طوبى لك سوريتي/ بقلم: مرام عطية

 

 

 

 

 

 

طوبى لك سوريتي/ بقلم: مرام عطية

______________

في مدينةِ الوحدةِ سفينةُ عربانٍ تائهةٌ بلا قبطانَ، تتلاطمُ قيء بحر الظلمةِ، عبثاً تبحثُ عن ميناء سلامٍ يناسمُ أسيادها على بحرِ الشمالِ، سفينةٌ غابَ نسرها، وضاعَت بوصلتها، حضرتْ جسداً في قمةٍ عتيدةٍ، وغابَ فكرها والروحَ، تحتسي الجهلَ والكراهيةَ كلَّ صباحٍ، ويفوحُ منها عفنَ التسلطِ والقهرِ، غرست الأشواكَ في دروبِ المفكرين، زرعتْ الجمرَ تحتَ خطاهم، ورفعتْ البنادقَ والسهامِ في صدورِ الحماةِ.

كراسٍ وزاريةٍ كأرضٌ عقيمةٌ، لا يرفُّ فيها نبتٌ أخضرُ، مليئة بالزؤان إلاَّ من سنبلةٍ واحدةٍ تستثيرُ الهممَ لحصيلةٍ وافرةٍ من القمحِ رفعتْ رايةَ السلامِ من أرزِ لبنانَ، صحراءُ حضرت لشاطئٍ أخضرَ، ياللأسى!

صناديقُ بشريةٌ مترعةٌ بضروبِ النفاقِ والفسادِ يسيلُ حنظلها لؤماً وحقداً، تصبَّهُ في صحونِ الكرامةِ والنِّصالِ.

شيعتْ الأحلامَ الورديةَ في نفوسِ الأمهاتِ والأطفالِ

ومزَّقت ما تبقى من شرايين التلاقي بين العربِ

وأنا كطفلةٍ أرتجفُ من البردِ أمامَ طوابيرِ النفطِ المتوهجةِ جسدي الضعيفُ ينوءُ بأعباء المسؤوليات وهمومِ الأمومةِ الجريحةِ، كنملةٍ تحملُ أطنانَ وزنها يسحقها المارةُ بأقدامهم العاتيةِ. قطاراتُ الأسئلةِ في أفواهِ الصحفيين توقفتْ عن السيرِ بعد أن حمَّلها الممثلونَ في المسرحيةِ مشاهدَ أليمةً وإحداثياتٍ جمةً.

طوبى لك أيُّها النَّجمُ الدمشقيُّ، الحشودُ تحتفلُ بكَ، تحملُ أغصانَ ياسمينكَ وأعلامَ نصركَ، حضرتَ من وراء ستائرِ الغيابِ، ما أقوى إشعاعكَ!

يرمونكَ بالسهامِ فتقوى، يهيلونَ عليكَ حقدهم، فتنقلبُ مراجلُ الحقدِ على رؤوسهم، يعتقلونَ ياسمينك فيحلقُ نسركَ حدودَ الشمسِ، يغتصبونَ حقولَ التفاحِ في جولانكَ فيثورُ الإجاصُ غصباً، يتمدَّدُ الليمونُ عبر المدى، ويتجذَّرُ السنديانُ والغارُ، طوبى لك سوريتي، بريقُ النجومِ يكحُّلُ عينيكِ.

______

مرام عطية

  • Related Posts

    شرودٌ يقظان/ بقلم: كَامِل عبد الحُسين الكَعْبِي

      شرودٌ يقظان كَامِل عبد الحُسين الكَعْبِي   أبوابُ المخارجِ لازالتْ موصدةً رُتُجٌ لمْ تُطرق بعد أجوبةٌ تبحثُ عنْ أسئلةٍ وعلىٰ البسيطةِ شجرٌ لمْ يتبرعم كيفَ تنتابني الغفلةُ وأنا رهينُ…

    ثلاث نوافذ / بقلم: مصطفى معروفي

    ثلاث نوافذ بقلم: مصطفى معروفي ـــــــــــــ ــ النافذة الأولى: ناضل ما ناضل لا شيء رآه تغير و أخيرا نام على الذكرى و احتج على أن قناعته ما زالت قابعة في…

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    You Missed

    لا تسألني…من أكون…/ بقلم: فاطمة معروفي

    لا تسألني…من أكون…/ بقلم: فاطمة معروفي

    المحامية جيهان توماس… قبلة التائه في أمريكا / بقلم: فاطمة معروفي

    المحامية جيهان توماس… قبلة التائه في أمريكا / بقلم: فاطمة معروفي

    متى تفهموها صح؟ / بقلم: خالد السلامي

    متى تفهموها صح؟ / بقلم: خالد السلامي

    إنّما قاتلَ اللهُ الحربَ ما أبشعَها/ بقلم: فراس حج محمد

    إنّما قاتلَ اللهُ الحربَ ما أبشعَها/ بقلم: فراس حج محمد

    كتبْتُ إليكَ مِن نَبضي وقلبي/ بقلم: هدى الجاسم

    كتبْتُ إليكَ مِن نَبضي وقلبي/ بقلم: هدى الجاسم

    حتى إشعار آخر / د. بقلم: ريم  النقري

    حتى إشعار آخر / د. بقلم: ريم  النقري