العطر الوردي/ رشا السيد أحمد – واحة الفكر Mêrga raman

العطر الوردي

أحمله بيدي وردي شفيف، يقطر وجعاً بصمت عجيب، لكن عطره ما زال نفاذا، صخب المدينة واحتفالاتها الجميلة هذا الصباح لم يجعلني سعيدة، ندخل لمحل فاخر للعطر أنا وصديقتي، نغرق بغلالات العطر الفرنسي التي نحب نأخذ الزجاجات التي اخترناها في سلة المشتريات علها تريحنا بجوها السعيد

تقول صديقتي ديالا: خدي شمي كم رائحة هذا العطر جميلة إنها عطر حبيبي البعيد، أرد عليها جميلة للغاية، لكن بعيد ؟!

ترد بوجع وابتسامة مجروحة: في دبي فقد افترقنا

قلت: لكنك ما زلت تحبينه

ضحكت وتابعنا نتفحص العطور بالزجاجات الفاخرة في المحل وأنا ما زلت أحمله بيدي يأن وجعاً بشدة تبا للوجع، والدوار يزداد برأسي

سألتني البائعة: هل أساعدك في الاختيار ؟!

قلت: أشكرك لا حاجة، نتابع بضحكات رشيقة أنا وصديقتي أبحث عن أحدث ما قدمته ديور تفتح الزجاجة تناولني إياها أشمها، آها جدا ناعمة ساحرة ومثيرة كم تُشبهكَ رائحة هذا العطر أيها القصي القريب! .

نعم روحي متعبة بحاجة لعطر يحتوي الكثير من أسرار الجمال يجعلني أقف أكثر على شرفات عالية جدا، أخذها وأضعها مع بقية الأشياء الصغيرة في سلة المشتريات

ما زلت أشم رائحة أنينه، كل تلك العطور الفاخرة التي اغتسلنا بها، لم تزل وجعه من داخلي ما زلت أحمله في يدي بعينيهِ الذابلة وكآبة تعتريه وهو يصرخ بصمت!

ضحكنا أنا وصديقتي كثيرا فكم من العطور شممنا لهذا اليوم يا للجنون لكنها لم تزيل الوجع داخلي!

نخرج من المحل لمنتصف المدينة الاحتفالات الناعمة لهذا الصباح هادئة ورقيقة، ورؤية محلات الفضيات الفاخرة كانت جميلة للغاية وابتسامات الباعة لنا وملاطفة البائعات والوجوه السعيدة والزينة و” السلفيات ” كان رائعا لكن كل ذلك لم يستطيع أن يغسلني من الوجع.

نتوجه أنا وهي لقاعة الامتحانات بضحكات ساخرة من عبثية الحياة وكيف تعصف بالقلوب يزداد الدوار برأسي أشعر بانقباض بصدري، إعدادي جيدا للامتحان لكن الدوار الذي ألم بي هذا الفجر يزداد جدا وكذا الصقيع يتمدد أكثر بشراييني واليد الغير مرئية التي انقضت على معدتي وصدري هذا الصباح كانت تحكم الضغط أكثر فأكثر، فيزداد الألم أكثر ومعه يزداد لدي الشعور بالإقياء أكثر، فنجان الكابتشينو مع الكريمة الذي شربته أنا وصديقتي قبل قليل ما زال يقبع في معدتي ولا غير

ندخل قاعة الامتحان لا رغبة لدي اليوم حتى بتقديم الامتحان تباً للوجع حين يعصرنا لا يعرف أن يهدأ قليلا، لم يكن يشغلني الوجع وأنا أحمله وأدخل قاعة الامتحان بقدر ما كان يتعبني مسبب الوجع، ابتسامة الأستاذ المراقب وطمأننه علي لم يخفف من حدة الدوار اكتب الجزء الأول والثاني من الامتحان أشعر بأنني سأسقط سأستفرغ. الانقباض يشتد داخلي أنفصل عن المكان، أعتذر عن المتابعة وأطلب التأجيل للدورة القادمة أمزق أوراقي وأخرج للاستراحة في الخارج يترك القاعة الأستاذ يرافقني هل أنت بخير ما الذي تحملينه في يدك أنه ينزف ؟!

أجيبه نعم إنه قلبي!

لم يزعجني إني تركت الامتحان لم يزعجني كل فترة التحضير المتعبة التي رميتها وراء ظهري بقدر ما أتعبني أنين قلبي النازف بين يدي.

أهدأ. أستريح. يمر الشريط سريعا بذاكرتي تمسد يد الله رأسي أخذ نفسا عميقاً …. عميقاً، أقف ثم نخرج مرة ثانية أنا وصديقتي نجد الشمس مشرقة، ابتسم رغم الوجع وأقول: ها هي تشرق من جديد سماء درزدن وتحمل في ابتسامتها للقلوب النازفة أمل جديد لندع الحياة تمر بهدوء فهي أستاذة الجميع.

 

بقلم: رشا السيد أحمد

 

درزدن: عاصمة ولاية ساكسونية تقع في الجانب الشرقي من ألمانيا.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *