24 مارس، 2025

واحة الفكر Mêrga raman

أدبية ثقافية عامة

من وصايا العاشق / نمر سعدي

 

من وصايا العاشق

موسيقا تقطِّرُ لي هواءً عمرُهُ عمرُ النجومِ

تنفَّستهُ العاشقاتُ المرهقاتُ من اكتمالِ هلالهنَّ

زليخةُ الأولى وما قبلَ الأخيرةِ.. ريمُ.. بلقيسُ.. اليمامةُ.. روضُ.. ليلى العامريَّةُ.. وردُ.. لبنى.. بثنةُ البيضاءُ.. عفراءُ.. المنى.. هندُ.. السماءُ.. وكليوبترا.. دعدُ.. حتشبسوتُ.. فاطمةُ التي امتصَّت نحيبَ الماءِ.. لارا الفارسيةُ..

(21)

آهِ موسيقا وموسيقا وموسيقا

وأزهارُ النجومِ مريضةٌ سرعانَ ما تذوي

وتتركُ خيطَ كحلٍ في الفضاءِ الخارجيِّ لبؤبؤيكِ…

(22)

يمرُّ بي شخصٌ غريبُ الحزنِ

يقضمُ نجمةً فمُهُ

يقولُ: هناكَ يجتمعانِ عاشقةٌ ومعشوقٌ

ويأتلفانِ في زوجَيْ حمامٍ طيِّبينِ على شفاهِ النهرِ في الملكوتِ..

(23)

قُدَّتْ خمرةٌ حمراءُ من حجَرٍ لتشرَخَ جسمَ مرآةِ الزمانِ اللولبيَّةِ

(24)

قلتُ للعرَّافةِ انتظري لأكبرَ

واقرئي كفِّي على مهَلٍ

ولكن لا تقولي لي الحقيقةَ فهيَ موجعةٌ

وقلبي الآنَ لا يقوى على التصديقِ

والرؤيا ستحرقني إذا كذَّبتُ..

(25)

حلَّقَ طائرٌ بيديَّ بعثرَني

فقلتُ لسندبادِ الريحِ لملِمْني

وخذ قَلقي الذي ربَّتهُ زرقاءُ اليمامةِ

منذُ كانَ الكونُ رهنَ فقاعةٍ زرقاءَ مثلَ الحبِّ

(26)

كانَ الحبُّ أزرقَ..

كانَ صوتُ الحبِّ في جسدي المسرنمِ

غيمةً زرقاءَ أغفَت في سريرِ الحبِّ

(27)

هل بشريَّةٌ في غابةِ الأسفلتِ هذي الأقحوانةُ؟

ربَّما… أو ربَّما هيَ ما أريدُ من المكانِ

ومن حنينيَ وهو يجهشُ في رمالِ يديَّ من تعَبٍ

كأني لستُ أعرفُها سوى بيديَّ

كانت أمسِ في هذا المكانِ صغيرةً

ومريضةً بالعشقِ أو صخبِ الصباحِ الساحليِّ

وحينَ تبكي أسمعُ البحرَ القريبَ يئنُّ

ثمَّ يصبُّ فيها ظلُّ ناطحةِ السحابِ المرمريُّ..

الأقحوانُ الآدميُّ الساحليُّ سدىً توعَّدني.. وهدَّدني

ونمتُ أنا ولم يمُتْ اشتهاءُ الأقحوانِ

هنا القطاراتُ السريعةُ حوَّلتهُ إلى رمادٍ داكنٍ

للذكرياتِ وللخطى والبحْرِ

(28)

أجملُ هؤلاءِ الفتيةِ الغاوينَ ذاتَ بنفسجٍ وضحىً

سيمضي مفرداً من غيرِ أن تنسى معارجُ قلبهِ الفضيَّةُ الأضواءِ

كيفَ قصيدةٌ في الصبحِ توجعها كشوكةِ نبتةِ الصُبَّارِ في حُلُمٍ..

سيذهبُ في الندى من غيرِ أن يُلوي إلى امرأةٍ ولا بلدٍ

ويأخذُ ما تراكمَ من ثرى نيسانهِ الحافي على عينيهِ

أو أثرَ الزهورِ بغيرِ معنى اللوزِ والدفلى.. ولا ينسى

مذاقَ الذنبِ في تفَّاحةِ النسيانِ

أجملُ أشقياءِ الماءِ

يحملُ صبحَهُ الغافي ويذهبُ في سديمِ ربيعهِ الأرضيِّ

يا لنحيبهِ الضوئيِّ

يا لصدى حفيفِ خطاهُ في رؤياهُ

وهوَ يفيضُ من طينِ العظامِ

ومن مراثي الحبِّ

يا للحبِّ منتصراً على قلقي الذي

ما أنضجتهُ النارُ وهيَ تروِّضُ الدمَ بالفراغِ وبالنيونِ

(29)

تقوِّمُ امرأةٌ سدىً ضلعي

وتسألني: ألستَ تحسُّ حينَ تمسَّني كمجرَّةٍ ثلجيَّةٍ

ذئبينِ يقتتلانِ حولَ حطامِ مسكِ الظبيةِ الناريِّ

أو بحرينِ يشتعلانِ في أطرافِ قلبكَ أو ظنونكَ؟

لستُ أدري الآنَ يا حوَّاءُ..

ثمَّ تقولُ أخرى: كَمْ أطَلْتُ شريعةَ التحديقِ في المرآةِ..

كنتُ ألمِّعُ النمشَ الخفيفَ النرجسيَّ

وأعشقُ الوجهَ الغريبَ

يلوحُ في وجهي ويذهبُ في السرابِ

وعندما انطفأتْ شموعُ الليلِ من حولي

أفقتُ.. ركضتُ في حلمي إلى المرآةِ

لكن في الحقيقةِ لم أجدْ وجهي

ولم أتذكَّرْ الأشياءَ…

أذكرُ أنَّ أزهارَ التفاصيلِ الصغيرةِ في دمي

كانت تشبُّ بغيرِ ريحٍ ثمَّ تنطفئُ..

الرمادَ بقوسهِ الأعمى

يغطِّي زهرةَ الرمَّانِ في قلبي

وأذكرُ أنَّ ديكَ الجنِّ كانَ بكأسِ فخَّارٍ يطوفُ عليَّ

ثمَّ يشُمُّ ماءَ النهرِ فيَّ كنجمةٍ عطشى

ارتمتْ في الشمسِ من أعلى اشتهاءاتي

الغريبُ الآنَ ديكُ الجنِّ

يشربُ خمرتي الفصحى ولا ترويهِ

ثمَّ يقولُ كانتْ ها هنا في الأمسِ خمرةُ وردَ

كانتْ وردُ جرحَ دمي

صليبي في ظلامِ البردْ

نمر سعدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © All rights reserved. | Newsphere by AF themes.