لص … / علي السباعي

لص….
دخلَ متلصِصا تحملُه رؤوسُ أصـابعِ قدميه داخلَ المنزل ، جــال فيه متفحِصــاً الأشياءَ الغارقةَ في الظلامِ والصمت ، وكــأنه طائرٌ خُلِقَ ليعيش في ظــلام الكهوف ، دفعَ أحــدَ الأبوابِ ثم ولجَ داخلَ الغرفةِ التي ينـــام فيها زوجــان فـــوق سريرٍ حديدي عــالٍ عن الأرض، طفــلٌ رضيعٌ ينامُ فــي مهده هادئا، حملَ الطفلَ إلى خارج الغرفةِ مخافةَ أن يصحو، ســادَ الغرفةَ صمتٌ حجريٌ، راحَ يلملـمُ مــا يصادفهُ مـــن أغراضٍ في كيــسٍ قماشي، بيـــن انهماكه فـــي لملمةِ ثميــنِ الأشياء، أطلقَ الطفلُ صوتهُ باكيـاً ، بخفةٍ وكيسهُ بــيده انبطــحَ تحتَ الســرير الحديدي ، استيقظت الأمُ علــى بكــاءِ وليدها ، لكزت زَوجهـــا مرعوبــة : ( استيقظْ يا رجل ، ابنُك يبكي خارج الغرفـة !) . ســألها بصوتٍ مرتبكٍ:
(ماذا يا امرأة؟) أجابتهُ خائفةَ وهي تصـرخ 🙁 ابنــي يبكي في باحةِ الدارِ!) .
لم يعطهم الطفلُ مجالاً للتفكيرِ، بكاؤه يصم الآذان، هَرَعا إلى الخارجِ لِتَحْمِله أمهُ بين يديها خائفةً تسألُ زوجَهـا 🙁 مَن حمله؟) لـــم يمنحها الوقتَ لإكمــالِ سؤالِهــا، ارتفعت القعقعةُ تصـدرُ عــن السقفِ، البيتُ يهتزُ مـــن أساسه كــأن زِلزالا ضَرَبَــه، تَهَشمَتْ جذوعُ الأشجار التي تحمل السقفَ، تصدعت الجدرانُ ليتساقط الترابُ بكثافةٍ، تخطفت الخفافيشُ مذعورة في كلِ اتجاه قبل أن يهبــط السقف ساقطا وســط ذهول الزوجين، جهد أبناء المحلة كثيراً لإخراج جثة اللص.
بقلم: علي السباعي