من سيخلف الرئيس الفلسطيني محمود عباس؟ / بقلم: شاكر فريد حسن
يبدو أن نهاية حقبة رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) شارفت على الانتهاء، ولا سيما بعد دخوله المستشفى، ونتيجة حالته الصحية ونصيحة الأطباء له بالراحة كي لا تزداد حالته سوءًا.
في ظل ذلك يشهد الشارع الفلسطيني نقاشات وسجالات ومداولات وتكهنات، خصوصًا في إطار حركة ” فتح ” حول خليفة عباس القادم …!
في حقيقة الأمر أنه منذ تسنم أبو مازن منصب رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، بعد رحيل ياسر عرفات قبل ١٣ عامًا، لم تشهد فترة رئاسته أي انجاز سياسي يذكر لشعبه وللقضية الفلسطينية.
فهو من أكثر المتمسكين باتفاق اوسلو المشؤوم، الذي جلب الويلات للشعب الفلسطيني، وأدى الى تكثيف الاستيطان في المناطق الفلسطينية المحتلة، فضلًا عن تمسكه اللامحدود بالتنسيق الأمني، رغم قرار المجلس المركزي بوقف هذا التنسيق، الذي ساهم في اعتقال الكثير من الشبان الفلسطينيين المقاومين للاحتلال واستشهاد عدد منهم.
ولكن أهم شيء بالنسبة لعباس كان طوال الوقت وما زال هو كسب ود المجتمع الدولي.
ما من شك أن وضع السلطة الفلسطينية، صار في سياق جديد، بفعل استمرار الانقسام المدمر والمواجهة مع حماس، وبعد استبعاد مسألة القدس، عقب قرار ترامب اعتبارها عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الامريكية اليها، وهذا يعني في الواقع انتهاء حلم الدولة الفلسطينية. وبات الحديث عن حكم ذاتي على جزء من الضفة الغربية التي تسيطر على ملف الأمن وكل مفاعيلها الاخرى، وما صفقة العصر التي سيطرحها ترامب بعد عيد الفطر، سوى خطة جديدة لتصفية حقوق الشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حق العودة والدولة المستقلة.
ان الانقسامات التي شهدتها السلطة الوطنية الفلسطينية منذ عقد المؤتمر العام الأخير لحركة فتح العام ٢٠١٦، ومنذ انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني في نهاية نيسان الماضي قاتم من درجة التشرذم والتفتت والتشظي ورفع منسوب الشك وعدم اليقين في مستقبل السلطة كمرجع حكم يمثل الفلسطينيين في مختلف أماكن تواجدهم.
ويمكن القول، ان اي صراع داخل حركة ” فتح ” على زعامة عباس يعني المزيد من التشرذم والصراع المستمر.
ويرى المراقبون أن أمر ضبابية خلافة عباس يعود بالأساس إلى نجاح عباس في إقفال وسد الطريق على أي محاولات لإدخال تعديلات على طبيعة السلطة وسبل التحكم فيها.
وفي هذا السياق نشير إلى عملية اقصاء خصوم عباس داخل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وعلى رأسهم القيادي ياسر عبد ربه، أمين سر اللجنة سابقًا، ووزير الثقافة والاعلام في عهد عرفات، والذي لم يدع الى اعمال المجلس الوطني الأخير في الثلاثين من نيسان المنصرم.
لا ريب أن غياب الرجل الثاني القوي في السلطة، سيجعل من خليفة أبو مازن شخصية ضعيفة ومهزوزة للغاية ومجرد ختم مطاطي.
وثمة شخصيات قيادية مطروحة لتولي رئاسة السلطة الفلسطينية بعد عباس، ولا يغيب اسم القيادي الأسير مروان البرغوثي كخليفة محتمل لأبي مازن، فهو يحظى بإجماع داخل صفوف حركة ” فتح ” وفي الوجدان الشعبي الفلسطيني، كذلك فهو شخصية لا تعارضها حركة ” حماس “، لكن ذلك يبقى مستبعدًا، لأن المسألة تتطلب تدخلًا دوليًا لدى اسرائيل وهو امر يبدو غير وارد بالحسبان.
وفي المقابل تذكر بعض المصادر أن ناصر القدوة، الذي يحظى بسمعة طيبة لدى الرأي العام الفلسطيني، ومن الشخصيات المحايدة التي لا تنتمي الى الاصطفافات المتنافسة، له حظوظ وفيرة لتولي الخلافة.
لكن أكثر الترجيحات ان محمود العالول، عضو اللجنة المركزية لحركة ” فتح ” هو أكثر الأسماء المطروحة وأكثر حظًا لتولي الخلافة وتبوء منصب رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، بعد اختياره من قبل عباس ليكون نائبًا له في قيادة حركة ” فتح “.
ولا يستبعد الكثير من المراقبين والمحللين امكانية حدوث تغييرات طارئة ومفاجئة في المشهد السياسي الفلسطيني، إذا تمسك عباس بمنصبه لفترة قادمة، رغم مرضه.
وسيبقى السؤال: من سيخلف عباس في الرئاسة يشغل بال الشعب الفلسطيني بكل تياراته وشرائحه وفصائله وقواه الوطنية، ويجعلهم في توتر دائم.