22 مارس، 2025

واحة الفكر Mêrga raman

أدبية ثقافية عامة

التوتر التركي- الأميركي… عميق

 

في وسع الأزمات الديبلوماسية أن تكون مخرجاً من طريق مسدود، إذا تولى ادارة الأزمة هذه حكماء. ولكن هل في الإمكان القول ان الديبلوماسية في أيد أمينة في واشنطن وأنقرة؟ «أعتقد اننا مقربون أكثر من اي وقت مضى»، قال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قبل أسبوعين حين التقى الرئيس رجب طيب أردوغان في نيويورك. وبعد اسبوعين على تبجح ترامب بصداقته مع اردوغان، بلغت الأزمة بين البلدين مبلغاً لم تبلغه من قبل، وجمّد كل من أنقرة وواشنطن إصدار تأشيرات دخول. وهذه سابقة بين بلدين حليفين في الناتو. ويرى بعضهم ان العاصفة ليست مفاجئة، وأن غيومها تلبدت منذ وقت.

وبدا، في وقت أول، ان قرار واشنطن تعليق التأشيرات هو رد على اعتقال أنقرة تركياً يعمل في القنصلية الأميركية في اسطنبول بتهمة التجسس. ولكن ما اجّج غضب المسؤولين الأميركيين هو تغطية وسائل الإعلام التركية الموالية للحكومة المسألة، ونشرها عناوين منازل موظفي القنصلية. واتهم سفير اميركا في تركيا، جون باس، «بعض من في الحكومة (التركية) بالسعي الى الانتقام». ويعاقب اجراء تجميد التأشيرات الأتراك كلهم، ومنهم منتقدو الحكومة، عوض الاقتصاص من اردوغان وحكومته. ولكن القرار الأميركي لم يأت رداً على حادثة يتيمة، بل على سلسلة اجراءات تركية رمت الى تغيير سياسة واشنطن في ثلاث مسائل: مسألة الداعية فتح الله غولن المتهم بالوقوف وراء محاولة انقلاب 15 تموز (يوليو)؛ التحقيق المتواصل في اميركا حول التاجر التركي – الإيراني، رضا ضراب- وهو تحقيق خلص اخيراً الى ادانة وزير سابق في حكومة أردوغان؛ وموقف اميركا من «وحدات حماية الشعب» الكردية، وهي الجناح السوري من «حزب العمال الكردستاني».

ومضى على عمل متين توبوز في القنصلية الأميركية في اسطنبول، 33 عاماً، وهو ليس أول معتقل تركي ممن يعملون في مقرات ديبلوماسية اميركية. وسبق ان اعتقل في آذار (مارس) حمزة أولوشاي الذي عمل في القنصلية الأميركية في أضنة طوال 36 عاماً، بتهمة «الانتماء الى تنظيم ارهابي». والقس الأميركي، أندرو برونسون، ومضى على اقامته في ازمير 23 عاماً، معتقل منذ اكثر من عام. وهذه الحوادث تضاف الى كشف وكالة الأنباء الحكومية التركية في تموز المنصرم، احداثيات 10 مواقع عسكرية اميركية شمال سورية، وانتقد البنتاغون هذه الخطوة. ويبدو ان واشنطن تسعى الى وقف الاعتقالات، وبادرت الى اجراء ملموس لم تتأخر آثاره في الظهور (هبوط قيمة الليرة التركية والأسهم في بورصة اسطنبول).

ويبدو أن اميركا طفح كيلها من سياسة «الرهائن». ولكن أي اميركا تقف وراء هذه الخطوة؟ أهو ترامب؟ وجوهر المسألة هو كيفية تفسير انقرة مواقف واشنطن. فهي مقتنعة بأن الهيئات والمناصب الأميركية تسعى الى اطاحة أردوغان، وبعضهم في أنقرة يسلك طريق الحرب مع «الإستابليشمنت» الأميركي. وهم عقدوا الآمال على ترامب، وهو نفسه رئيس معاد لهذا «الإستابليشمنت». لذا، يشعر بعضهم في أنقرة ان السبيل الى نقل التعامل مع الأزمة من «الإستابليشمنت» الى الرئيس الأميركي، هو تصعيد الأزمة. ولكن عقد الآمال على ترامب لم يثمر الى اليوم، ولم يكن في محله. ونحن امام قيادة وإدارة شائكتين في واشنطن، والنظرة اليهما في انقرة ليست في محلها. ولا توجه دفة الأزمة أيد امينة في واشنطن ولا في أنقرة، لذا، قد تنزلق الأمور الى أسوأ.

 

بارجين ينانج

* معلقة، عن «حرييات دايلي نيوز» التركي، 10/10/2017، إعداد منال نحاس

الحياة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © All rights reserved. | Newsphere by AF themes.