عقوبة الكذب/ بقلم: سهير مصطفى

 

 

 

 

 

 

 

عقوبة الكذب/ بقلم: سهير مصطفى

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

قالَ الأبُ وقد أضناهُ العملُ الشَّاقُ بالحقلِ:

هيّا يا أَولادي أريدُكمْ أن تساعدوني في جني المحصولِ لهذا العام، وعندما تنتهونَ سأكافِئكم وأعطي لكلٍّ منكمْ أجرَه، فكما تعلمون أنا لا أستطيعُ أن أعملَ بمفردي، لمْ أعدْ صغيرَ سنٍّ، وقد فنيتُ معظم حياتي في الفلاحةِ والزّراعةِ.

– حاضر أبي، صاحَ الجميعُ. وهبّوا لمساعدتِه إلا سمر لم تقتربْ فهي الصّغيرة والمدلّلة، وعندما سألتها والدتُها عن السّببِ تذرّعت أنّها مريضةٌ، وقالت: رأسي يؤلمني، غداً سأساعدُكم، أعدكم بهذا.

في اليوم التّالي استيقظَ الجميعُ متعبينَ من شغلِ الأمسِ لكنّهم جهّزوا أنفسَهم بسرعةٍ إلا صغيرتهم تظاهرتْ بنوبةِ مغصٍ، كالعادة عملَ الصّغارُ طوالَ اليوم وهي تراقبُهم عن بعد، وكلما نظروا إليها تظاهرتْ بالمرضِ.

وظلّوا على تلكَ الحال أسبوعاً بكامله، إلى أن أنجزوا كاملَ المحصول، وكلّ يومٍ حجّةٌ جديدةٌ لسمر كي لا تساعدَهم، كان العملُ متعِباً جدّا، لكنّهم كانوا سعداءَ بتقديمِ المساعدةِ لوالدهم المريضِ المتعبِ.

لملمَ الأبُ المحصولَ جيّداً واستأجرَ عربةً وذهب إلى المدينةِ ليبيعهُ.

عندما عادَ كان الجميعُ باستقبالهِ، وكانتْ سمرُ أوّلهم وقد جهّزت نفسَها لأخذِ أجرتها كما أخوتِها.

بدأ الوالدُ بتوزيعٍ الأجورِ إلى أن وصلَ دورُ سمر قال: انتهى التّوزيع.

قالت: وأنا يا أبي لم آخذ شيئاً!!

-وهل عملتِ لتأخذي أجرتك؟

لن أعطيكِ لأنّك لم تعطني كما أخوتك، لكنّك تستطيعين أن تأكلي من الحلوياتِ التي ابتعتُها من ثمنِ المحصول.

حاولتْ أن تستدرَّ عطفَه، لكنّه لم يفعلْ كي يعلّمها الطّاعةَ، وعدمَ الكذبِ، ومساعدةَ الآخرين، كذلك فعلتْ أمّها.

عادت سمرُ مطأطئةَ الرّأسِ خجلةً، لتنتظرَ الموسمَ القادمَ كي تعملَ وتأخذَ حصّتها من الغلّةِ بعد أن أقسمَتْ بينها وبين نفسِها وأمامَ الله ألا تعصي أوامرَ والدِها مرّةً أخرى.

سهير مصطفى/ سوريا

  • Related Posts

    زهرة الوقت/ بقلم: سالم الياس مدالو

    زهرة الوقت – قصص قصيرة جدا – سالم الياس مدالو   1- زهرة الوقت زهرة الوقت اضرموا النار فيها وحينما اشرقت الشمس فروا فروا صوب كهوف عريهم وخزيهم يجرون اذيال…

    كانط في المقهى / ترجمة: محمد عبد الكريم يوسف

    كانط في المقهى يكشف بيتر مولن الأسرار الشخصية للفلاسفة. ترجمة: محمد عبد الكريم يوسف   كنت في ستيمنغ نيكرز في  شارع مكتبة المدينة، المقهى المفضل لدي. عندما أقول “أنا”، أعني…

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    You Missed

    لا تسألني…من أكون…/ بقلم: فاطمة معروفي

    لا تسألني…من أكون…/ بقلم: فاطمة معروفي

    المحامية جيهان توماس… قبلة التائه في أمريكا / بقلم: فاطمة معروفي

    المحامية جيهان توماس… قبلة التائه في أمريكا / بقلم: فاطمة معروفي

    متى تفهموها صح؟ / بقلم: خالد السلامي

    متى تفهموها صح؟ / بقلم: خالد السلامي

    إنّما قاتلَ اللهُ الحربَ ما أبشعَها/ بقلم: فراس حج محمد

    إنّما قاتلَ اللهُ الحربَ ما أبشعَها/ بقلم: فراس حج محمد

    كتبْتُ إليكَ مِن نَبضي وقلبي/ بقلم: هدى الجاسم

    كتبْتُ إليكَ مِن نَبضي وقلبي/ بقلم: هدى الجاسم

    حتى إشعار آخر / د. بقلم: ريم  النقري

    حتى إشعار آخر / د. بقلم: ريم  النقري