وطن النساء، ومكابدات عصمت شاهين دوسكي/ بقلم: أنيس محمد صالح – واحة الفكر Mêrga raman
بقلم أنيس محمد صالح – دهوك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

وطن النساء، ومكابدات عصمت شاهين دوسكي/ بقلم: أنيس محمد صالح

” لا جئ في وطني

ويبكيني الورد والريحان ”

الأديب الشاعر عصمت شاهين الدوسكي يطل علينا بوهج جديد يبيح لنفسه أن يكون ملكا متواضعا وشاعرا مرهفا في وطن النساء، يا ترى لماذا يختار وطن النساء؟ رغم إن أغلبنا ومن يتابع قصائد الشاعر عصمت دوسكي مدى اهتمامه بالمرأة التي يعتبرها رمز للحب والجمال للوجود والروح والسمو والحياة، هل يعتبر وطنه ((وجع)) لهذا يحتاج إلى وطن آخر أم وطن النساء هو وجع آخر؟  بين وطنه ووطن النساء منفي أم نفيه في وطن النساء هو القرار والمثوى؟ يأتينا الرد معبرا (إحساس عمر ضاع بين إنسان وإنسان) قد تكون الشكوى رسالة للمجتمع، للمسؤول الذي يجب أن يتغير حسب وتيرة التغيير التي تجري بسرعة فالركود موت بلا موت، (أنا يا سيدة الزيتون بعيد، لاجئ في وطني) إحساس اللجوء في الوطن منتهى الألم والمعاناة، كل الكتب السماوية والأرضية عبرت ودونت الاهتمام بالإنسان الذي كرمه الله فما بالنا نقتله ونذبحه ونهجره ونشرده ونقسو عليه لكي يختار اللجوء النفسي والروحي إن لم يتمكن من اللجوء الحقيقي؟ تعالوا معا نقرأ مطلع قصيدة (وطن النساء) ونتمعن بمدى الوجع والإحساس الراقي.

((وطن في قلبي، وجع الحرمان

أنا والصمت ينفينا الزمان

لا اعلم سوى نبض الحب

إحساس عمر ضاع بين إنسان وإنسان

أنا يا سيدة الزيتون بعيد،

لا جئ في وطني

ويبكيني الورد والريحان

كل مدن العالم تعشقني

إلا وطني يرميني بين الجدران)).

عصمت شاهين دوسكي

عودنا الشاعر المرهف عصمت شاهين دوسكي بالأحاسيس الجميلة والتي تطغي عليها مشاعر نقية قلما نجدها الآن فيما يتم نشره كما نتابع. حيث ينقلنا في أجواء خلابة من السمو والتشكي من المواجع التي تلاحقه دوماً، كلماته تفوق الوصف بل تدخل إلى أعماق المرء لكي نبصر هذه الأحاسيس ونعود لأنفسنا. بعد الأحداث السياسية و الحروب المدمرة التي نستجدي الضحكة أو كلمة مميزه لنعود لأيامنا الخوالي في المهرجانات الفنية المنوعة في طول البلاد و عرضها و  مرة أخرى يلجأ لوطن النساء الكبير ليبوح بما فعل وطنه القريب ( آه من وجع الكلمات ) الآه تطلق عندما يكون الوجع عميقا غائرا في الأعماق خاصة حينما تتحول الكلمات إلى نزيف من الوجع الذي يزداد يوم بعد يوم فيمتلأ ويزاح نزيفا ، علاقة الوطن لا تكون عكسية ، وهنا الشاعر عصمت شاهين دوسكي لا يعني كوجود أرضي بل من يسكنون ومسؤولون على هذا الوطن ، فالوطن عند عصمت دوسكي بريء من كل أفعال البشر المأساوية المظلمة المدمرة ( آه من وطن ينام معي على سريري ، وفي الصباح ينكر ولائي وحنيني ) تغير الكلام الحال من المدح والسمو  في وجه الإنسان من الآخرين إلى الإهمال والا مبالاة بعدها هو تناقض مرضي وفكري ضعيف فالوجه ذات عملة بوجهين منافق دجال يظهر بشكل زاهي جميل ولكن في أعماقه مريض ، ضعيف . فكيف لا يختار وطن النساء حتى لو كان جنونا؟ .

((آه من وجع الكلمات

إن أضحت نزيفا لا تدنيني

آه من وطن ينام معي على سريري

وفي الصباح ينكر ولائي وحنيني

نعم سيدتي بي جنون

وما أحلى الجنون إن كنت مجنوني))

لا شك وجود الشاعر عصمت شاهين دوسكي بيننا في ” دهوك ” أضاف البسمة والإحساس والجمال وحرك المشاعر الراكدة والفكر الجامد ( بحري هائج بلا قارب بلا ميناء ) الإحساس بعدم الركود يجدد الحياة ويغير ما لا يتغير وصدق إحساسه يتجسد عاريا  لا يخشى لومة لائم ما دام صادقا فيعلم كلماته إعصار تفعل فعل الإعصار التي تقلع جذور الجهل والفساد والتكبر ( موجي إعصار يعصف عميقا ، ويبيح للعراء أن يكون عراء ) ويرتقي الشاعر عصمت شاهين دوسكي حتى حينما يكون صيادا ، كلنا نعلم إن الصيد غنيمة لما نصيد ولكن عنده الصيد جمال ، بهاء ، حرية ، إنسانية راقية،عشق المرأة الذي يجسد كيانها الوجودي كحورية عالم بلا حدود مثلما وطن المرأة عنده عالم بلا حدود .

((بحري هائج بلا قارب بلا ميناء

لا ساحل، لا مرفأ، ولا شاطئ بلا عناء

وموجي إعصار يعصف عميقا

ويبيح للعراء أن يكون عراء

أحب الصيد وكل حورية تقترب مني

أطلق عنانها لأني أعشق النساء)).

الشاعر عصمت شاهين دوسكي وجوده مهم كإنسان أولا وكأديب وناقد وشاعر ثانيا وعلى جميع المسؤولين المعنيين والجهات الثقافية العليا أن تهتم به وتوفر له عيش كريم لأسرته التي ما زالت بلا وارد يسد ضنك العيش والأزمات وتوفير عمل يليق بمكانته الأدبية والفكرية، وربما لو هاجر إلى أي دولة أخرى لوفرت له كل ما يحتاجه فهو مشهور في دول المغرب والعالم وفي وطنه منفي بين أربعة جدان أو كما يقول لاجئ في وطني، متى تنتهي مكابداته ومعاناته التي تعتبر في الخارج حقوق طبيعية للإنسان؟ فالأديب عصمت دوسكي يعتبر ثروة فكرية كباقي الثروات المهمة على الأرض بوجوده شجع عدد كبير من الكتاب والشعراء لكي يكتبوا من جديد بعد أن غزت الأفكار المتطرفة والرجعية في عموم الديار حرك الساحة الأدبية بجهده المتواضع، سلمت أناملك التي أبدعت بهذه القصيدة (وطن النساء) وأبهرت كل ذواق للشعر والفكر والإحساس.

**********

بقلم أنيس محمد صالح – دهوك

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *