مساراتُ النورِ نوافذُ حياة/ بقلم: مرام عطية

مساراتُ النورِ نوافذُ حياة/ بقلم: مرام عطية
__________________
بلمسةِ حنانٍ من يدي نايٍ شجيٍّ استيقظَ الوطنُ بعد نومٍ طويلٍ حكيماً وقوراً، أطلقَ سراحَ البوحِ الرهيفَ في حناجرِ العصافيرِ ، لوَّنَ تلالهُ بقزحِ الحبورِ ، بعد أن نفضَ عن أجفانِهِ غبارَ الكرى ، شيَّعَ أحلامهُ الورديَّةَ كما تشيِّعُ العروسُ أحلامها السَّواحرَ ، توقظها مطرقةُ الإهمالِ ، تدقُّ بابَ سعادتها الشفيفَ، فتحَ عينيهِ على خرابٍ فظيعٍ ، كادَ يودي بهِ في وادٍ بهيمٍ ، لو لم ينقذهُ إلاَّ مدرسةُ الكادحين الرائدةُ ، أصغى برهافةِ الطالبِ المجدِّ إلى مقالةِ الفلاحِ الذي خسرَ نتاجهُ بعدَ أن جمعهُ ، وخزّنهُ في أكياسٍ بعيداً عن الهواءِ والشَّمسِ 😞 ليتني ما أغلقتُ مساراتِ النورِ ، ونوافذَ الأثيرِ عَنْهُ ، فالسُّوسُ والدودُ نخرَ نوى حبَّاتِ القمحِ بسببِ الاحتباسِ الصهدِ ، لقد وصلتُ إلى المعركةِ الأشرسِ ، يالألمي !!
لقد تعافتْ وريقاتُ زروعي من جرحِ الصقيعِ، واشتدَّ عودها وهي تصارعُ الريحَ، ولكنها تفنى الآنَ من العفنِ السامِ في التربةِ الذي يصلُ معَ الجذرِ إلى الفروعِ)
قالَ الوطنُ في نفسهِ: لم أكنْ أَعْلَمُ أنَّ عليَّ أن أحبَّ أبنائي
أكثرَ، حتى لا أركع لعدوي ولا أخسرَ أمام جيوشِ أطماعهِ، فلا أشربُ كأسَ الندمِ حين تحاربني الأممُ، كان عليَّ أنْ أضمَّهم بتحنانٍ إلى صدري، أصغي برهفٍ لشكواهم، أمسحُ عن عيونهم الدمعَ، أفتحُ شرفاتِ الفكرِ للنورِ، أزرعُ فيها مشاتلَ الحبِّ، وأنثرُ بذورَ الفرحِ؛ ليتفتحَ زهرُ الإبداع، كان عليَّ أنْ أهيئ لهم مراكبَ النجاةِ؛ ليصلو ا إلى جزرِ السعادةِ ومدائنِ الجمالِ في العالم.
أحبُّكَ يا وطني أميراً قادماً من بلادِ المستقبلِ البهيةِ، تكنسُ غبارَ الوهنِ عن جسدكَ الأخضرِ يعودُ إليك الألقُ، تعانقُ شموخَ قاسيونَ يضُّمكَ أرزُ لبنانَ، تداني بالياسمين سومرَ تزيِّنكَ معلقاتُ بابلَ بالرطبِ، وتهاتفُ بالشَّوقِ أهراماتِ مِصْرَ،
يغسلكَ النيلُ بالتوليبِ والبنفسجِ، فاستحمَّ بحضارةِ الفكرِ
يكلِّلكَ الضياءُ، اقرعْ أجراسَ الحبِّ يخفتْ صوتُ الحقدِ، قشِّرْ حراشفَ التَّسلقِ على نخلتكَ السامقةَ، وتقلَّدْ جمانَ العلمِ ترقَ صروحَ المجدِ، وتعشب صحراؤكَ، فتغدقْ كرومكَ خوابي النبيذِ، وتنصبَّ أنهارُ زيتونكَ، فتنقذْ أولادكَ من منحدراتِ البؤسِ ومستنقعاتِ التعاسةِ.
_____
مرام عطية