الـشهيدة بــاريـن ومعركة عفرين/ وئام قشوط – واحة الفكر Mêrga raman

الـشهيدة بــاريـن ومعركة عفرين

 

ترزح عفرين مند أيام تَحْتَ وَطْأَة المدفعية التركية الهمجية، ولربما المتتبع يتبادر لذهنه أسئلة عديدة عن جوهر هذا الـنزاع؟

يدور صراع تاريخي طويل الأزل بين الكورد وتركيا صراع غير متكافئ القوى، توظف به تركيا كل إمكانياتها العسكرية والدبلوماسية ويعلو صوتها مبرره الاعتداء الأخير على مدينة عفرين، بحجة الدفاع المشروع ورد العدوان مطلقة عملية تسميها “غصن الزيتون”، إلا أن غصن الزيتون التركي هو صواريخ ومدافع دبابات!

ان المتابع لقضية غزو عفرين يستشف وجود نية مبيتة من قبل النظام التركي، ونبني فرضية سوء النوايا من خلال عملية انتشار وحدات من الجيش التركي مطلع اكتوبر من العام الماضي بدخوله محافظة إدلب، حسب تصريحات رئاسة الأركان قال في بيان سابق “إنه تم البدء بتشكيل النقاط المراقبة في إدلب بعد دخول قوات تركية إليها، موضحة أن الهدف من دخول القوات هو تخفيض التوتر والتأسيس لوقف إطلاق النار.

حقيقة إدلب وعفرين تكمن بمؤمر سوتشي وصفقة اتفاق روسي تركي يـقضي بتسليم ادلب وحلب للنظام بدمشق مقابل عفرين.

تلك الصفقة التي روجت لها تركيا، بدعاية خفض التوتر ووقف إطلاق النار، اتضحت الاستراتيجية بوضوح عند غزو عفرين الـذى أسفر عن نزوح أكثر من 100ألف، وقتل المئات من النساء والأطفال الأبرياء، ان الهدف الأساسي لتمدد عبر ادلب هو لمقايضة وتقسيم المكاسب وتعزيز خطوط الإمداد لهذه المعركة من خلال انتشار قواتهم.

بدأ الاجتياح بساعات الفجر الأولى من 19يناير ،من قبل الجيش التركي لتمكين الجيش السوري الحر وتهجير وضرب وحدات حماية الشعب الكوردي داخل عفرين شمالي غرب حلب ، إلا ان مقاومة وحدات حماية الشعب الكوردية أعلنت النفير العام ولم تدخر جهداً بالدفاع عن ارضهم ،يدكر ان أهل عفرين الكورد قد استقبلوا اللاجئين العرب الفارين من تنظيم داعش وجبهة النصرة ، وجمعتهم أزمة واحده اقتسما بها الماء والخبز العربي الكوردى متجاهلين كل الأصوات المحرضة والمؤججة للعداء ،هده الحرب اللا مبرر لها بوقت حساس لا تحارب به تركيا داعش وانما تحارب من يتصدى لداعش لعدة اعتبارات أبرزها:

إعادة مجد الدولة العثمانية والتوسع الإقليمي باسم الدين والزعامة الروحية التي يدعيها ارودغان بكل مناسبة، والأدوات هي المقاتلين الإرهابين الـذين تدعمهم تركيا لتحقيق أهدافها القذرة على حساب حق الكورد والعرب بتحديد المصير، العثمانية التي جعلت من المنطقة في تخلف 400عام ولتقدم نظام تــعذيب مخزي كافـأة به العرب والامازيغ والكورد والأرمن بالكثير من الخوازيق.

 

ما الهدف من اجتياح عفرين؟

أحد أهدافها اخلال الديمغرافية السورية وتوطين من لا حق لهم بأرض الكورد.

تشتيت الكورد لإضعاف قوتهم الضاربة لإرهاب داعش.

الانتقام والتشفي من الكورد لمحاربتهم داعش بالعراق وسوريا.

التطهير العرقي للمناطق الحدودية لتركيا.

الموقع الاستراتيجي لعفرين

-تقع منطقة عفرين على ضفتي نهر عفرين في أقصى شمال غربي سوريا، وهي محاذية لمدينة اعزاز من جهة الشرق ولمدينة حلب التي تتبع لها من الناحية الإدارية من جهة الجنوب، وتحاذي الحدود التركية من جهة الغرب والشمال،

-الموارد البشرية: يبلغ عدد سكانها 523,258 نسمة حسب احصائيات الحكومة السورية في عام 2012، وازداد التعداد بسبب حركة النزوح الداخلية من محافظة حلب والمدن والبلدات المجاورة ليصل إلى أكثر من مليون نسمة، وتضم عفرين نحو 350 قرية وبلدة صغيرة وكبيرة، تعداد يقلق تركيا لوقوعها قرب حدودها.

-الموارد الطبيعية الزراعية تعتبر ارض عفرين ارض منتجة وخصبة تشتهر بغزارة حقول الزيتون والكروم والحمضيات.

-الموارد المائية: نهر عفرين طوله 139كم ينبع من أقدام جبال طوروس في الأقاليم السورية الشمالية ويسير في محافظة حلب بطول 55كم، مورد مائي هام.

المعالم الاثرية: قلعة سمعان، وقلعة النبي هوري وتل عين داره، والجسور الرومانية على نهر عفرين وجسر هره دره الذي بنته ألمانيا قبيل الحرب العالمية الأولى، الجسر الهام الدى يتعرض للقصف.

هذه الموارد ترفع من شهية النظام التركي لاحتلالها ورغبتها بقيام مشاريع استثمارية وزراعية نظراً لوفرة المياه قد بدأت تركيا مند فتره بالتخطيط لها، وذلك من خلال حلفائها والشركات متعددة الجنسيات التي تريد ارض بلا مقابل، ويبارك ارباب الكهنوت البابوي المقيت هكذا اجرام، ويتواطأ مع الساسة ويدخلهم الفاتيكان ليصبح الأخير مرتعـا للنفاق الديني، فلا فرق بين كليهما، كلاهما في السوء سواء أحدهم يحلل القتل والآخر يباركه.

لتركيا خارجية تتعاطى بطريقة تشبه اخلاقيات عصابات الياكوزا والهاجانا فما هى سياستها في عفرين

تستعمل تركيا الأدوات العسكرية بشكل مباشر من خلال الجيش التركي ،الذى بدوره يمكن الجيش السوري الحر بدعم السلاح الجوي لقصف القرى والمدنيين بالمقاتلات الهجومية الـ F-16 لتتقدم على حساب ارض سوريا دوله أخرى بيـد ان الأخيرة وصفت الاجتياح بالغزو الغاشم لكن ذلك لا يكفى و يناقض المادة الأولى من اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الانسانية في مادتها التانئة التي تنص (الجرائم المرتكبة ضد الانسانية سواء في زمن الحرب او في زمن السلم ، الطرد بالاعتداء المسلح أو الاحتلال ، والأفعال المنافية للإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها حتى لو كانت الأفعال المذكورة لا تشكل إخلالا بالقانون الداخلي للبلد الذي ارتكبت فيه الاتفاقية الوارد تأكيدها في قراري الجمعية العامة للأمم المتحدة ديسمبر 1946، والمعدة في اتفاقية جنيف أغسطس1949لحماية ضحايا الحرب .

حينما يتحول الابيض الى رمادي ويتحول الرمادي الى اسود، ويتحول الرمادي الى عدوان، فتش عن الاعلام، وحينما يتحول الحق الى شك، ويتحول الشك الى زور، ويتحول الزور الى بهتان فتش عن الاعلام، من حقائق التاريخ ان كل عملاً عسكري يسير بحدائه ويعقبه عملا دعائيا، صنواني لا يفترقان.

لذلك شنت تركيا عمل دعائي عبر قنواتها المؤد لجة مستعينة بالأكاذيب وكالة الأناضول لا تمتلك قولاً بعدد الضحايا بصفوف الجيش التركي، وعدم احصاء خسائرها، حملة ممنهجة من قبل الاعلام بالترويج للنصر، وبأنه تدخل سريع للمحافظة على الامن القومي لدولتهم، لكن لم يعلم اوردوغان ان ادغال فيتنام قد تتكرر اليوم في عفرين،

ان المتتبع للتاريخ وحركات التحرر والحروب الأهلية يعلمون مدى صعوبة احتلال ارض ذات تضارس جبلية وعره ولنا في حرب افغانستان 1979 عبرة وحرب الحكومة الجزائرية ضد الارهاب في العشرية السوداء 1991 عبره وغزو فيتنام ، تجتمع عوامل البيئة و الدوافع النفسية المعنوية والوجودية ، لأهالي عفرين ولمقاتلي وحدات حماية الشعب الكوردى ،لن يتوقفوا للتشبث بأرضهم فهي حرب وجودية بالنسبة لهم والاستماتة على المواقع واستنزاف العدو تكتيك لا خيار فيه ، بذلك معركة عفرين طويلة الآمد وغير محسومة مطلقاً لتركيا ،حتى وان احرزت تقدم لن تستطيع المحافظة على مواقعها ،لفترات طويلة فالحروب داخل القرى والمدن ، تأخذ وتيرة أضرب واهرب ، حرب عصابات ستجعل عفرين عصية بوجه التمدد التركي العثماني .

بالمقابل يتعاطى الاعلام الكوردى للاجتياح ، بالصور وتسجيلات مصوره يعزز الاعلام من ارض المعركة وتبث تغطيته بالمراكز الاعلامية التابعة له ومواقع التواصل الاجتماعي صور الشهداء وخاصة الشهيدة المناضلة بارين التي تم قتلها والتنكيل بجثتها والاعتداء عليها عقب موتها، بارين التي أسقطت ورقة التوت عن الجميع وامـاطـة اللثام عن قبح صمت العالم والكهنوت الظلامين ، ،كذلك يطالب النشطاء عبر اطلاق هاشتاق No Fly zone ، الا ان مجلس الأمن عقد الاجتماع دون ان يدين او يستنكر الاعمال الوحشية والتطهير العرقي بحق الشعب الكوردى ، الأمر الـذى يؤكد نوايا المجتمع الدولي لتوريط النظام التركي في جرائم حرب ،وبدأ سيناريو العقاب والحساب على كل من مات وغاب .

هده الخروقات المناهضة للعرف والقانون الدولي بكل مواثيقه وإعلاناته يتم رصدها وتوثيقها وسيجد النظام التركي نفسه في يـوم ليس بالبعيد، مطالب بفتح تحقيقات حول هذه الجرائم من قبل المجتمع الدولي متى تطلبت مصلحة الأخير دق ناقوس بداية النهاية للنظام التركي الدى يورط نفسه في حروب بناء على استشارات غربية جعلته ينزلق بنهم لحرب استنزاف لن ينتهي منها الا بانهيار مؤسسته العسكرية ليعقبه انهيار لدولته، لتركيا حصتها من الربيع ايضاً.

فقد تدخل النظام التركي بشكل سافر في كل من تونس وليبيا ومصر والعراق ووفر الممرات الأمنة لتجارة الاسلحة وسهل تنقل المتطرفين عبر أرضية.

وتدخل عسكريا في العراق وسوريا لا تتوقف تركيا بسياستها الخارجية الغير حكيمة عن التدخل في الشؤن الداخلية للدول الاعضاء بالأمم المتحدة دول ذات سياده واستقلال ساخرة من كل استقلال ولكل شعوب المنطقة ، وهاهو تدخله الاخير في سوريا يثبت مدى ارتجالية السياسية الخارجية لتركيا رغم النجاح الدى حققته بسياستهم الداخلية ، الا ان ما يحدث يذكرنا بسناريو تدخل صدام حسين في الكويت إبان حرب الخليج الثانية1990 ونصب فخاخ التوسع الإقليمي على حساب دول الجوار للحصول على مكاسب استراتيجية تمكنهم من التنمية الاقتصادية والسيطرة التامة وبسط النفود ، الا ان هده الفخاخ تنتهى دوماً بفناء هده النظم الثيوقراطية والديكتاتورية التي ترى نفسها دول كبرى وعظمى ومحورية ،لتجيبها الدول العظمى عن حقيقة حجمها الطبيعي . تقول الحكمة الصينية الطريق للمصيبة قصيرة ، وتاج القيصر لا يحميه من وجع الرأس .

فالسلام لروح الـمقاتلة بــاريـن وكل المناضلات والمناضلين؛

اللدين لم ولن يستكينوا لعدو مهين.

 

 

بقلم: وئام قشوط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *