خمسة اشهر على حدوث الاستفتاء في تركيا/ الاء السعودي – واحة الفكر Mêrga raman

 

خمسة اشهر على حدوث الاستفتاء في تركيا

رجب طيب اردوغان، الرئيس التركي الحالي والذي استطاع تحقيق انتصار طاغ ولكن بصعوبة في استفتاء السلطات الرئاسية، حيث رفعت تركيا على اثر ذلك تركيا شعار “الرجل الواحد”، ولكن الانتصار بكل الاحوال، جاء بنسبة اقل بكثير من التي كانت متوقعة ضمن اعضاء حزبه حزب العدالة والتنمية، مما اعطى اشعارا عن مؤيديه في تراجع وشعبيته الجماهيرية في انحسار، ولكن هل هذا ما يحدث حقا؟

تركيا بعد فوز اردوغان بالاستفتاء الدستوري الذي كان في ابريل المنصرم أصبحت مقسمة بين العودة لزمن “الحرملك” السياسي، وبين العشق العلماني والتشبث بقيم الليبرالية والديمقراطية! انقسام واسع في الشارع التركي بسبب غموض افق ما بعد الاستفتاء وسط تخوفات من تراجع الحريات، وهذا شيء مؤكد حصوله خصوصا بعد فوز اردوغان وتشنج في العلاقات مع اوروبا الرافضة لهذا الاستفتاء من الأساس الذي سيكرس نظام دكتاتوري اردوغاني، فهو الآن بعد فوزه بالاستفتاء اصبح يتربع على رأس مؤسسة حكومية وقضائية وإعلامية شبه خالية من المعارضين بعد تقليم جماعة غولن والجيش وبقية أجهزة الدولة والمنظمات الإعلامية، ولم يعد هناك منازع على السلطة قد يشكل خطرا على مركزه فوق هرم الدولة التركية، هذا غير الانقسام والشرخ الذي حصل بالمجتمع بين مؤيد لسياسة اردوغان ومعارض لها، خصوصا بعد تصفيته لخصومه المعارضين له، كما ان رفض الرئيس التركي للانتقاد، ورغبته بالانتقام من كل من يعارضه سواءا ان كان في الأحزاب المعارضة أو في الحكومة والمؤسسات والإعلام عن طريق إغلاق الصحف والقبض على الصحفيين في وسائل الإعلام المناهضة لسياساته، الامر الذي سيؤدي الى تحجيم كبير في المعارضة والتي حاولت الوقوف انذاك ضد الاستفتاء الدستوري.

ومن ينسى حين شن سلاح الجو التركي غارات على مواقع كردية في شمال سوريا وفي منطقة سنجار التي تقع شمال غرب العراق والتي اوقعت اكثر من ثلاثين قتيلا ضمن عمليات التطهير التي امر بها المختار اردوغان حين فوزه بالاستفتاء، حيث استهدفت الضربات وحدات حماية الشعب الكردي في سوريا وحزب العمال الكردستاني وحلفائه والقائمين عليه في العراق.. وقد عبرت الولايات المتحدة والخارجية الامريكية حينها عن قلقها العميق ازاء القصف التركي، لكن انقرة كالعادة كان تستغل ذلك للخروج بمظهر المنقذ والمتسلط في ذات الوقت وابغلت واشنطن وموسكو مسبقا بالضربات وكانه تحدي او لعبة “شد الحبلة“.

ومنذ ذلك الانقلاب المنصرم، تم اعتقال اكثر من خمسون الف شخصا غالبيتهم من الشرطة العسكرية والقضاة الشرعيين والمدنيين والمدرسين الجامعيين، اضافة الى كتاب راي ومعلقون ونقاد ومحررون وكان اردوغان يريد تصفية كل من يقف في طريقه على الكامل، اضافة الى انه تم طرد او تعليق اكثر من مئة الف اخرين على خلفية حالة الطوارئ التي اعلنتها الحكومة التركية حين محاولة الانقلاب.

الا انه في الوقت الذي تستعد تركيا لهذا “العيد” حسب قول اردوغان، يقبع عشرات الصحفيين والقضاة والمعارضين في السجون بعد الانقلاب “المشبوه” الذي استغله اردوغان بخطابه “الشعبوي” لحشد المزيد من المتعاطفين “الغير اسلاميين” للتصويت لصالح تركيا الجديدة، حيث ستتنازل فيه تركيا بمضض عن حكمها “البرلماني” لصالح حكم “الرجل الواحد” الذي ينوي توسيع صلاحياته الى ابعد حد، ليس ذلك فحسب، بل سيستطيع اردوغان الترشح لفترتين انتخابيتين مع دخول النظام الرئاسي بدل البرلماني عام 2019، ما يعني أنه قد يبقى في الحكم إذا فاز في الانتخابات حتى عام 2019، ما يعني أنه قد يبقى رئيساً لمدة 51 عاما، هذا غير توليه منصب رئاسة الوزراء قبل ذلك لمدة ١—٢— عاماً، أما بالنسبة لاردوغان نفسه، يعتبر الانتصار في الاستفتاء الدستوري تكليلاً لمشوار طويل على رأس منظومة الحكم التركية تضمنت طموحاً لا يكل ولا يمل في تجميع أوجه السلطة ومقاليد الحكم في تركيا، النتيجة هي بمثابة سحق للنظام البرلماني، وستنزع تركيا على اثره رداء الوصايا، النظام الجديد سيضعف البيروقراطية في أخذ القرارات القومية التي تهدد بنيان الدولة، وسيضاعف من الاحتكار ومبادئ القوة المطلقة، اضافة الى ان الدستور الجديد يجعل السلطة التنفيذية بيد الرئيس لوحده بدلا من مشاركة الحكومة بها وهو الأمر الذي سيسرع أخذ القرارات الصعبة دون دراسة التي تحتاجها تركيا في ظل الأزمات التي تمر بها المنطقة، يبدو ان اردوغان اليوم اصبح ينازع اتاتورك في الحصول على امتيازات اهم شخصية في تاريخ تركيا المعاصر، على العموم تركيا لا تزال علمانية، وبما ان احد اهم الدعائم التي ترتكز عليها العلمانية هو “حق الشعوب في تقرير مصيرها”، فإنه للشعب التركي ما أراد… وله ما سيحصد.

بقلم: الاء السعودي

raialyoum رأي اليوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *