الحرب والوضع الإنساني الخطير في الجمهورية اليمنية/ فارس قائد الحداد – واحة الفكر Mêrga raman

الحرب والوضع الإنساني الخطير في الجمهورية اليمنية

 

 

إن الوضع الإنساني المروع والكارثي في اليمن يفوق الخيال. ويعجز للفرد الحديث عنه فقبل عامين، لم يتنبأ أحد بأن الصراع والحرب الدائرة ستستمران، وإن الملايين من أبناء الشعب اليمني سيعانون من سوء التغذية الحاد والفقر والتدهور الاقتصادي وانقطاع المرتبات على الموظفين المدنيين والعسكريين التي سببت كارثة إنسانية بامتياز.

وتفشي الأمراض والأوبئة القاتلة كالكوليرا والدفتيريا وسيفقدون المياه الآمنة والنظيفة ولا يجدون مأوى لهم. تعتبر الأزمة في اليمن اليوم هي أسوأ أزمة إنسانية في العالم، ويدل الوقع المؤلم من الأرض أنه مع الوقت وبكل تأكيد، إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه، فإن المجاعة لن تكون وهماً بعد الآن، بل ستكون حقيقة تفصل بين الحياة والموت. إن أي توسع الحصار والحرب، سيؤثر تأثيراً شديداً على الحالة الإنسانية ويعرض الملايين للخطر.

 

إن الملايين من الناس الذين أجبروا على الفرار من ديارهم ليصبحوا نازحين في وطنهم يعتبرون من الضحايا هذه الأزمة. وهم الذين يعانون أكثر من غيرهم وستظل معاناتهم إذا طال أمد الحرب. وفي ظل المجاعة وسوء التغذية والخوف وانعدام الأمن وانعدام فرص العمل والدخل وتفشي الأمراض مثل الكوليرا، أصبحت حياتهم اليومية بائسة. ويضيف الجفاف والفيضانات والطقس البارد مزيدا من البؤس والمعاناة لحياتهم.

 

في كل مرة نزور فيها الأسر النازحة نشعُر بالوحدة وتضيعُ منا الكلمات. كيف تمكنوا هم وآخرون كُثر من الوصول إلى هُنا على الرغم من الصعوبات الاستثنائية التي واجهوها على مدى 24 شهرا مضى. كيف استمروا بالتقدم للأمام وهم يعيشون تحت أعاصير الرياح التي تحطم ملاجئهم المصنوعة من العُلب البلاستيكية وأوراق الأشجار وأغصانها؟ وفي نهاية المطاف تُغرق الأمطار الغزيرة كل شيء، مما يضطرهم إلى التقاط القطع المتناثرة لمنازلهم وإعادة بناء ملاجئ جديدة من الصفر.

. ان انعدام الأمن الغذائي مرتفع جدا بين اليمنيين ويعتبر التحدي المتمثل في البقاء والنمو عبئا هائلا على عاتق هؤلاء الصغار. ان تأمين وجبات الطعام كل يوم يعتبر أولوية قصوى حيث لا يكاد يكون هناك أي وظيفة مناسبة متاحة لمن هم في مثل سنهم. الأزمة يمكن أن تجعل الشخص قوي جدا ولكن الصمود في مثل هذه الظروف يكشف عن شجاعة استثنائية. فاطمة ذات العمر الصغير وقصتها متداوله بين الجميع، مثل العديد من الآخرين، لديها تلك الشجاعة للبقاء في العراء في خيمة مؤقتة جنبا إلى جنب مع أشقائها. كما أنها تخيط الملابس وتبيعها للعائلات المجاورة مقابل المال لتتمكن من شراء الطعام.

 

إن الإصدار الأخير للتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي وعلى الرغم من توسع دائرة المجاعة في الكثير من المحافظات اليمنية فإنه يُظهر بوضوح أن الوضع يزداد سوءا يوما بعد يوم. ان من أكثر القضايا قلقاً والتي تهدد حياة النازحين هي تناولهم لكميات أقل من الطعام تصل في بعض الأحيان إلى وجبة واحدة في اليوم. أما في حجة والحدیدة، وأب فإن الفتیات والنساء يعتبرن في وضع أكثر خطورة من بين أفراد الأسرة.

حيث وانه في بعض الأحيان يجب الا يكتفى بالوجبة الوحيدة للأسرة. وهذا مثال على كيفية زيادة سوء التغذية على مستوى الأسرة.

 

ان الوضع في المجتمعات المضيفة سيئ أيضا حيث يكسب رب الأسرة أقل بسبب الأزمة، في حين أنه يعيل ما يتراوح بين 15 و20 شخصا في بعض الاحيان وكلهم يتقاسمون الطعام المتوفر.

وعلى ارض الواقع، لاتزال الأسواق المحلية تعمل، كما تتوفر المواد الغذائية الأساسية مثل الدقيق والقمح وزيت الطبخ والخضراوات والأرز. ومع ذلك، فإن انخفاض الدخل اليومي للناس يحد من قدرتهم على الشراء. من ناحية أخرى، وباستثناء الخبز، فان اسعار المواد الغذائية قد ارتفعت خلال العامين الماضيين بنسبة 22 في المئة مما كانت عليه قبل الحرب. كما أثر الحصار بحكم الأمر الواقع والمعوقات المفروضة على واردات الأغذية، غير أن التجار الصغار والمحليين في مدينة حجة والحديدة تمكنوا من بيع المواد الغذائية الأساسية دون عوائق. وفي ظل هذه الظروف، تلجأ الأسر النازحة، من أجل توفير وجبات يومية، إلى بيع أصولها الثمينة المتمثلة بالثروة الحيوانية.

 

إن الشعب اليمني ومعاناته لا يمكن التعبير عنه بالكلمات. بل اننا ندعو ونناشد أحرار الانسانية وكل الأطراف في الداخل والخارج الى إيقاف الحرب والعودة الى الحلول السلمية.

 

 

 

 

بقلم: فارس قائد الحداد / اليمن

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *