قوافلُ الليرةِ السورية تدحرُ حيتانَ الشمال/ بقلم: مرام عطية

قوافلُ الليرةِ السورية تدحرُ حيتانَ الشمال
بقلم: مرام عطية
__________________
همستْ أمَّي في أذنِ الغيمِ، سكبتْ دنانَ حبَّها تمسحُ الجراح ترفو مزقَ الأماني، ها هي السماءُ تمطرُ حناناً وتوزّعُ حزمَ النورِ على الكونِ، حيتان الشمالِ الفاغرةُ تتقزَّمُ، تنحسرُ أمام قوافلِ الليرةِ السوريةِ، تلوكُ آخرَ لقمةِ مسرةِ تتمرمرُ تشكو انكسارها للبحر، تدحرها أشبالُ العاصي الأصيلة، وخنساواتُ بردى والفراتِ
في ضواحي دمشقَ توهجَ الحبِّ يا وطني، انبثقَ ينبوعاً روى كلَّ العطاشِ للجمالِ والنقاءِ، واستطالَ أواراً على الطامعين
وعلى ضفافِ العاصي قلوبٌ دافئةٌ أذابتٍ طوقَ الحديدِ الملفوفِ على عنقِ الوطنِ، فدكت حصونَ الجشعِ، واقتلعت أوتاد المرابين؛ لتفرشَ أسواقَ القمحِ والقرنفل للجياعِ، وتملأ جرارَ الأنقياءِ بالزيتِ والزبيبِ
في بلادي أسماكٌ رائعةٌ لا تبالي بحشودِ الحيتانِ، تبني مستعمراتٍ من حبٍّ ورحمةٍ يقفُ أمامها العالمُ مذهولاً حين يشرقُ ليلُ صبرها عن فصلٍ جديدٍ وسماءٍ صافيةٍ.
أيها الجاهلُ الأحمق القادم من بلادِ الثلجِ ما أشبهك بالحرباء كل ثانية تغيرُ لونكَ وهيئتكَ! لا تمتطِ مراكب الغرورِ، لا تذهبْ بعيداً، نحن أبناءُ فينيقَ وبناةُ الحضارةِ تعلمنا في منهاجِ الحبِّ كيف تبنى الأوطانُ فغرسنا في أذهانِ الناشئة دروسَ الإيمانِ والإصرار لتحقيق الأحلامِ
وفي كنائسِ الحبِّ أوِّل درسٍ تعلَّمناه أنَّهُ لا يتأوَّجُ جواهر القيم إلا ذهبَ الغفرانِ ولا يرقى لفيروزِ المعادن الثمينة إلا جودُ النفس والقلبِ.
في كنائسِ وطني لا يفرقنا دين أو لون، وتضمنا الإنسانيةُ لهيكلها المقدس، لا خطايا أبدية في كتابها
فهي تمسح بممحاةِ المحبةِ كلَّ اسودادٍ التصقَ بالقلوب الضائعةِ وتسقي النفوسَ الضعيفة قربان التسامحِ لتشرق الحياةُ ويبتسم في عيونها الزمنُ.
____________
مرام عطية