سألبسُ حرمانكَ .. ليزورني العيدُ/ بقلم: مرام عطية
________________________
كم تحبُّك السَّماءُ يا أخي!
لأنِّي نسيتُ أنْ أسكنكَ أبراجَ عينيَّ، جفَّت أشواقُ الزيتونِ في وريدي، اغرورقَتْ بالدمعِ نخلتي، و تلاشتْ وعودُ الربيعِ الوارفةُ لأقاليمي اليابسةِ، ولأنَّكَ رحلتَ عن أطالسِ ساعاتي غابتْ سحبُ الفرحِ عن حقولي ، غامَ قلبي ، وغارتْ عيونُ ينابيعي، أبرقَ الشتاءُ لهضابي وسهولي، وسطا الخريفُ على كنوزي، تجمَّدت دماءُ أزاهيري، وانهال عسسُ الأسى يصفعُ وريقات عمري، تشقَّقتْ شفاهُ موطني، واستبدَّتْ مطارق الأخاديد في جبيني، جزرُ الزمردِ بعيدةٌ ، وخلجانُ اللؤلؤِ تاهتْ عنِّي، بالرغم من غنى العصر بأجهزةِ الاتصالِ ووسائل المواصلات والنقلِ، لا سبيل للقياكَ ، على مشارفِ موطني أرسلُ الفقرُ جيوشهُ، هاجتْ أمواجُ الوحشةِ، وعصفتْ بي رياحُ القهرِ، فعلا جسدي زبدُ الأوجاعِ ، تشرين الحنونُ ودَّعنا ، وهاهو كانونُ الأبيضُ يهرولُ مسرعاً، يلبسُ عباءةً ثلجيةً وعيناهُ دامعتانِ ،
ياللهولِ !! أخافُ أنْ يلوِّح العيدُ لأحلامي من بعيدٍ، فلا أكتحلُ برمشهِ الجميلِ، أو أسمعُ بلابلَ صوتهِ العذبِ، الْيَوْمَ تدعوني مدرسةِ الجمالِ تلميذاً نجيباً، تعلَّمني دروسَ الرجاءِ؛ سأتلو أسفارَ الحبِّ على مسامعِ الورى، أصغي إلى صهيلِ بردكَ، وألبسُ ثيابَ حرمانكَ، أرنو للطفولةِ المسفوحةِ على ضفافكَ، وأطعمُ روحي تراتيل جوعكَ؛ لتخضرَ أناشيدي، تصفو مشاربي، ويزورني العيدُ.
_____
مرام عطية