أيلفُّنا المطرُ بشالِ الحنانِ/ بقلم: مرام عطية
_____________________
لم يخترْ وطني حضورَ مسرحيةِ الشتاءِ الكئيبِ، لكنَّه كانَ مرغماً أن يكونَ الضحيةَ حضرَ أو غاب عنها ، كما أجسادُ أطفالي و عيونُ شعري ، الفصلُ الأولُ يتوزعهُ تقاسيمُ نايٍ شجنٍ لعصفورٍ لفحتهُ رياحُ الفراقِ، وأبكتهُ زمجرةُ الرعودِ بغيابِ الدفءِ و يتأوجهُ إيقاعُ وترٍ كإيقاعِ الأملِ في أفئدةِ الأحلامِ الخضراء، يزاحُ الستارُ ؛ فترى الشتاءَ يبعثُ رسوليهِ العتيدين إلى الأرضِ في مهمةٍ جديدةٍ ،كما أرسلَ القطبُ الشمالي المتقهقرُ مبعوثيهِ إلى الشرقِ ؛ ليرمما جسور التواصلِ المتهدِّمةِ بعد جسيم خساراتهِ و انكسارِ رهاناتهِ .
أغدقَ مبعوثُ الشتاءِ الأولُ حبَّهُ على البشرِ، فجمعَ كنوزَ السُّحبِ ولآلئ البحرِ، ونثرهما على المسكونةِ وألبسَ السهولَ والربا ثوباً قشيباً، لتضحكَ عيونُ الزهرِ، وتحتفي الأشجارُ بميلادِ الربيع، رافقهُ طاغيةٌ تمرَّدَ على قوانينِ المطرِ؛ احتكرَ الوقودَ والكهرباءَ في أدراج الأغياءِ والملوكِ، ونشرَ الفاقة والحاجةَ بين المساكين والضعفاءِ، لم يثنهِ نشيجُ شيخٍ، أو يوقفهُ دموع طفلٍ بريءٍ، ياللقسوةِ !! كانَ عاتياً، حصدتْ قبضتهُ الحديديةُ زروعَ الأرضِ، صفعتْ خدودَ السنابلِ، ولوتْ أعناقَ الورد الرقيقةِ، حملَ في حقائبهِ الشتويِّةِ البردَ والزمهريرَ للأطفالِ، والجوع والقفرَ للكائناتِ كلِّها، فتعرَّت الطبيعةُ من ثوبها البهيِّ، وأقفلتْ أبوابُ الرزقِ بتجمدِ الملاحةِ والصيدِ.
أتغمرنا السماءُ بالحبِّ ذاتَ صباحٍ، ويلفُّنا المطرُ بشالِ الدفءِ يا وطني؟ فنحتسي كؤوس الطمأنينةِ ونطعمَ خبزَ الرضى في الفصلِ الأخيرِ من فصولِ المسرحيةِ، أم يمطرنا الثلجُ بألوانِ العطاء، فيرفعَ الظلم والأسى عن أرواحنا ويزيلَ بنقائهِ ندوبَ أكبادنا؟ أيحملُ مبعوثا الأممِ سلالَ الخير إلى بلادي بعد سني حربٍ طويلةٍ جرَّتْ البؤسَ والشَّقاءِ كرسول الشتاءِ الأول؟ أم أنَّ مبعوثي الشَّمال غريبانِ عن أوجاعنا، لأوجه للخير في رحلتهما، ولا سطورَ للرحمةِ والمحبةِ في رسائلهما، وعلينا أنْ نطيلَ أمدَ الكفاحِ، ونتجرعَ حنظلَ الصبرَ كما كنا نعجنهُ بماءِ الإيمانِ، ونخلطهُ بالتداني والأمل لنصلَ إلى شاطئ الأمانِ ؟؟
_______
مرام عطية