طيفهُ مرَّ بي / رحمة بن مدربل

“طيفهُ مرَّ بي”
مرَّ بِي …
مُؤرقاً عندَ بابِ المَساء
كسَّرَتْهُ النهاياتُ
نظرَنِي و …. مشَى
كانَ طيفهُ لحناً عذباً
كانَ قلبهُ عِشقاً ونار لهيبْ
وأنا…. كنتُ أمضِي، أَفرُّ إليهِ
وأحمِلُ نفسِي على ذاكَ التعب
كانَ يحملُ ” قرطاج” في جانبيهِ
ويَرحلُ عنِّي إلى المُنتهى
كيفَ لا؟ ….
هو ذاكَ الذي أنجبتهُ الحقيقةُ
وربَّتْهُ نسائمُ الحقول
وصارتْ تقولُ له ما تقول
فيمضي….
وبين ضلوعي حياءٌ وداء
يفجِّرُ بُعدَ البعيدِ ويرسمُ شكلَ المدَى
لأنِّي رَحلتُ ….
وقدْ أينعتْ بالحنينِ الجِراح
وفيها غَرِقتُ إلى جبهتِي
لأنِّي رَحلتُ
شوقي جرَى مُؤرقاً في دمِي
كيفَ لا؟
هو ذاكَ الذي كانَ طيفهُ …. عُمراً
كانَ قلبُه ناراً من لهبٍ
هو فارقنِي وافترقنا
ولمَّ تزلْ ذكرياتِي هنا
تَصنعُ الآن أعشاشها في الفُؤاد
هو أحرقنِي واحترقنا
وأيقظَ حُزنِي بعدَ الرُقاد
وكالحُلمِ عاد
فقلتُ له في تأنٍ: أيُّها العابرُ من دمي لدمِي
أيُّها العالقُ فيَّ
من عذابِي ومن عدمِي
أيُّها الحارقُ دمعِي
في أنيني ودمِي
يا رفيقِي…
أينَ أمضِي وأنتَ رفيقِي؟
وأين تمضي؟
وأسطورةُ الحريقِ تُضيءُ خُطاكَ
تُذيعُ شذاكَ هنا وهناكَ
تتوحدُ بكْ
وتكسو المساءَ ضياءَ رُؤاك
وتُنشِدُ لكَ
ثمَّ في الصُبحِ تأتِي
فلمَ لا أراك؟
بقلم: رحمة بن مدربل / الجزائر
2008 وهران ــ الجزائر