لم أخبرك/ أديبة حسيكة – واحة الفكر Mêrga raman

لم أخبرك ….

السمكة التي اصطدتها من البرية

تشبه قلبي

كيف تحولت زعانفها إلى جناحي عصفورة

وتحررت أنفاس قلبها كدوار بحر!

لم أخبرك عن قلب البحر

كيف قفز فضاءا عاريا وطازجا ومقليا بالزيت وشهيا كقبلة حبيب غائب

لم أخبرك….

عن عطش الزنبقة البيضاء التي فغرت فاها لقطرة ماء

ولو أن الله لم يمدها بأنوار روحك لنطقت بالشوق لريق قبلتك وضجت بالهوس لفتور بسمتك ولتخضبت وجنتاها بحمى البكاء

ولعضت بالدلال على شفاه ليلتك الحمراء

عن القبلة التي سرقتها لك نجمة في آخر الليل

فأطفأت مصابيح عيوني وأضاءت نجمتان على وجهك تصليان الفجر

وأنت أول الصور المخبأة في نيكتف الذاكرة

وأول الأسماء المتداولة على شفة صباحي

وأول الأوراق التي أمزق بياض قلبها من الرزنامة وارميها بسلة صدري

كلما مزقت بيدي اسمك

رفعت باليد الأخرى ميلاد كأس نخبك

واخترعت لي جسدا من ورق وقبل

وتاريخا خرافيا من صلصال وعسل

لم أخبرك…

عن الكذب كيف تحول تاريخا شهيا يقتات على دم الحروب الآتية المستعصية البراءة

وعن البراءة حين نامت بين أوراق مناهجنا أصابعا من تهمة…ووردة تراكولا هرمه من أسنان ودم

لم أخبرك….

عن حروف اسمي في معجم يأخذ بأوائل الكلمات وأول الضحكات وآخر الكلمات المنسية بآخر الحصص الدراسية

وكيف تراجع بإحصائية وضع اليد على قلب الملكية لأذيله آخر سطر القصيدة باسم رسائل عاشقه عنيدة

وخرافة حب سعيدة

لم أخبرك….

عن تضخم الألم في قلب أنهكه أدعاء فراغ الغيرة وتقمص جسد السكون.

عن الوقت الضائع الذي قطعته غيوما من بخار يأسي فوق رأسي

واصطدم بيافوخ فصولك الثلاثة

فتحايلت على خريف عمري

وعبأت خزان قلبي بغيم السماء

وبعت دموعه زهدا

لعطاش الحرف

في السوق السوداء

عبوات ماء

وكلما قطفت من حلمي

شفة العطش

أزهرت براعم حرفك في فمي قبله

وكلما اشتد على جفاف روحي

فاضت ذكرى بحارك بين جفوني

وغرقت بشبر ماء على حين غفلة

لم أخبرك….

عن ليلك الممدود نحوي كيف تقلص

وعن دوران أصابع الظل كشجرة متمردة فوق فصول جسدي الذي دار به عتاب غيابك من جهاته الأربع فاستدار كالعاصفة ليقف على رجل واحده

في فراغ عمر أجوف

لم أخبرك….

عن وردة الواتس الغبيه التي أرسلت رسائل قبلها الساخنة ودموع عيونها الفاتنه الى حبيبها

فقصوا لها رموشها في اليوم الثاني من عرسها

وشفروا لغات الفرح في العيون

فنامت بدمعها بلا جفون

وعن المسيرة الحاشدة على ضفاف المدن والحدائق في بلادي والتي تنادي:

علقوا مشانق الورد

وانصبوا لأغنيات الحب منابرا من دعاة

وأقيموا للحرف وليمة من عرس صمت

فقلوب العاشقين رفات

لم أخبرك….

عن حبر شعوب أقلامك النائمة في المشافي

والتي تنزف دمي الساخن على دم أعصابك الباردة

بلا مبالاة

لم أخبرك وأنت على فراش الألم

إنني كنت أموت

وأكثر ما كان يؤلمني

أنني على قيد الحياة.

 

بقلم: أديبة حسيكة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *