية العارف لأدوات الدلالات السيميائية،والتكثيف المتجدد، يُدون هذا الفتى الجنوبي نداءاته التي بدأت مع وعيه المبكر، وهي ترتطم بحائط الصد في زمن التنكيل والقسوة.

هاجر عبد الرحمن من وطنه الذي يعتبره (عش الجنة) إلى مغتربه حيث لم تنه الأجواء الحرة هناك شغفه باللون والظل والعمق. وافتتح عشرات المعارض التشكيلة خارج العراق معتمدا على ذهنه المتوقد باصطياد الصور التي ظلت ضاجة في رأسه، جسد نبوءات المدينة التي ترعرع فيها وأحلامها اللامرئية،أزقتها، صراعها، شخوصها. وحول هذا الصدى إلى واحة من نثرية لونية مذهلة، تتنوع فيها الأزمنة، وتلك الخيوط المزدانة بالحزن المتوجس من قادم مجهول. أضاف الساعدي، وعبر شيوع نبوغه اللوني المتفرد، منظومة مميزة للتشكيلية العراقية وفق بساطة تكمن فيها لذة الرؤيا واختصار الملامح وهي تنحني بفرشاة ماهرة ينهال منها ألق مصر على التجدد والحداثة بلغة مرئية تضع الإدهاش بالعمق الصوري بمرتبة التصاعدية المتوهجة.

 

حميد الناعس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © All rights reserved. | Newsphere by AF themes.