اشربوا من ينابيعِ الأمومةِ / بقلم: مرام عطية – واحة الفكر Mêrga raman

 

 

 

 

 

 

 

اشربوا من ينابيعِ الأمومةِ / بقلم: مرام عطية

__________________

قاحلةٌ انتصاراتُ الفولاذِ ، تقتاتُ بيبابها خبزَ الفقراء، تلتهمُ بشراهةٍ صحنَ الزيتونِ اليتيمَ في أكواخها المعتمةِ النائيةِ عن ابتسامةِ الشَّمسِ ، تمدُّ أذرعَها السوداءَ لعروسِ الزعتر على مقعدِ الدراسةِ، فارغةٌ صوامعُ الذَّراتِ البائسةُ الممتلئةُ بالسلاحِ جائعةٌ تقتنصُ مؤونةَ الشتاءِ من جيوبِ المقهورينَ  لا تفرقُ بينَ زبيبٍ وحطبٍ ، كشكٍ و زيتٍ ، باردةٌ منازلها يكسوها فراءُ الوقود والغازِ الوثيرِ  وهي عاريةٌ بزمهريرُ العهرِ تسرقُ معطفَ الصوفِ من طفلتي وقميصها الأزرقَ ، وتعتدي على بنطال ابني المدرسيِّ الوحيدِ ، شردتْ عن أنهارِ الإنسانيةِ الثريَّةِ بأسماكِ المشاعرِ والأحاسيس الراقيةِ ، نالتْ أعلى رتبةٍ في الهمجيةِ حين خلعتْ حضارتها المزيَّفةِ  بصاروخٍ واحدٍ ألغى حصتي الرسمِ والموسيقا من يومياتِ الطفولة ، وأشعلَ نارَ حقده على الدفاترِ و علبِ التلوين المائيةِ والخشبيةَ وحطَّمَ أوتارَ معزفي

فكمْ شربَ نايِّ من مستنقعاتها الآسنة المرارةَ !!

تتناسلُ مدائنها الموشومةُ بالتحضرِ والجمالِ خراباً ويتماً، قاصرةٌ حمقاءُ تجارتكم في مخططاتها سوسُ الغباءِ وعثُّ الكراهيةِ، وذاكرتي الصَّغيرةُ وطنٌ يقاومُ، لن ينسى أعداءهُ، في جيوبِ ذكرياتي أباريقُ الحبٌّ فارهةٌ أساور أمِّي وعقودَ الماسِ والمرمرِ.

فيا تجارَ الموتِ الخزيُ قدركم، اشربوا مذاقَ الإهانةِ ما حييتم فهذا قدرُ الغزاةِ القتلةِ، لن تستطيعوا تفتيشَ خزائنَ قلبي العامرةَ بالياقوتِ أو هتكَ عذرية أحلامي بسكينِ سخريتكم.

فضحكةُ أمِّي تسكنُني عصافيرُها اعتنقتْ التغريدَ رغمَ الأحزانِ، وشمسٌ أنامِلُها تَزرعُ الوردَ والقَمحَ، وتصنعُ الخبزَ من موقدٍ أخضرَ، ادفنوا في قبرٍ قديمٍ ترسانةَ الحروبِ السقيمةَ أوقفوا عرباتها المحمَّلةَ بالموتِ، وعودوا إلى حضارةِ الأمومةِ السامقةُ أشجارها، في أثدائها حليبُ حبٍّ ثمينٌ، فالحياةُ قفرٌ إن لم تشربوا من ينابيعها السَّخيةِ، حنانُ أمِّي يُغرِقُكم إِنْ أمطرَ.

——-

 

مرام عطية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *