25 مارس، 2025

واحة الفكر Mêrga raman

أدبية ثقافية عامة

عبَّارةُ الفرحِ …. تئنُّ/ بقلم: مرام عطية

عبَّارةُ الفرحِ …. تئنُّ/ بقلم: مرام عطية

_______________

الوطنُ يسكنُ في قريةٍ صغيرةٍ تتدلَّى فيها عناقيدُ النخيلِ والرمانِ في أولِ المشهدِ ، يأكلُ مع المساكين والفقراءِ أرغفةَ الدفءِ ويحتسي حليبَ الحبِّ كلَّ صباحٍ ، و في المدينةِ حيتانٌ بشريةٌ لا تشبعُ ، جوعها مزمنٌ كأنهُ مرضٌ عضال ، و ملكُ يتكئ على برجِ الاحتلالِ يشربُ مع حاشيتهِ نخبَ الفوز ِ في كرسيٍّ جديدٍ، على طاولته كلُّ أطايبِ الطعامِ ، وملفاتُ الجشعِ ، خرائطُ  النهمِ والقهرِ  تتوسطُ الجلسةَ ، إلاَّ أحلامَ البؤساءِ كانت غائبةً ، أحلامُ الفقراءِ الورديةُ و مزارعُ القرنفلِ والياسمين على الضفة الثانيةِ للنهرِ  مربوطةٌ بسرير رغائبهم يترصدها حارسُ الهلاكِ الرهيبُ ، و أمام كنائسِ الشمسِ قافلةُ ربيعٍ  من صبيةٍ وأمهاتٍ ، المركبُ صغيرٌ لا يتسعُ إلاَّ لألعابِ الطفولةِ ، والحوتُ فاغرٌ فاهُ لا يشبعُ يغري بالمزيدِ .

ما كانت الشمسُ لتحتفي بآذارَ، وتكسو الربا وشاحَ الخضرة المزركشِ بالزمرد والفيروزِ لو كانتْ تعلمُ بالكارثةِ التي ستحلُّ بأخيها النهرِ

ياللأسى دجلةُ ينتحبُ !! تتساقطُ شهقاتهُ نيازكَ ناريةً ،

وعبَّارةُ الفرح* المحملةُ بالتوتِ والخرنوبِ، يدقُّ فيها إسفينُ التهاونِ التليدُ، تشنقها رياحُ الإهمال وتختمرُ أدرانُ الفسادِ تحتَ قميصها المرقعِ، رائحتها القميئةُ تدمغُ الأفقَ بوشم التعاسةِ، وينتهي المخاضُ بحصادٍ بشريٍّ مريعٍ.

يا إلهي! الحمائمِ تناشدُ السماءَ الخلاصَ، تمدُّ أيديها للرحمن، أما أنا فألبسُ ثوبَ الإنقاذِ المتهالكِ أنقذُ بعضَ الأرواحِ من الغرقِ ثم أسافرُ في رحلة أبديةٍ، يستجيبُ الرحمنُ للدعاءِ، ينهي الله فصولَ المأساة، ويضمُّ إلى ملائكتهِ جوقةً جديدةً من الملائكةِ، جنودُ الشعرِ يثورون يرهقون الأبجديةَ بما يليقُ بموكبٍ جنائزيٍّ، يرسمون مدينةً فاضلةً للغدِ، يسلِّمون للمقصلةِ رؤوسَ الطغاةِ، والزمن يبدأُ بعرض مسلسلَ البحثِ عن الجناةِ.

_________

مرام عطية

 

*عبارة الفرح كارثةٌ إنسانيةٌ في نهر دجلة وغرق فيها أكثر من مائة من الأطفال والنساء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © All rights reserved. | Newsphere by AF themes.