16 مارس، 2025

واحة الفكر Mêrga raman

أدبية ثقافية عامة

الجدار الصامت/ فداء الحديدي

الجدار الصامت

 

موهبتي منذ طفولتي كانت السبب في انهاء  فترة التدريب قبل تعييني الرسمي في الصحيفة , كنت مجدا مجتهدا , كل الشخصيات كانت تحت أمري و أمر قلمي , احركها كيفما أشاء الاعبها  متى أريد.

الجميع حولي ينتظر دوره , ظهوره العلني كان محكوما بقلمي , كنت مجبورا على انهاء العمل الموكول لي قبل أن يحل المساء , كلما انتهيت من رسمة علقوها حولي و أتوا بأخرى , أصبحت الجدران مليئة بكاريكاتيرات قلمي .

في صبيحة ذلك اليوم جاء أمر نقلي من مكاني إلى قسم  لا أعرف عنه شيئا و لا يعرفني , أحيك الملابس , وأصلحها يدويا , كان اللون هو ذات اللون في كل مرة , أحيكه ثم يأتوني بمقاس جديد وأصلح كياته .

لم استطيع الاستفسار او الرفض , كنت مكسورا , كنت بحاجة ماسة للبقاء على قيد الحياة , سحبت الأقلام مني , ابقوا لي قلما ابيضا فقط لرسم حدود القميص ذو اللون الأزرق ؟

أصبحت ماهرا في الحياكة , أخيط وأصلح  , على المقاس المناسب , الجميع حولي ينتظر دوره كان التاريخ يعيد نفسه لكنه بلون ودور جديد , كلما انتهيت من قميص أوكلوا لي قميصا آخر, تفننت في دقة المقاسات و الحياكة ,  تفننت في إخفاء البطون الكبيرة , اصبحت ماهرا في اخفاء العقود التي علقت في اعناقهم داخل ياقة القميص بحذر , تعملت أن يكون المقاس  مناسبا  تعلمت وتمرست أن  أخفي اي عيب  موجود اواي خلل منتظر ؟

تغير لون القلم الابيض الى الأزرق

اعادوا لي اوراقي البيضاء  , أقلامي , الجميع ينتظر دوره  حولي ,  رسمت بدقة حافظت على المقاسات صحيحة ,  إمتلئت جدران زنزانتي برسوماتهم الجديدة ,

في يومي الأخير قبل أن اغادر ,  من جديد  كان افطارا شهيا , حلاوة شهية مليئة بالمكسرات , غلفت بأوراق الصحف  القديمة , أكلتها على عجل , وقبل أن أقذفها  بعيدا من يدي,,  رأيت  قلمي  القديم  بداخلها  وصورة القميص الأزرق  تكاد ان تتفق ازراره  والحوت الأزرق يرتديه  .

 

بقلم: فداء الحديدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © All rights reserved. | Newsphere by AF themes.