حول رواية “فيتا-انا عدوة انا”
هل أغضب من أشخاص لا يوجد لديهم صوت
بقلم: دانا أمون
في كل مرّة اقرأ رواية، أشعر بالفرح والمتعة أو الملل والتعاسة، ولكن في رواية “فيتا-أنا عدوّة أنا” للكاتبة ميسون أسدي، لم أعرف ما ذلك الشعور الذي راودني، وبدأت مخيّلتي تطرح الأسئلة من كل مكان حولي.
هل أفرح لأنّني عرفت بأنني أعيش بأفضل حال من بطلة القصّة؟ هل أحزن على أبطال القصّة الذين يعانون؟ هل أغضب من أشخاص لا يوجد لديهم صوت ولا يتحرّرون ويأخذون حقوقهم؟ هل وهل، وهل…
ولكنّني للأسف، لم أستطع الإجابة على أي سؤال، فقط أغمضت عيناي وتخيّلت نفسي أعيش مع هؤلاء الناس، مع الاطفال الفقراء والمساكين وأساعدهم وأطعمهم وأعطيهم كلّ ما يريدونه، ولكن بعد ثواني معدودة فتحت عيني وقرّرت إعطاء رأيي ووصف شعوري حول هذه الرواية.
باب البوابة
لم أحب تلك القصة كثيرا، لأن ذلك النوع من الناس أكرهه، فهم يظنون أنهم هكذا يعيشون ولكنهم يدمرون حياتهم شيئا فشيء.
باب المستشفى
احببت هذا الفصل بسبب تفكير فيتا المنطقي لتلك الفتاة التي أرادت وحاولت الانتحار لأن حبيبها هجرها، ففيتا تعتبر ذلك الأمر أمر تافه وهو حقًّا تافه، لأنه لو نظرت تلك الفتاة على الاشخاص الذين يفقدون عائلاتهم أو أهلهم لشكرت ربها ولم تعر ذلك الشاب الذي هجرها أي اهتمام، وقالت له: الله معاك.
باب البيت
احببت هذا الباب كثيرًا، لأنّها تحكي عن واقعنا اليوم، ففي أغلب البيوت البنت الصغيرة مدللة وهكذا يخلقون الكره بين الاختان.
ولم أحب بهذه القصة تصرّف الأب لأنّه مقتنع بأنّ ابنته فيتا ستصبح مثل الاولاد. فهو في هذه الطريقة يجعلها تفقد ثقتها بنفسها وبأنّ لا وجود لها، فيجب عليه ومجبور أن يتقبّل اطفاله كما هم وان يشعرهم بأنّ لهم فائدة كبيرة بالحياة.
باب التميز
كانت فكرة وضع اللوحات العالمية في ممر المستشفى أمر رائع، فأنّه يمحو جزء من تعاسة وكآبة المستشفى، أي المرضى الموجودين فيها، يشعرون بنوع من التفاؤل وحتّى الزائرون.
وأحببت تصرّف فيتا عندما أخذت الساعة، لأن صاحبة الساعة ليست بحاجة إليها بالفعل وفيتا بحاجة إليها أكثر، فلتأخذها.
باب الرسامة
ما اعجبني في هذا الباب هو الإرادة الموجودة عند فيتا ووقوف الأم بجانبها لتحقّق حلم ابنتها، أي شراء لها أدوات الرسم وما إلى ذلك… وأنّه رغم الفقر الذي تعيشه فيتا، فعندها طموحات واهداف وتعمل على تحقيقها.
باب الهجرة
كان تصرف فيتا غير صحيح عندما حاولت الاتصال بوالدها، لأنّه لا يستحق ذلك فمن يريد السكر والصياعة، لا حاجة لأن تسأل عنه.
باب الخزانة المظلمة
هذه القصة هي أكثر قصة احببتها من كل الروايات، لأنها وضحت لي الجملة التي حيرتني طوال الوقت وهي “انا عدوّة انا”.
فهي التي تعيد ذكريات الماضي الحزينة لها، هي التي تقسى على نفسها، هي المتشائمة، هي الضعيفة.
فحقا صدقت عندما قالت “انا عدوة انا”، ففي معنى آخر، وجدت فيتا مفتاح الحل الذي يخرجها من العذاب، وكأنّ النور دخل إلى الخزانة المظلمة، والنور يزداد شيئا فشيئا، والعذاب والالم يذهب رويدا رويدا.
باب المراسلات
تلك القصة جعلتني وأنا أقرأها، بأن أشعر أنّه ينقصني شيئًا ما، ربّما فقدت حب الحياة، أو ربّما كرهت شيئا يدعى تفاؤل، أي تعبت ليس من حياتي بل من حياة أناس آخرين، مع أنّني لا أعاني مثلهم.
ولكن في نفس الوقت، فرحت وشعرت أن شيئًا ما يقول لي: استيقظي ففيتا تبعث الرسائل الجميلة لعائلتها، فيتا تشكر عائلتها تحركي واكتشفي لماذا وما هذه الصدفة ؟!
الباب الذي لم يفتح بعد
هنا فيتا رجعت إلى وطنها الأصلي وأجرت تطور يجعل العيشة مسلية وأسهل وأجمل من السابق وقد تقدّمت وتغلّبت على كلّ مخاوفها.
اقفال باب البوابة
لم أحب تلك القصة كثيرًا، لأنه يوجد بها نوع من التقليد وأنا أكره ذلك الشيء بشدة، حيث أن كاترين الثانية بعثت العديد من الاشخاص إلى فرنسا وانجلترا ليستمدوا من علومها وآدابها ولغتها ويعودوا لتطوير البلاد الروسية.
***
عندما انتهيت من قراءة الرواية، شعرت وكأنّني ربحت شيئًا باهظ الثمن، فأنا حقًّا أشكر الكاتبة ميسون أسدي، لأنّها أعطتني هذا الكنز الثمين والذي ربما لن أملك مثله مرّة أخرى.
أنا الآن أفكر وأنظر للحياة في طريقة مختلفة تمامًا، عن الطريقة التي كنت أفكر بها، فإذا أردت أن افحص حياتي إن كانت جميلة أو تعيسة، أو إذا أردت أن افحص كيف أنا أعيش، هل بأفضل حال أم بأسوأ حال… فيجب عليّ أن أنظر إلى تحتي وليس إلى فوقي، أي أن أنظر إلى الناس التي اقل مني فرحة لأشعر بأنّ حياتي جميلة وانني مبسوطة فلو نظرت إلى فوقي أي الذين يعيشون أفضل منّي، لظننت أن حياتي لا تعتبر حياة.
وقد قررت من اليوم، أن أعيش حياتي كما هي وأن أشكر الرب كلّ يوم، وأن أقف دائمًا مع نفسي، وان اعزّز ثقتي بنفسي لأنّني لو أردت أن أفعل شيء، فهناك شرط اساسي لنجاحه، وهو ان ادعم نفسي واكون انا المشجعة وانا العاملة في نفس الوقت ولا انظر للماضي وان اتغلب على نقاط ضعفي لكي اسير في الطريق الصحيح المناسب لي.