الشاعرة ميساء سيفو: لن أهجر الشعر يوماً لأني أجد ذاتي فيه، ووالدتي كانت الداعمة الأولى لموهبتي وعالمي اللامحدود – واحة الفكر Mêrga raman

الشاعرة ميساء سيفو: لن أهجر الشعر يوماً لأني أجد ذاتي فيه، ووالدتي كانت الداعمة الأولى لموهبتي وعالمي اللامحدود

ميساء سيفو: لا تحبذ التأثر بشاعر معين وترى أن كل مبدع يجب أن تكون له بصمة مميزة ومنفردة.

حوار مع الشاعرة ميساء سيفو/ خالد ديريك

ميساء علي سيفو من مواليد مدينة سلمية بمحافظة حماة ـ سوريا والتي تسمى ب (أم القاهرة). سلمية مدينة مليئة بقصص العجائز الحنونات وأسرار العاشقين والعاشقات.

وهي(السلمية) ملهمة الشعراء والفنانين، فما انفك شاعر زارها إلا وكان لها نصيب في قصائده لأنها تستحق فعلاً، وكذلك ستجد في كل بيت فيها تقريباً إما شاعر أو أديب أو فنان مبدع.

 

 

هي مدينة الأصالة والتراث والفكر بلا منازع، وأرض الخير والمحبة والطيبة بلا منافس. ومناخها الصحراوي لم يزد أهلها إلا صلابةً وحباً للحياة.

أيلول(سبتمبر) بالنسبة للشاعرة ميساء سيفو هو شهر التناقضات بقدر ما تحبه، بقدر ما تتمنى أن يحذف من أشهر السنة.

فيه ولدت ميساء سيفو فكانت فرحة لوالديها، وهو الشهر نفسه، الذي توفي فيه والدها فأصبحت يتيمة وهي لم تتجاوز بعد سنة واحدة من عمرها. ستقضي والدتها، الشابة الخلوقة وهي مدرسة مادة الرياضيات بقية عمرها في تربية طفليها (ولد وبنت) والسهر على راحتهما لتعوضهما عن اليتم الذي أصابهما باكراً.  فهي لا تعرف ولا تتذكر شيئاً عن والدها إلا من خلال الصور وأحاديث أُمها.

تعلقت ميساء سيفو في طفولتها بوالدتها تعلقاً كبيراً، يزيد على تعلق قريناتها بأمهاتهم، وكلما كبرت ميساء، كلما ازداد هذا التعلق، فهي (والدتها) كل عالمها، ولا حدود لعطائها وحنانها، وكانت ولا تزال مثلها الأعلى.  وميساء سيفو الآن زوجة وأم لطفلين، وهي تقلد والدتها، وفي أوقات كثيرة تتقمصها.

 

الشاعرة ميساء سيفو

 

 

انطلاقتها الشعرية:

أفتخر أني من مدينة السلمية التي أنجبت محمد الماغوط وغيره من الشعراء والأدباء. وقد نشأت في أجواء ثقافية كان لها الأثر الأكبر في نفسي وجعلني أحب الشعر وكتابته.

أحببت الشعر منذ الصغر، وبدأت أكتبه بكل ما أملك من شغف وتعلق بالمفردات، على الرغم من صغر سني. قرأت للكثير من الشعراء، ووجدت في خالي الشاعر ناصحاً وموجهاً، فقد كان يختار لي القصائد العمودية للمتنبي ولبعض الشعراء الجاهلية لأحفظها. وألقيها أمام الأصدقاء والاقرباء، فالمتنبي هو الشاعر الذي نشأت على محبة أشعاره. ووالدتي كانت الداعمة الأولى لموهبتي وعالمي اللامحدود والذي يحيط بي من كل الجهات فقد كتبت عنها ولها.

وكذلك في صغري تأثرت أيضاً بما يحيط بي وبما أعيشه فكتبت عن القضية الفلسطينية وعن انتفاضة الحجارة وعن تعلق الإنسان بالأرض.

 

وإلى الآن، لم أتأثر بشاعر بعينه، فقد حاولت أن أقرأ لشعراء كبار ولشعراء شباب وشابات. وبذلك أغني تجربتي. أنا لا أحبذ التأثر بشاعر معين بل أنحو في أسلوبي إلى الابتعاد عن التأثر وأخذ خط خاص يميزني فلكل مبدع يجب أن يكون له بصمة مميزة ومنفردة

وتقول: إن بذرة الأدب عامة والشعر خاصة لا تنمو في بيئة معينة وليس لها صلة بالحياة الاجتماعية، لكنها تحتاج للموهبة بالدرجة الأولى، ولأحاسيس جياشة وخيال خصب. فالمبدع يشعر أنه يمتلك فكرة أو عاطفة أو رسالة يجب أن يؤديها عند ذلك تنطلق القصيدة أو القصة أو حتى لوحة الرسم أو القطعة الموسيقية…. إلخ، طبعاً حسب ميل الشخص وموهبته. على أن الموهبة وحدها لا تكفي فلا بد من صقلها وإنمائها بالتجربة والقراءة والمشاهدة.

 

لا طقوس ولا ظروف معينة للكتابة:

ليس لي طقوس خاصة في الكتابة ولا أتقيد بظرف معين فيمكن أن أكتب في أي مكان أو زمان، أو عندما أشاهد موقفاً لينطلق القصيد الذي ربما أكتبه دفعة واحدة أو على مراحل وممكن أن أتركه وأعود إليه بعد زمن إلى أن يستوي ويستقيم لأنقحه وأعدل فيه إن كان يحتاج لذلك. ويحفزنا أشياء كثيرة للكتابة في أيامنا هذه، فيكفي أن أرى مشهداً أو موقفاً محزناً كان أم مفرحاً أو أن أسمع قصة لينطلق القصيد.

 

 

وأنا لا أصافح القلم لكتابة القصيد إلا بعد التأثر بمشهد أو قصة أو حالة ما، وعندما تضيء فكرة في ذهني يداهمني إحساس جميل لا أعرف كيف أصفه فأنشد حينها العزلة والهدوء وأترك الوقت للأفكار أن تتخمر جيداً، ثم أدع لها بعد ذلك حرية الانسياب وتوارد الكلمات على الورق.

وتقول عن الحب: إن الحب يحكي الإنسان بكل فصوله وقيمه، والحياة بكل تناقضاتها.

أنا لا أنشد أو أصف الحب العادي بمفهومه الضيق بل الحب بصفة عامة، بكل تجلياته وسموه، كحب الوطن والأرض والسلم للإنسانية جمعاء. بالحب تسمو أرواحنا وتتقد. وكلما تألقنا بالحب تألقنا بالحياة. الحياة بلا حب لا معنى لها.

وترى الفن بصفة عامة والشعر بصفة خاصة لا يصور الحقيقة أو الواقع مجرداً كما هو بل يستند إليه ويعيد بنائه. ولا يمكن أن نعتمد على الخيال بشكل مطلق لأن عندئذ سيكون جافاً وخالياً من الأحاسيس. القصيد هو مزيج من الواقع والخيال، هو خلق للجمال.

 

وعن تأثير الشعر والكتابة على المجتمعات تقول الشاعرة ميساء سيفو:

الفن والشعر والكتابة مرآة للمجتمع وضميرها الحي. وكانت القبائل العربية قديماً تقيم الحفلات والأفراح بمناسبة ميلاد شاعر فهو سيكون محل فخر وعز للقبيلة.

وتضيف: بالشعر ممكن أن نغير العقليات والمجتمعات. ودور الشعر في الحروب والمقاومة معروف.

 

 

عن مشاركاتها الثقافية والجدوى منها تجيب:

سلمية مدينة ثقافية بامتياز، والشعر خاصة يستقطب جمهوراً كبيراً. ولقد كانت لي مشاركات عديدة في سلمية وفي دمشق العاصمة.

أما عن المهرجان الشعري السادس والعشرين والذي أقيم مؤخراً في المركز الثقافي بمدينة السلمية في محافظة حماة، فهو مهرجان سنوي يقام في ثقافي سلمية، وله جمهور واسع ينتظره ويضم شريحة واسعة من الوسط الثقافي وغير الثقافي من المهتمين بالشعر ومن الفئات العمرية كافة. وأنا أعترف أني استفدت كثيراً من كافة مشاركاتي. فقد عرفت شعراء عديدين وتجارب شعرية متنوعة. وهذه المشاركات تعتبر فرصة لنشر قصائدي وإنشادها ورؤية مدى تأثر الحاضرين بها.

 

عن النشر الكتروني والورقي توضح الشاعرة:

لقد نشرت لي جرائد ورقية في سورية وفي تونس، وكذلك نشرت لي جرائد ومجالات الكترونية عديدة. وأرى أن النشر الالكتروني مهم جداً، له قراؤه الذين يتكاثرون يوماً بعد يوم، وهو يهدد النشر الورقي. ولكن يبقى للنشر الورقي نكهة خاصة.

لن أهجر الشعر:

إن المواقف والقضايا، هي التي تحدد الجنس الأدبي. أنا لن أهجر الشعر يوماً لأني أجد ذاتي فيه، ولكن ربما أطرق يوماً باب القصة أو الرواية فلا حدود ولا قيود للإبداع، والطموح فضاء لا محدود.

وأنا من عائلة محبة للفن، شعراً ورسماً ونحتاً، ولا بد أن يتأثر أفراد العائلة بهذه الأجواء ويتجهوا لمحبة الفن وممارسته. ابنتي موهوبة وتعشق الرسم. أنا ووالدها نشجعها وننمي موهبتها. والإنسان يجد ذاته عندما يكتشف مكامن الموهبة لديه ويطورها.

ورغم أن طريق الإبداع صعب وشاق إلا أنه في نفس الوقت ممتع وشيق وخصوصاً إن تَكلل بالنجاح مستقبلاً.

 

 

أمنيات ومشاعر الخاصة:

تبكي ميساء سيفو عندما ترى منظراً مؤلماً أو تقرأ قصة حزينة. ويكفي أن ترى طفلاً صغيراً تلمع الفرحة في عينيه حتى تبتسم. الطفولة هي سعادة حقيقية بالنسبة لها.

وحكمتها المفضلة: ” الشذى يبقى دائماً في اليد التي تقدم الوردة ”

بشرى للقراء، ستزف بشرى نشر مجموعتها الشعرية قريباً.

أمنيتها الأولى أن يعم الأمان والسلام في بلدها سوريا والعالم أجمع. وثانياً تتمنى أن ينال الفنان والمبدع حقه ويحصل على مكانة لائقة تليق به وبجهوده.

 

حوار أجراه: خالد ديريك

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نشر حوار في العدد 5927 جريدة الزمان الدولية  4 يناير 2018

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *