الرئيسية / خواطر ونصوص شعرية / حمامةٌ فراتيّةٌ …تقلُّ إليَّ حضارةَ سومرَ/ بقلم: مرام عطية

حمامةٌ فراتيّةٌ …تقلُّ إليَّ حضارةَ سومرَ/ بقلم: مرام عطية

 

 

 

 

 

 

 

حمامةٌ فراتيّةٌ …تقلُّ إليَّ حضارةَ سومرَ

بقلم: مرام عطية

__________________

لم أكنْ أَعْلَمُ أنَّ تلكَ اليمامةَ الفراتيَّةَ مثلُ ليلةِ القدرِ ستغيِّرُ خريطةَ بؤسي المهترئةَ بهمسةٍ شوقٍ ولمسةٍ تحنانٍ ،  كفُّ المسيحِ  تعطفُ على أرضي القاحلةِ جداولَ ألقٍ وندىً من شلالِ نورها ، و تملأُ كؤوسي الرماديةَ فيضَ حبورٍ من التفاتةِ مزنتها ، و لم أكنْ أعرفُ أنَّ سُعُفَ النَّخلِ بين جناحيها ، ستكونُ مبضعَ الجرَّاحِ لجسدي المثقلِ بالأًوجاعِ والندوبِ ؛ فتشفيهِ حين يعزُّ عليه الشِّفاءُ،  و أنَّ عراجينَ الرطبِ اللذيذةَ ستكونُ مذاقاً شهيَّاً وقزحاً من الدَّهشةِ  في يبابِ عمري ، و أنَّ أغصانَ الزَّيتونِ بفيها ستكونُ عصا موسى ؛ فتملأُ جراريَ الفارغةَ بالزَّيتِ المقدَّسِ ، وخوابيَّ الشَّاحبةَ بالعسلِ و رحيقِ الزَّهر .

ماذا أقولُ لحمامةٍ فراتيَّةٍ رفَّتْ على نبضي صباحاً بعد سني غيابٍ، وهي تقلُّ إليَّ معلقاتِ بابلَ من مدنِ سومرَ العريقةِ، وغاباتِ أرزٍ من شموخِ لبنانَ؟

ماذا أقولُ لو جاءتْ تسألني الهديلَ فوق نخيلها الوارفِ الثَّمرِ، أو تطلبُ إليَّ الهجرةَ إلى أقاليمها الجديدةَ ؟!

ماذا أقولُ لو راحتْ تقلُّني قصيدةَ غزلٍ إلى جزرِ القرنفلِ والكرزِ في بلادِ الشَّمالِ، أو تحملني أميرةً دمشقيَّةً إلى قصورٌ الأناقةِ والألقِ في بيروتَ ؟! وغزلاني لا تعرفُ إلاَّ مساكبَ الحبقِ والزعترِ في قرى السنديانِ، وحسناواتي ترفلُ بالفرحِ رغم الفقرِ الماديِّ، تتزيَّنُ بالتواضعِ وأساورِ الحنين في لقاء العاشقين.

أأقولُ لها سأنضمُّ لأسرابِ نوارسكِ البيضاءِ ؟!

أم ألوِّحِ لها بالفراقِ من غرفتي الرَّماديةِ ؟!

أيَّتها اليمامةُ البيضاءُ من أخبركِ بعد اتساعِ الغيابِ وتصحُّرُ الزَّمن بحقولِ شِعْرِي العطشى لهطولكِ الأخضرِ. من أيَّةِ غيمةٍ جِئتِ تهطلينَ زمرُّداً وياسمينَ تكحِّلينَ جيدي بشالِ لهفتكِ الأزرقِ، وتقبِّلينَ شفاهي بالنبيذِ ؟!

سأحتفي بكِ يمامتي الأنيقةَ في مهرجانٍ يطولُ، ويتسَّعُ كما تحتفلُ الصحراءُ بواحةٍ خصيبةٍ، لكن مهلاً على كريستالِ

قلبي الورديِّ من الانكسارِ؛ فهو لم يعتدْ على ذااااكَ الهطولِ الأرحبِ.

_______

مرام عطية

عن Xalid Derik

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أمة العرب والأمم المتحدة / بقلم: خالد السلامي

يعتبر العرب وخصوصا العراق ومصر وسوريا والسعودية ولبنان من اوائل المشاركين في ...

من عمق المجتمع، جداريات بجمالية داهشة للقاصة زلفى أشهبون/ بقلم: بوسلهام عميمر

                        ...

تخفي الهشاشة في زمن مغلق/ بقلم: مصطفى معروفي

شاعر من المغرب ـــــــــ صدِّقوا الطير إن هي مدت مراوحها في دم ...

رحل بيتر هيجز: الرجل الخجول الذي غير فهمنا للكون/بقلم جورجينا رانارد/ترجمة: محمد عبد الكريم يوسف

  اشتهر البروفيسور بيتر هيجز بهذا الشيء الغامض الملقب بـ “جسيم الإله” ...

القيم الاجتماعية في عشيق الليدي تشاترلي للكاتب دي اتش لورنس/ محمد عبد الكريم يوسف

في رواية دي إتش لورانس المثيرة للجدل، عشيق الليدي تشاترلي، يلعب موضوع ...

آهٍ إن قلت آها / بقلم: عصمت دوسكي

آه إن قلت آها لا أدري كيف أرى مداها ؟ غابت في ...

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

واحة الفكر Mêrga raman