ذكرى …/ فداء الحديدي – واحة الفكر Mêrga raman
بقلم: فداء الحديدي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ذكرى …

قصة قصيرة ….

في لحظة من دقات قلب تائه، في ساعة من الصمت والشوق المتوّج بالعذوبة إليه، وقبل أن يغفو قلبي ويتسلل الشيب إلى خافقي. قبل أن تغزوني نبضات الحنين، تسلّلت روحي في غربة المكان، شيء مني يرغمني، يجثو أمامي، حنين يأسرني إلى وجد غائب، يقسو على ّ، يكبلني للبوح بسرائر روحي.

طيف من غربة روحي حملني إليه، شوق عاصف يأسرني، يشدّ روحي إلى أيام خلت، حاولت أن أقاوم، أن أصارع ضجيج قلب معذب ينتحب شوقا، وجع يئن يحاججنني في صمودي، في وجودي. يعصف بي في كل كياني …

إلى هناك .. حملت روحي قبل أن أحمل جسدي، إلى ذلك المكان الذي يشدّني إليه كلما ابتعدت عنه، حيث كانت روحي تسكن، تقاوم، حيث كان كياني صادما حد السقوط.

رغبة في روحي عارمة، تنظر في المكان، في وجوه العابرين حولي، وجوه أعرفها، تستنكر وجودي، تمر من أمامي كأنني طيف، تنظر حولي .. لا تراني، خطواتي باتت قريبة منهم، أسمع همسات، أرى وجوه لا تراني، أصوات خافتة، ضجيج هامس مرتبك، أثار رهبتي، خوفي، ريبتي، تراجعت إلى الوراء، تسمرت في مكاني أنظر حولي،

أي ارتباك حلّ بهذا المكان …. !؟

أي روح غادرت ملامح تلك الوجوه الغريبة !؟

أي ملامح في عزلتها تطوف كأشباح طيف أمام ناظري !؟

كل شيء حولي بات غريبا، أطياف تلهث، تصرخ، ترحل، تعود، تطارد أنفاسي المتعبة، تعصف كبركان جاثم فوق صدري المنهك.

إلا تلك الزهرة، بقيت صامدة في مكانها بين الغرباء، شامخة فوق منضدة متهالكة على زاوية محطمة، تصارع بقاءها، تعانق شبح نافذة معلقة.

قاومت جسدي الذي تسمر من دهشته، خطى متثاقلة، أخذت أقدامي إليها، جلست بقربها، تمعنت في خطوط أوراقها النحيلة، عمر من آلام خطها الزمن في أروقتها. شقاء، عزلة، غربة فرضها القدر عليها، كروحي العطشى أحلق معها في ظلام الأنين.

جلست بحذر بجوارها، أسفل نافذة القدر الوحيدة، أحست برعشتي، توددت إليها، لامست أناملي حبات دمع صامدة على خدودها، انحنت كغانية أمامي، تطلب ودّي. وكأنني طرقت باب عزلتها، عانقت طيفها، فتحت ذراعيها كنافذة فُتِحت إلى بوح أسير، كسرت قيودها المكبلة في قلب مأسور، وجع ممتع لذيذ، استوطن قلبي، روحي، كياني، كبوح تسلق مدارج عشق مسجون.

 

صوت من خلفي، يقطع صدى صوت الماضي .. يقبض مقصّه، يقطع أشواكها التي يبِست، كغيمة عابرة بلا مطر. سقطت دموعها، تفصح عن حزن سنوات العمر الضائعة.

سارت أقدامي بخطى سريعة، أعبر المكان… بين أزهار غريبة، تسارعت خطواتي لأغادر على عجل

 

وقبل أن تبتل قصاصتي، قبضت يدي على صورتها، ّ، أغلقتها ووضعتها في جيبي، أسدلت الستائر وأحكمت إغلاق نافذتي، على وخز برد ليلة ماطرة.

 

فداء الحديدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *