الموت قادم وكلنا زائلون ولامكان للخلود على الأرض ….. نص فلسفي
الفوضى التي انتشرت في البشرية من قتل وحرق ونهب واعتداء على حقوق وكرامة وحرية البشر جعلتني أعلن برائتي من هذه الحضارة لذا سميت نفسي باللامنتمي لأنني وصلت في نهاية المطاف الى مرحلة من الوعي والإدراك شعرت فيها إن انتمائي لهذه الحضارة المتعفنة القذرة هي بمثابة سقوط لقيمتي كفرد واعي عاشق ثوري حالم لذا اخترت اللانتماء تعريفا وصفة وطريقا ونهجا لي كإنسان وكمبدع هنا تضحكني هذه الفوضى التي انتشرت كالسرطان في جسد البشرية وتراودني اثناء الضحكة الكثير من الأسئلة الغريبة الأطوار منها لما تقام الحروب ولما تقتل الأرواح ولما تستعبد الأجساد فترى العالم مليئاً بالجائعين والمساكين والمحرومين والبؤساء ولما السلطة وما فائدتها ولما المال وهذه الحروب العبثية التي تجتاح البطون الفارغة والعقول المستسلمة للظلم والاضطهاد كثيرة هي الأسئلة التي تحتوي ضحكاتي الهستيرية لكن أجوبتها واحدة هنا تكمن اللهفة الفكرية والفلسفية فما يحصل من فوضى وبأي شكل كانت وفي أي بقعة من العالم ستكون نتيجته الموت …..
الموت هو حصيلة كل بداية ونهاية فالحروب إذا دقت طبولها أم لم تدق فالمتحاربون سيموتون يوما ما والسلطة ستندثر يوما ما والمال سيكون في طي النسيان والحرق والنهب والفساد وكل شيء خاضع للحياة زائل يوما ما فالفقير والجائع سيموت ومثله الثري والغني سيتذوق ذات الطعم ومن ذات الطبق فمهما حصل من أشياء فظيعة وشنيعة في هذا العالم فنهايته الموت فليس هنالك خلود لأي شيء حي ومن يعيش على هذه القرية الصغيرة التي تسمى بالأرض زائل وسيمحو ولن يبقى له أثر أي لا مكان للخلود هنا فنحن المبدعون نكتب ونلقي القصائد ونرسم ونعرض لوحاتنا ونعيش في عالم من النجومية والشهرة لكن لا فائدة من كل هذا ولا قيمة له والموت نهايته فمن لا يكتب الشعر ومن لا يرسم ومن لم تلتقطه عدسة كاميرا في مسيرة حياته سيسجل في رصيده الموت فكل شيء زائف ووهمي فما نعيشه من عظمة وجنون وهيستيريا مصيره الاندثار تحت التراب …..
هنا ربما يقول البعض لما هذا التشاؤم وما هذه النظرة السوداوية هنا أرد عليهم أنها الحقيقة يا سادتي وسيداتي الحقيقة التي يجب إن يعرفه كل كائن حي على وجه الأرض بداية بالغفير وصولا الى الوزير لذا ما يحصل الآن ومن كل الأطراف الإنسانية التي تعيش بكبريائها وعنفوانها وفقرها وجوعها سيكون مصيره الموت …..
فلا يوجد أي انسان مهما كانت قدرته وطاقته إن يمحو هذه الحقيقة وبالمقابل من لا يملك أي قدرة وطاقة فمصيره ذات الحقيقة ألا وهي الموت لذا وبما انني سأموت في نهاية المطاف فلقد اعلنت عدم انتمائي لهذه الحضارة لأنني وصلت الى الحقيقة التي وأن كانت مرة فستبقى الحقيقة التي لها وجود الزمان وإلى مدى الدهر لهذا أعلنت لا انتمائي لأي شيء وأي شيء ففي النهاية أنا راحل لكن يبقى شيء إن ارحل بصمت دون إن أعرف الحقيقة شيء وأن ارحل وأنا عرفتها بزمن طويل فهذا يعتبر ثورة …..
فأنا ثائر في الحياة وثائر في الموت
وهذا معادلة لم يصلها ولن يصلها الكثيرون من التائهين الضائعين بين الحروب والمال والسلطة والفقر والجوع والظلم والاضطهاد في هذا العالم فهم يعيشون في أحلام هي زائلة اليوم أو غدا فلا بقاء لظالم ولا بقاء لفقير فلا مفر منها أيها الطغاة وأيها الفقراء فالموت قادم وكلنا زائلون ولامكان للخلود فالنهاية تراب فوقنا ……
ايفان زيباري
شاعر وكاتب