وصايا العاشق/ نمر سعدي – واحة الفكر Mêrga raman

 

وصايا العاشق

(11)

أكشفُ ما اشتهى السفَّاحُ

من جَسَدي وجسمِكِ

لا أخبِّئُ من ملاءاتِ انتحابِ الكستناءِ

عليكِ غيرَ الظلِّ

يمضغُ ما تبقَّى من صراخِ الأبرياءِ ودمعهم

في رعشةِ الأسمنتِ

لا تقوى عليكِ أصابعُ الجَمرِ

التي قُدَّتْ من الأسفلتِ…

(12)

روَّضني غيابُكِ فانسلَلتِ إليَّ من مطَرٍ المراعي…

وانسحبتِ كظبيةِ النورِ الصغيرةِ من مخالبهم

تمائمُ عطرِكِ الكليِّ لوَّعتْ الذئابَ

فلا تزالُ هناكَ من آثامها تعوي

وتهوي في جحيمِكِ…

عشبةٌ في الماءِ قلبي

ليسَ تعصمها الهشاشةُ من نجومِكِ

والصدى الذاوي لصمتكِ في ورودِ الماءِ

(13)

كنتُ أضعتُ شيئاً

في هروبي من جنودِ معذِّبي..

شيئاً صغيراً منكِ لستُ الآنَ أذكرُهُ

كأني خفتُ من موجٍ يزمجرُ

قابَ قلبي كانَ

حينَ أضعتُ خاتمكِ الذي

وضعتْ ملائكةٌ على قلبي

بخفَّةِ غيمةٍ في الأقحوانِ..

(14)

وفي طريقِ البحرِ أغنيةٌ

تحثُّ دمي على الطيرانِ

لنْ أنسى فلا شَبحي هنا شَبحي

ولا سيناءُ سينائي

اعطني سبباً لأعرفَ

أنَّ ما أنا فيهِ ليسَ من التقمُّصِ

واعطني قلباً لكي أنسى

وأذهبَ في طريقِ البحرِ

(15)

أُصغي للحمامةِ وهيَ تهدلُ

في الصباحِ الشاعريِّ

كم الشتاءُ جميلٌ

الشمسُ استحمَّتْ بالذي استعصى

من الأمطارِ في النجمِ البعيدِ على النزولِ

كم الشتاءُ جميلٌ

البردُ الخفيفُ وقبَّراتُ الروحِ

ناياتُ الهديلِ المطمئنِ

قصيدةٌ عصماءُ في مدحِ الهواءِ

فراشةٌ في الماءِ أسمعها تناديني

فتمحو من شراييني صراخَ الأرضِ..

يا لرمادِ يأجوجٍ ومأجوجٍ…

(16)

أرى بدمي وأسمعُ كلَّ خفقةِ وردةٍ أو طائرٍ

أو كائنٍ أعمى تقرَّى لي يديَّ..

ولا أفكِّرُ بالظلامِ الرطبِ من حولي

وبالصدأِ النظيفِ

فما تراكمَ منهُ حولَ فمي

سيزهرُ بعدَ هذا الليلِ كالنارنجِ حولَ يدِ المدينةِ

أو يُرشُّ على صدى حوريَّةٍ كيْ تستردَّ شبابَها المنسيَّ..

(17)

هذا الليلُ هاويةٌ تزمُّ الضوءَ في قلبي

لأشرسهنَّ إحساساً..

أرى بدمي.. افتحي عينيَّ في أبهى نعاسِ الآسِ يا امرأتي

فأجنحتي مطهرَّةٌ بخمرِ يديكِ أو بالجمرِ فانتبهي

إلى شَبَهي.. فليسَ على الصليبِ سواكِ

لستُ أنا يهوذا.. لا..

فكيفَ همستِ في أذني..

وكانَ يسوعُ أصفى من بكاءِ الماسِ في روحي

وكنتِ تودِّعينَ الذكرياتِ

وتسحبينَ خطاكِ من عطرِ الندى

أبقبلةٍ سلَّمتني.. أبقبلةٍ

رقصتْ سالومي حولَ رأسي

كلَّ هذا الليلِ ضاحكةً..

وباسمي في الفراشِ زنَتْ؟

(18)

أرى عصفورةً بيضاءَ تخفقُ كالغمامةِ حولَ قلبي

حينَ يبكي الشوكُ في عينيَّ تبسمُ لي فأبسمُ

كلَّما تصحو شراييني تعمِّدها بدمعِ الخَلِّ…

ترشدُها إلى ضوءِ المدامةِ في الندامةِ…

لم يقلْ شبَهي أتعرفني؟

ولمْ أجبْ الظلامَ بلا ولا نعَمٍ..

علامَ يصيحُ هذا الديكُ

فوقَ نوافذ الفجرِ الأخيرِ إذنْ؟

(19)

تعذِّبني بنفسجةُ الصباحِ

وما تساقطَ من سماءِ يديكِ

من رُطبٍ ومن عنبٍ ومن صخبٍ يعذِّبني..

تعذِّبني أنوثتُكِ التي استعصتْ على التوصيفِ..

يُفحمني نبيذكُ كلَّما قايضتهُ بالماءِ

هل من أجلِ هذا تقتفي شفتيكِ أقبيتي

وجمرُ أصابعي ما زالَ يلمعُ فيكِ؟

نمر سعدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *