التوظيف السياسي للإرهاب/ وئام قشوط – واحة الفكر Mêrga raman

 

 

 

 

بقلم: وئام قشوط

التوظيف السياسي للإرهاب

 

إذا ارتدى الزور والمكر لباس التقوى سنشهد فاجعة تاريخية، وبهذا الزي الورع تمظهر المتظاهرون باللون الديمقراطي لا يمكننا أغـفال هذه الظاهرة التي تقمصتها التيارات المتشددة خلال انتخابات يوليو 2012 كأداة للتمكين، بل ولطالما رددت بضرورة إجراء الانتخابات، لغاية في نفس يعقوب، ولا يمكننا وصفها سوى بالنفعية الميكا فيلية، حيث الغاية تبرر الوسيلة والـضرورات تبيح المحظورات.

الآن يستوي القوي مع الجبان، هي أول جمله قالها مخترع المسدس صمويل كولت، وقد قتل بالأمس على عتبة المفوضية القوى بحق الواجب والدفاع على النفس، برصاص الجبان المخرب.

لم يكن تفجير المفوضية العليا للانتخابات مجرد تدمير لمقر حيوي وحساس فحسب، بل رمزية المقر تعود لكونه مركز قيادة المرحلة المقبلة، الانتخابات التي يدفع بها المجتمع الدولي ويشكك بجدواها بعض التنظيمات والتيارات المؤدلجة، البعض سيرى بأن مشروع الانتخابات ضرب بمقتل، وآخرين ستزيد هذه الواقعة من حماسهم وادراكهم لضرورة خوض الانتخابات، ومخاطر هؤلاء الإرهابين اللذين يستنزفون الأجهزة الأمنية داخل طرابلس.

في خضم هذه الواقعة كيف تعاملت الجهات الحكومية المختصة؟

أنها وإن صرحت، لم تأت بالجديد كالعادة ولم تحترم مشاعر المواطنين بتوجيه خطاب يطمئنهم ويوضح تفاصيل الهجوم، وحجم الخسائر المادية والمعنوية، لم يتم حصر أسماء الشهداء من الضحايا، تخبط إعلامي واضح داخل مؤسسات الدولة الرسمية رغم تكرار هكذا العمليات الإرهابية إلا أن افتقار المهنية سمة أساسية بجل المؤسسات الليبية الحكومية.

اما عن التغطية الإعلامية للقنوات الفضائية فهي أشبه بحرب يتراشق بها قناة من غرب البلاد، وأخرى من شرقها بالمنـجنيق على أسوار قلاع طرابلس، وكــلاهما يستغلان الحادثة ويوظفانها لسياساتهم بعيدة كل البعد عن المهنيةً، وقود الانقسام هذا التأجيج والعبث النخبوي المنزلق للحضيض.  أما عن الإعلام الخارجي والعربي الشقيق فقد وجدت أكسترا مصرية ملاذها لتغرد على ليلها، وصحيفة اليوم السابع لوهلة ستشعر بأنها صحيفة ليبية محليه، بينما الصحف المحلية تنشر خبر بعد فترة من الزمن.

ما مدى موضوعيــة ومصداقية حيثيات السرد لهذه العملية؟

من الواضح للعيان أن بمبنى المفوضية حرق وتدمير جزء كبير، وما هو متداول حسب المعطيات الأولية والسابقة للتحقيقات أن الهجوم هو انتحاري بأحزمة ناسفة؟

 

أن القول بأن العملية الإرهابية التي استهدفت مقر الانتخابات نفذت بأحزمة متفجرة هو قول يفتقد للموضوعية، لأن حجم الدمار والانفجار وكمية الخراب وكثافة الـنيران، يدل بأن المواد المتفجرة المستخدمة كبيرة، ما هو أقرب للمـنطق أن ما تم استخدامه بهذا الهجوم هو حقائب متفجرة.

 

هذه الفاجعة التي استيقظت عليها طرابلس على صوت السيارات الإسعاف والدماء ، كانت لتكون ناقوس للتضامن وتوحيد الصف ،ومصارحة المواطنين وتهدئة الرأي العام ، إلا أن كل الأطراف تلقي باللوم على الطرف الآخر،  بل الانقسام قد زاد ويزيد، والجميع يردد بأن طرابلس عاصمة للإرهاب وكأن الإرهاب لم يضرب باريس ولندن ولاس فيغاس ، ويبقي دوماً الحديث عن المليشيات، حديث مستهلك، فما هو البديل،  وهل تعتقد  بعض التيارات التي لا تنفك عن استخدام ذات الخطاب المؤدلج ،  بأن أهل العاصمة سيتخلون عن أبنائهم ويسلمون أسلحتهم لنبقي في مهب الريح كما حدث  بعيد 2014  مآسي هجوم فجر ليبيا الذي لايزال إلى يومنا هذا عالـقا  بأذهان أبناء العاصمة.

لقد تم استهداف مركز البيانات للناخبين بوقت حساس، وقت يدعم به المجتمع الدولي أجمـع العملية الانتخابية ، كل ما يمكن استشفافه من هكذا فعل وباختصار بأن بعض الأطراف السياسية الرافضة للانتخابات قد وظفت الإرهاب لتحقيق أغراضها السياسية لعرقلة وتقويض الانتخابات، وقد أرسلت الرسائل السوداء الملغومة  لخصومهم السياسيين،  وكأن أرواح من سقطوا وأستشهدوا برصاص الغدر لا يتعدوا رقم فردى أو زوجي ، لأجل تحقيق مكسب سياسي   إلا وهو التهديد الصريح بما ستؤول إليه الأحداث باستمرار الشروع بمشروع الانتخابات ،وهذا الفعل و إن ثبت ذلك فهو التفاف وعبث باستقرار البلد ومحاولة أخرى لإفساد الحياة السياسية  واستبدالها بالعمليات الحربية والانتحارية الإرهابية.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *