قــراءة فـي كتــاب ستـــارة زرقــاء شفــافة ( نصــوص مســرحــية )
للــكاتبة العراقية أطـــياف رشــيد
مسرحيات توحدت بالهم العراقي
ستارة زرقاء شفافة هي ستارة تحاول حجب القبح الذي عاصرناه وطغى وجثم على صدورنا .. وبنفس الوقت تركتنا نراقب ما حصل بتمعن ..
ان هذا الكتاب هو فعلا عبارة عن ستارة شفافة تتركنا نشاهد انفسنا عن كثب ونرى الواقع بكل آلامه وسلبياته وازدواجيته التي يحاول البعض استغفالنا بأرتدائها …
ستارة زرقاء شفافة هو كتاب يضم اثنا عشرة مسرحية قصيرة ولكل مسرحية منها رؤيتها الخاصة التي حاولت الكاتبة تسليط الضوء على جانبا معين مهم وخطير. ومعالجة منطقية لناحية من نواحي الحياة بكل شجونها وصراعها واحلامها ..
لكن هذه المسرحيات توحدت بشئ واحد هو الهم العراقي والذي هو بفعل ما أصاب البلد من قتل وتهجير ومعاناة ودمار روحي ونفسي للإنسان العراقي بصورة عامة نتيجة ما صدر له من شر من الخارج وما يصدره له الخونة من الداخل الذين تم شراء ذممهم ..
فالكاتبة لمست هذا الألم والمعاناة لانها ابنة العراق وعايشت مختلف فئاته واثر بها ما لمسته من جميع المعطيات فقد وفقت بنقل ومعالجة معاناته لكن بطريقتها الخاصة ..
ان الرمزية في هذه النصوص تكاد تكون واضحة وفي البعض الآخر نجد الوضوح والمباشرة والجرأة .
ان الكاتبة تمتلك احساس عميق بشخصياتها فنرى انها تبرز معاناتهم وصارعاتهم الداخلية والخارجية بأسلوب لا يشوبه التقصير فأننا عندما نتناول أي شخصية من شخصيات هذه المسرحيات نشعر واننا امام دراسة نفسية معمقة فالشخصيات عندما تتحدث تتحدث بواقعية قد تكاد ان تكون اغلبها مرة بفعل ما مرت به من ظروف ..
كما ان أسلوب الكاتبة المميز والمشوق واللغة الجزلة اضافت الجمال للنصوص فلا يوجد ملل او اسهاب بالسرد للاحداث بل الاختصار والتكثيف كان السمة البارزة للنصوص مع مراعاة الانفعالية وزمنها لكل شخصية ..
ان النصوص المسرحية الاثنا عشر تعطي حرية كاملة للمخرج باللعب بالمسرح وفضائه الواسع من خلال استخدام الكاتبة للعديد من التقنيات من فلاش باك والتلاعب بالزمن واستذكار الذكريات واستخدام الاخبار بصوت المذياع تارة والتلفاز تارة أخرى واصوات من خارج المسرح . كل هذه العناصر تضيف تنوع بالعرض واثارة ان احسن المخرج استخدامها .
ان اختيار الواقع وموضوعاته المختلفة تجعل من هذا الكتاب ذا قيمة فنية وتاريخية ويعتبر بمثابة تسجيل وتوثيق للفترة التي تحدثت عنها المسرحيات .
كما ان الكاتبة ابرزت قدرتها على إضافة الحيوية للنصوص من خلال استخدامها للحركة على المسرح والتي يشعر بها القارئ وتجعله يشعر وكأنه يتنقل مع الشخصيات على المسرح …
كما ان النصوص كانت مليئة بالنقد اللاذع السياسي والاجتماعي لكنه بناءا لانه شخص الخطأ وأعطى الحلول بصيغة مقترحات أي كانت النصوص عبارة عن نقد فني متكامل من جميع المحاور أي يعرض المساوئ وسرعان ما يدمغها بالمحاسن من خلال حوارات الشخصيات مع نفسها أحيانا حيث السمة الغالبة على هذه الحوارات هي المنطقية والحجج الوافية . فجائت النصوص محبوكة حبكة بليغة ومشدودة من البداية وحتى النهاية تجعل القارئ والمتفرج يندمج معها ويتحرر من الواقع وتنمي لديه الشعور بالرغبة لفعل الصواب والغيرة على تراب الوطن .
كما احب ان اشير ان غياب المشاهد الترويحية في هذه النصوص ابرره بأن النصوص تتحدث عن احداث جلل وذات أهمية كبيرة ومصيرية فلا بد من التركيز عليها غم ألامها …
فهنيئا للمسرح العراقي بهذا المنجز الإبداعي والذي سيضيف بكل تأكيد الكثير للفن العراقي …
* احمــد طــه حاجــو