الرئيسية / حوارات / خالد السَّحـاتي: نَجَـاحُ الكَاتِبِ فِي مسيرته الإبداعـيَّة تعتمدُ على التخطيط المُسبق، والمُحافظة على الدِّقَّة والجَوْدَةِ في أعمـاله/ حاوره خالد ديريك

خالد السَّحـاتي: نَجَـاحُ الكَاتِبِ فِي مسيرته الإبداعـيَّة تعتمدُ على التخطيط المُسبق، والمُحافظة على الدِّقَّة والجَوْدَةِ في أعمـاله/ حاوره خالد ديريك

خالد السَّحـاتي: نَجَـاحُ الكَاتِبِ فِي مسيرته الإبداعـيَّة تعتمدُ على التخطيط المُسبق، والمُحافظة على الدِّقَّة والجَوْدَةِ في أعمـاله

يتَصَـوَّرُ السَّحـاتي أنَّ العصر الراهن يتسع لكل الفنون الإبداعية النثرية

حوارٌ أجراهُ: خالد ديريك

…………………

خالد السحاتي: الطفـلُ: نشأ في بيتٍ مُثقفٍ، هادئٍ، ملئ بالمحبَّة والمَوَدَّةِ، عَمُودُهُ أبٌ حانٍ، تَقِيٌّ، عَاشِقٌ للقِرَاءَةِ وَالاطِّلاَعِ، فَتَفتَّحَتْ عَيْنَا ذلك الطفل عَلَى مكتبةٍ مُتنوِّعَةٍ، مُتعـدِّدة الثقافات، تحوي روائع الأدب العالميِّ والعـربيِّ، وشذراتٍ من العلوم والمعارف المُختلفة، كانت أجملُ لحظات ذلك الطفل هي تلك التي يقضيها في القراءة، يقرأ بنهمٍ بالغٍ، يفرحُ بكُلِّ معلومةٍ جديدةٍ: فرح بهجةٍ وانتصار، أصبحت القراءةُ قيمة حياتيَّة راسخة، ليس في وقت الفراغ فحسب، بل في أكثر أوقات الانشغال بالدراسة في مراحلها الأولى كان للقراءة وقتُها وجمالُها الذي لا يُضَاهِيهِ جَمَالٌ في الدُّنيا.

وعندما كبر الطفل، وصار شابًا يافعًا توسعت مداركه، وكبرت أحلامه، وأصبح مع حُبِّ القراءة يُحِبُّ كتابة ما تعلمَهُ، فاتَّجَهَ إِلَى جَمْعِ المَعْلُومَاتِ العَـامَّةِ في الثقافة والأدب والعلوم وغيرها، وعمل على تصنيفها، وتوثيق مصادرها بخطِّ يَدِهِ، لمْ يكُنْ ثمَّة حواسبُ آلية لَدَيْهم، وَلاَ شَبَكَةُ “إنترنت”، كان هُناك قلمُ رصاصٍ وكُرَّاسَةٌ ورَغْبَةٌ فِي الاستفادة مِنَ الوَقْتِ، وَخُصُوصاً فِي فترة العُطلة الصَّيفيَّة. وتلك الفترة كانت مُهمَّةً جدّاً لِه في تشكيل الوعي والحصيلة المعرفيَّة، وخلقت لديه الدَّافع للكتابة فيما بعـدُ.

أمَّا خالد الأب فهُو والدٌ يكدحُ في دُرُوب الحَيَاةِ الوَعِـرَةِ مِنْ أجل أداء واجبه تجاه أُسْرَتِهِ، وقد علَّمَه والده رَحِمَهُ اللهُ أنْ يكُونَ ذلك بإخـلاصٍ وتفَـانٍ، وسَعَادَةٍ وَمَحَبَّةٍ… فالأبُ الصَّالـحُ مشعـلٌ للأجيال (كما جاء في بعض الأمثال)، والابنُ الصَّالحُ مسرَّةٌ لِوَالِدِهِ، فهُو يُكمِّلُ مسيرتـهُ، ويبْقَى لهُ أثراً طيِّباً في الدُّنيـا.

يَكتبُ القصَّةُ القصيرة-القصَّةُ القصيرة جـدّاً (الأقصُـوصة)-المقالـة الأدبيَّة-المقالة الثقافيَّة-الدِّراسـاتُ الأدبيَّةُ والثقافية-الإعـدادُ الإذاعيُّ-البُحُــوثُ والدِّراسـاتُ والمقـــالاتُ السِّيـاسيَّـة. أعمــالُ الإبـداعيَّة: ـ مجمُوعة قصصيَّة بعنوان: شواطئ الغربة، 2019 ـ مجمُـوعة قـصصيَّة ثانية تحـت الطـبـــــع ـ شارك بأعماله القصصيَّة في كتاب “قطـوف الأوطــان” ـ كما تُرْجِمَت بَعْضٌ من أعماله الإبداعيَّة (قصص قصيرة وأقاصيص) إلى اللغة الإنجليزية ضمن كتابٍ توثيقيٍّ موسُوعيٍّ.

مُحرر ومُشرف على ثلاثة كُتُبُ أكاديميَّة مِن مَنْشُورَاتِ جامعة بنغـازي الليبية ـ الأوَّلُ بعُنوان: “مفاهيم وقضايا معرفيَّة مُختارة” 2016 م ـ الثاني بعُنوان: “دراسات عربيَّة في العلوم السِّياسيَّة(1) 2017 م ـ الثالثُ بعُنوان: “دور الجامعات في المُجتمعات العـربيَّة” 2018 م. تمتد تجربته الكتابية لما يقارب عقدين من الزمن، في المجال الإبداعي والثقافي والبحثي.

خالد السَّحـاتي مُحاضـرٌ بقسم العـلوم السِّياسيَّة بكليَّة الاقتصـاد والعلوم السِّياسيَّة، جامعة بنغـازي/ ليبيا.

حوار أجراه: خالد ديريك

 

نص الحـوار ….

البدايات تكون صعبة دائمًا، وكما يمكن أن تحدث عملية الاختيار أو الدخول إلى أي معترك حياتي … ثقافي، مهني … بالصدفة أيضًا! لنتابع، كيف شرع الأستاذ خـالد السَّحـاتي في كتابة أوَّل نصٍّ قصصيٍّ له:

شرعتُ في كتابة أوَّل نصٍّ قصصيٍّ عندما كنتُ في نهاية المرحلة الإعداديَّة تقريباً، كانت مُحاولات بسيطة، وأذكُرُ ذات مرَّةٍ أنَّ مُعلِّم اللغة العربيَّة طلب منَّا أن نكتُب قصَّةً تنتهي بالعبارة التالية: “وأخيراً، ابتسمت لهُ الحياةُ، وعاش سعيداً”، فتذكَّرْتُ على الفور إحدى أعمال إحسان عبدالقدوس، “لن أعيش في جلباب أبي”، واقتبستُ بعضاً منْ فُصُول تلك الرِّوَايَةِ، وختمتُ ما كتبتُ بالعبارة المُشار إليها سلفاً، فأُعْجِبَ المُعلِّمُ بالفِكْرَةِ، ووجدتُ أنَّ الأمْرَ مُمْتِعٌ بِالنِّسْبَةِ لِي، فواصلتُ المسير، وكانت كثرةُ القراءة خير مُعينٍ لي على صياغة عـوالم قصصي القصيرة.

البِدَايَةُ الفِعْـلِيَّةُ لِلكِتَابَةِ والنَّشْـرِ: فَقَدْ كانت مَعَ مَطْلَعِ الألفـيَّةِ الجَدِيدَةِ، أيْ مُنذُ عقـدَيْنِ مِـنَ الزَّمَـنِ تقـريباً.

 

 أهم المُؤثِّرات التي قادته للدخول إلى حقل الكتابة:

الحياةُ مليئةٌ بالدُّرُوس والمشاهد المُتناقضة أحيانًا، والشَّخْصِيَّاتِ المُتنوِّعة، المراحلُ العُمْرِيَّةُ أيضاً تُسَاهِمُ بِدَرْوِهَا في مدِّ السَّرْدِ بلمحاتٍ من تفاصيل الحياة، بحُلوها ومُرِّهَا، وكُلُّ ذلك يُشكِّلُ مخزُوناً هَائِلاً، تَغْتَنِي بِهِ المادَّةُ القصصيَّة بشَكْلٍ كَبِيرٍ. أَيْ أَنَّ الكِتَابَةَ أَتَتْ مِنْ تَفَاعُلِ عِدَّةِ عَنَاصِرَ مُتَشَابِكَةٍ مَعَ بَعْضِهَا، أَبْرَزُهَا حُبُّ القِـرَاءَةِ، وَالإِقْبَالُ عَلَى الحَيَاةِ بِتَفَاؤُلٍ وَاسْتِبْشَارٍ، وَالتَّعْوِيلِ عَلَى جَدْوَى فِعْـلِ الكِتَابَةِ ومسؤُوليَّةِ القَلَمِ. ويحْضُرُني هُنا قوْلُ الكَاتِبِ الأَمْرِيكِيِّ الشَّهِيرِ (أرنست هيمنجواي): “إِنَّ الكِتَابَةَ تَبْدُو سَهْلَةً غَيْرَ أَنَّهَا فِي الوَاقِعِ أَشَقُّ الأَعْمَالِ فِي العَالَمِ!”، وَهُوَ ذَاتُهُ عِنْدَمَا سُئِلَ ذَاتَ مَرَّةٍ عَنِ الطَّرِيقَةِ المُثْلَى لِتَدْرِيبِ مَنْ يَوَدُّ الكِتَابَةَ؟ أَجَـابَ: “أَنْ نَتْرُكَهُ عَلَى طَبِيعَتِهِ حَتَّى يَجِدَ طَرِيقَةً مِنْ خِلاَلِ المُحَاوَلاَتِ الكَثِيرَةِ التِي سَتُؤَكِّدُ لَهُ أَنَّ الكِتَابَةَ الجَيِّدَةَ صَعْبَةٌ إِنْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَحِيلَةً، وَأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَقْطَعَ عَلَى نَفْسِهِ عَهْـداً صَارِماً أَنْ يَكْتُبَ أَكْثَرَ جَوْدَةً مِمَّا يَسْتَطِيعُ، حَتَّى يَنْتَشِلَ نَفْسَهُ مِنْ بَرَاثِنِ القَلَقِ، وَيُسَلِّمَهَا لِلرَّاحَةِ”. أَيْ أَنَّ الكِتَابَةَ تَحْتَـاجُ لِنَفَـسٍ طَـوِيـلٍ، وَصَبـْرٍ وَتَأَنٍّ، وَإِصْرَارٍ عَلَى الوُصُــولِ إِلَى الأَفْضَــــلِ، وَتوْقٍ مُتواصِلٍ إِلَى التَّطَوُّرِ المُسْتَمِــرِّ.

 

يستخرج مواضيع قصصه من مصادر متعددة:

القصَّة قد يستمدُّها القاصُّ من الواقع الذي يعيشُ فيه بكُلِّ تراكُماته وأحداثه، وقد تكُونُ مُستخْرَجَةً من صميم النَّفس البشريَّة، وقد تكُونُ مُعتمدةً بالدَّرَجَةِ الأولى على الخيال الحيِّ والخصب للكاتب، يقُولُ الكاتبُ الإنجليزيُّ (شارلز ديكنز): “إنَّني دائماً أتغذَّى وأُغذِّي قصصي ومُؤلَّفاتي من ذكريات الطفولة والصِّبا”. وكما ذكرتُ سلفا فإنَّ المُؤثرات تعدَّدت وتنوَّعت (الدَّاخلية منها والخارجيَّة)، وساهمت مُجتمعةً في تشكُّـل عــوالمي القصصيَّة.

 

مُقوِّمَاتِ القصَّة القصيرة جدّاً:

تعْتَمِـدُ على المُقوِّمَاتِ المَعْـرُوفَةِ فِي السَّرْدِ القصصيِّ (كالشَّخصيَّات والمكان والأحـداث…)، ولكـنَّ هـذه المُقوِّمَاتِ تُوَظَّفُ بشَكْلٍ مُوجَـزٍ ومُكثَّفٍ في هـذا الفـنِّ تَحْدِيداً، بالإيحـاء أو التَّرْمِيزِ أو التَّلْمِيحِ… أي تناوُلُهَا لحدثٍ مَحْدُودٍ جِدّاً، أو لِلَمْحَةٍ خَاطِفَةٍ ذات دلالةٍ فكريَّةٍ أو نفسانيَّةٍ، وقعـت في إطـارٍ مَحْـدُودٍ مِنَ الزَّمَـانِ وَالمَكَـانِ.

 مُميزاتها:

تَمْتَازُ بالاختزال المُكثَّف، ووحدة المقطع، واستعمال الجُمل القصيرة، التي تُشِيرُ إلى ملامح الحَرَكَةِ في سِيَاقِ النَّصِّ القصصيِّ، ولذا فهي تتَّسِمُ بالإدهاش والمُفارقة وتتابُع الصُّور والمَشَاهِـدِ.

 

مساحة الحرية للشَّخْصِيَّاتُ في القصَّة:

الشَّخْصِيَّاتُ هي إحدى عناصر السَّرد القصصيِّ، ومحورُ الأفكار والآراء، وهي التي تُعْطِي القصَّة قُوَّتَهَا، رغم أنَّ فنَّ القصَّة القصيرة جدّاً قد يكُونُ خالٍ من الشَّخْصِيَّاتِ، لِذا فَإنَني أُحَاوِلُ بقدر المُستطاع أنْ أترُك مساحَةً كافية للشَّخْصيَّات للحركة والتَّعْبِيرِ عَنْ ذَوَاتِهَـا، بما يخـدمُ الفكرة المطرُوحة في النَّصِّ، ويخلقُ انسجاماً مـا بين الشَّخْصِيَّةِ والحَبْكَـةِ، والتَّصَاعُدِ الدَّرَامِيِّ فِي إِطَارِهَـا.

وهُنا يتحدَّثُ إنريك أندرسون أمبرت الناقد الأرجنتيني المُعاصر عـن هـذا الفـنِّ بِقَوْلِهِ: “يضغطُ القصَّاصُ مادَّتهُ لكي يُعطيها وحـدة نَغَمٍ قَـوِيَّةٍ، أَمَامَنَا عَـدَدٌ قَلِيلٌ مِنَ الشُّخُوصِ، وشخصيَّةٌ وَاحِدَةٌ تَكْفِي، مُلتزمين بموقفٍ نترقَّـبُ حـلَّ عُقـدتِهِ بِفَـارِغِ الصَّبْرِ، ويضـعُ القصَّاصُ النِّهَايَةَ فَجْـأَةً، فِي لَحْظَةٍ حَاسِـمَةٍ” وَلِهَـذَا فَإنَّ بَعْضَ النُّقَّادِ يَـرَوْنَ أنَّ: “القصَّة القصيرة جـدًّا” تَحْتَـاجُ إِلَى مَهَـارةٍ أكثر، وسُرْعَةٍ أكْبَرُ، وتكثيفٍ أشـدُّ، وَبَـرَاعَـةٍ أَعْـظَـمُ مِمَّا تتطلَّبُهُ القصَّـةُ القصيرةُ الاعتيـاديَّةُ”.

 

أمَّا “القصَّةُ القصيرةُباعتبار أنَّهَا سردٌ حكائيٌّ نثريٌّ، أقْصَرُ مِنَ الرِّوَايَةِ (القِصَّةُ الطَّوِيلَةُ)، فإنَّ ثمَّة مِسَاحَةً رُبَّمَا تَسْمَحُ بِتَوْظِيفِ المُقوِّمات السَّرديَّة الأساسيَّة المُشار إِلَيْهَا.

لذا فيعرف القصَّةُ القصيرةُ على الشكل التالي:

تُعـرَّفُ القصَّةُ القصيرةُ (حسب بَعْضِ الكُتَّابِ) بِأنَّهَا: “فَـنُّ تَصْوِيرِ اللَّمْحَةِ الدَّالَّةِ فِي الزَّمَانِ وَالمَكَانِ”، وفي كِتَابِهِ (الصَّوْتُ المُنْفَرِدُ) يَرَى (فرانك أوكونور) أَنَّ القِصَّةَ القَصِيرَةَ هِيَ: “فَنُّ اللَّحْظَةِ المُهِمَّةِ، وَاخْتِيَارُ هَذِهِ اللَّحْظَةِ مِنْ أَدَقِّ مَهَارَاتِ القَصَّاصِ البَارِعِ… فَالقِصَّةُ القَصِيرَةُ تُجَسِّدُ اللَّحْظَةَ المُهِمَّةَ فِي بِنَاءٍ فَنِّيٍّ قَوَامَهُ الأَسَاسِيُّ التَّكْثِيفُ وَالتَّرْكِيزُ”. وَتِلْكَ هِيَ الدَّهْشَةُ الَّتِي تُمْتِعُنَا بِهَا القِصَّةُ القَصِيرَةُ، فَقَدْ تَطُوفُ بِنَا عَوَالِمَ عَدِيدَةً، وَعُصُوراً مُتَنَوِّعَةً، بِأَقَلِّ العِبَارَاتِ، وَأَدَلِّ الجُمَلِ وَالتَّعْبِيرَاتِ، دُونَ تَطْوِيلٍ أَوْ إِغْرَاقٍ مُمِلٍّ فِي التَّفَاصِيلِ.

 

برأيه، يعد الاقتناص والتكثيف والإيجـاز … من أسباب الإقبال …. على القصَّة قصيرة جدّاً، زائد: 

إضافة إلى ما ذكرتَ، فالعَصْرُ الذي نَعِيشُهُ الآنَ هُو عَصْرُ “السُّرْعَةِ”، وعَصْرُ “العـولمة” بأبعادها المُختلفة، الثقافيَّة والتكنُولوجيَّة والاقتصاديَّة والسِّياسيَّة..، كُلُّ شيءٍ أَصْبَحَ عَلَى عَجَلٍ، مِئَاتُ الأَفْكَارِ وَالمَعْلُومَاتِ وَالأَخْبَارِ تَتَدَفَّقُ مِنْ مَكَانٍ إِلَى آخَرَ بِلاَ حَوَاجِز، عبر وسائل الاتِّصال الحديثة مثل شبكة المعلومات الدولية “الإنترنت”، ووسائل التواصُل الاجتماعيِّ، والهواتف الذكيَّة، وتقنيات البثِّ التفاعُليِّ عبر الإنترنت والأقمار الصِّناعيَّة، فكان فـنُّ “القصَّة القصيرة جدّاً” هُو المُلائمُ لمثل هذه الظرُوف، يقرأ المُتلقي عشرات الأقاصيص رُبَّمَا وهُو في وسائل النَّقل، أو جالساً على حاسُوبه الشَّخصيِّ، أو عبر الهاتف الذكي وهُو يحتسي قهـوة الصباح، وبالتالي، فهُو -أي المُتلقي- رُبَّمَا لنْ يجد وقتاً كافياً لقراءة روايةٍ طويلةٍ (مثلاً)، أو رُبَّما سيقرأُهَـا على مراحـل طويلة؛ بسبب ضيق الوقت، وزحمة شواغـل الحياة المُعـاصرة، القائمة على السَّعيِّ وراء لقمة العيـش..

 

يتَصَـوَّرُ السحاتي أنَّ العصر الراهن يتسع لكل الفنون الإبداعية النثرية، رغم اعتلاء الرِّواية صدارة المشهد الأدبي:

أَتَصَـوَّرُ أنَّ فنَّ القصَّة القصيرة جدًا يُعَـدُّ مُلائماً لِعَصْرِنَا، للأسباب المُشار إليها قبل قليل، هذا منْ جانبٍ، ومن جانبٍ آخر فإنَّهُ رغم الرَّأيِّ الذي يقُولُ بأنَّ عصرنا هُو “عصر الرِّواية” الذَّهبيِّ، لانتشار هذا الفنِّ عالميّاً، وقُدرته على قول ما لا تستطيعُ قولهُ فُنُونٌ أُخْرَى؛ بحُكْمِ المساحة المُتاحة للسَّرْدِ عبر الرِّواية، وبحُكم قُدْرَتِهِ على استيعاب كثيرٍ منْ تجلِّيات البَوْحِ في فضائه السًّرديِّ المُمْتَدِّ، بِلاَ قُيُودٍ كثيرةٍ، (وهُو رأيٌ يتبنَّاهُ عددٌ كبيرٌ من الأُدباء والنُّقَّاد)، رغم ذلك فإنَّنِي أتصوَّرُ أنَّ لكُلِّ فَنٍّ مَذَاقُهُ ومَزَايَهُ وقُرَّائُهُ، وأنَّ العَصْرَ الرَّاهِنَ يتَّسِعُ لكُلِّ هذه الفُنُونِ الإبداعيَّة النَّثريَّة.

 

تتناول مجموعته “شواطئ الغُـربة” القصصيَّة هموم الغربة:

مجمُوعة “شواطئ الغُـربة” القصصيَّة تتضمَّنُ أعمالا تَحْتَفِي بالغُـرْبَةِ، بل تتخذُ منها عُنواناً عريضاً لها، تتسللُ تلك الغُـربة بين ثنايا هذه المجمُوعة، وأجدُني دُون أن أشعُـر أكتُبُ بقلمٍ يتلمَّسُ ملامح الغُربة في كُلِّ شيءٍ، يُلاحقُها بنهمٍ بالغٍ، يتربَّصُ بها الدَّوائر، ثمَّ يسكُبُها بتُؤدةٍ أحيانا، ودُفعةً واحـدةً عـلى عـجـلٍ أحْيَاناً أخْـرَى فِي قَـوَالبَ سَـرْدِيَّةٍ مُنوَّعـةٍ. يجمعُ نُصُوص هذه المجمُوعة هـمٌّ واحـدٌ، أو قُـلْ هُمُومٌ مُشتركةٌ، تدُورُ حـول الغُـربة والتشـرذُم والتشظِّي، وهي ملامحُ بائسةٌ بات يتَّسمُ بها عصـرُنا الرَّاهِـنُ بجَـدَارَةٍ وَاضِحَـةٍ…

 

يسهب في الشرح عن مجموعته القصصية، قائلًا:

تُعبِّرُ نُصُوصُ هذه المجمُوعة عنْ خلجات نفسي ومكنُونات قلمي في أوقاتٍ مُتبايِّنةٍ، وأماكن مُختلفة، ومراحل مُتباعدة، لكُلٍّ منها ظُرُوفُها ومُعطياتُها، وانعكاساتُها المُتمايِّزةُ على قلمي، ومُحاولاتي في مجال السَّرد القَصَصِيِّ على وجه التحديد. بالتأكيد هي مُحاولاتٌ، بدأتُها مُنذُ عقدين من الزَّمن، وشاء اللهُ عـزَّ وجـلَّ أنْ يُنْشَرَ هَذَا العَمَلُ، ويَرَى النُّورَ بَعْدَ كُـلِّ هذا الوقت في يناير 2019، عن المكتب العربي للمعارف بالقاهرة، وذلك لعوامل عديدة، منها:

أنَّني مُقلٌّ في كتاباتي القصصيَّة، وكُنتُ أنتظرُ باستمرارٍ أنْ تنضج تلك المُحاولاتُ، وتسير على الطريق الصَّحيح في عالم الإبداع القصصيِّ… وما حـدث أنَّني قـرَّرْتُ أنْ أجمع شتات ما كتبتُ في هذا الفنِّ بين دفتي كتابٍ واحـدٍ، لأن الوقت قد حان لذلك… وقد قـدَّم لهذه المجمُوعة الأديبُ الليبيُّ الرَّائعُ أ/ سالم العبَّار، وتزيَّنت بلوحات الفنَّان التَّشكيليِّ الليبيِّ العـالميِّ دكتور/ معتوق أبوراوي، فلهُما مني كُـلُّ الشُّكـر والاحترام والتَّقـدير.

 

ويشير السحاتي هُنا إلى أنَّ الأديب لابُدَّ أنْ يحمل إبداعُهُ رسالةً ساميةً، ترتكزُ على نشر قيم المحبَّة والتَّسامُح والسَّلام…، وتُعبِّرُ عن هُمُوم المُجتمع وهـواجس الناس

 

وكما يرى جان سارتر فإنَّ: “الأديب المُـلتزم هُـو ضميرُ مُجتمعـه وناصحـهُ الأمين”. ومُهمَّة الكاتب كما يرى توفيق الحكيم في كتابه “فن الأدب”: “ليست في مُجرَّد إقناع القارئ بل في التفكير معهُ، فالأدبُ طريقٌ إلى إيقاظ الرَّأي…، والكاتبُ مفتاحٌ للذِّهْـنِ، يُعينُ النَّاس على اكتشاف الحقائق والمعـارف بأنفُسهم لأنفُسهـم… وبالتالي، فالفـنُّ إذاً أداةٌ من أدوات خلق الذاتيَّـة، في المُجتمع الحُـرِّ…”. وَفِي هَذَا السِّيَاقِ، يُؤَكِّدُ (تودوروف) فِي مَقَالَتِهِ عَنْ “أَصْلِ الأَجْنَاسِ الأَدَبِيَّةِ” عَلَى أَنَّ: “الأَجْنَاسَ الأَدَبِيَّةَ تُبْرِزُ المَلاَمِحَ المُكَوِّنَةَ لِلْمُجْتَمَعِ الذِي تَنْتَمِي إِلَيْهِ. وَأَنَّ المُجْتَمَعَ يَخْتَارُ وَيُسَنِّنُ الأَفْعَالَ التِي تَتَطَابَقُ أَكْثَرُ مَعَ أَيْديُولُوجِيَّتِهِ؛ لأَجْلِ ذَلِكَ فَإِنَّ وُجُودَ بَعْضِ الأَجْنَاسِ فِي مُجْتَمَعٍ مَا، وَغِيَابَهَا فِي مُجْتَمَعٍ آخَرَ، يَكْشِفَانِ هَذِهِ الأَيْديُولُوجِيَّةِ، وَيُتِيحَانِ لَنَا تَحْدِيدَ مَعَالِمِهَا بِيَقِينٍ يَقِلُّ أَوْ يَكْثُرُ”.

 

ترجمت بعض أعماله إلى اللغة الإنجليزية، وشارك في كتاب مشترك، وفاز في مُسابقةٍ أدبيَّةٍ أقامتها إحدى المجلات العربية، عن هـذه الإنجازات الإبداعيَّة، يقول:

الإنجازاتُ رغم مَا تُضْفِيهِ على النَّفس من بَهْجَةٍ وَأَلَقٍ، إلاَّ أنَّهَا تَزِيدُ مِن مَسْؤُوليَّة الكَاتِبِ تجاه مَا يكتُبُهُ، وما يُقـدِّمُهُ لقُـرَّائِهِ، وَتَزِيدُ مِنْ هَاجِسِ حِسَابِ الخُطوَاتِ المُستقبليَّة، ووضع خُطَّةٍ مُعيَّنةٍ للعمل الإبداعيِّ، فَنَجَـاحُ الكَاتِبِ فِي مسيرته الإبداعـيَّة تعتمدُ على التخطيط المُسبق، والمُحافظة على الدِّقَّة والجَوْدَةِ في أعمـاله، فَكَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فإنَّ العَمَلَ الجَيِّدَ يَبْقَى، وَيُوَاجِهُ قَسْوَةَ الزَّمَنِ وَتَصَارِيفَ الدَّهْـرِ.

 

عمل الأستاذ خالد كمُحررٍ ومُشرف على بعض من الكُتُبُ الأكاديميَّة، وهي:

الكُتُبُ الأكاديميَّة الثلاثةُ المُشَارُ إِلَيْهَا مِن مَنْشُورَاتِ جامعة بنغـازي الليبية، على الموقع الإلكترُونيِّ، الأوَّلُ بعُنوان: “مفاهيم وقضايا معرفيَّة مُختارة: أعمالُ الموسم الثقافيِّ السَّنويِّ الأوَّل لقسم العلوم السِّياسيَّة (2013-2014)”، وقد صدر سنة 2016م، الثاني بعُنوان: “دراسات عربيَّة في العلوم السِّياسيَّة(1): كتابٌ علميٌّ أكاديميٌّ مًتخصِّصٌ في العلوم السِّياسيَّة وحُقُولها المُختلفة”، وقد صدر سنة: 2017م، الثالثُ بعُنوان: “دور الجامعات في المُجتمعات العـربيَّة: أعمالُ الموسم الثقافيِّ السَّنويِّ الثاني لقسم العلوم السِّياسيَّة (2016-2017)”، وقد صدر عام 2018م.

والغاية منها: هذه الكتب مُوجَّهة للباحثين والمُهتمِّينَ، والمُتخصِّصين في المجال السٍّياسيٍّ… وغيرها من المجالات الأخرى. وإنَّنِي أُسجِّلُ هُنا شُكْرِي وتقديري لكُـلِّ منْ سَاهَمَ مَعَنَا فِي إِنْجَازِ هَذِهِ الأَعْمَالِ الأَكَادِيمِيَّةِ، وَأَتَمَنَّى أنْ تَسْتَمِـرَّ هَـذِهِ التَّجْرِبَةِ، وَأنْ تَحْظَى بِالدَّعْمِ وَالتَّشْجِيـعِ مُسْتَقْبَـلاً فِي إِطَـارِ جامعـة بنغـازي، بِجَمِيعِ كُلِّيَّاتِهَا وَأَقْسَامِهَـا العِلْمِيَّةِ.

 

يَكتب الكاتب السحاتي المقالـة والدِّراسـاتُ الأدبيَّة، البُحُــوثُ … سئل عما إذا كانت هذه الكتابات حققت المُبتغى أو لامس هو بعض نتائجها الإيجابية، فأجاب:

لِكُلِّ عَمَلٍ كِتَابِيٍّ يُنْجِـزُهُ الكَاتِبُ وَظِيفَةٌ مُعَيَّنَةٌ، وَرِسَالَةٌ مُحَدَّدَةٌ، وَهَدَفٌ مُبْتَغَى، أيّاً كَانَ شَكْلُ هَذَا العَمَلِ، وَلِذَلِكَ فَإِنَّنِي أُقَدِّمُ أعمالي المُختلفة بما تقتضيه طبيعةُ كُلٍّ مِنْهَا، وَأَتَمَنَّى أَنْ تَكُونَ فِي المُسْتَوَى المَطْلُوبِ، وَأَنْ تَكُونَ مُفِيدةً لِلقَارِئِ الكَرِيمِ فِي أيِّ مَكَانٍ مِنْ هَذَا الكَوْنِ الفَسِيحِ… وَقَدْ كَتَبْتُ ذَاتَ مَرَّةٍ في إحدى مُشاركاتي القصصيَّة المنشُورة في كتابٍ جماعيٍّ: “إنَّ أعمالي القصصيَّة تتنوَّعُ مضامينُها، واتجاهاتُها، وتتباينُ في مقدار التكثيف والاختزال، واقتناص اللحظَاتِ الهَارِبَةِ مِنْ سِجْنِ الزَّمَـنِ…، أتمنَّى أنْ تجذبكُم هذه الأعمالُ إلى عـوالم مُترعةٍ بالإمتَـاعِ والدَّهْشَـةِ، وتنقُلَكُمْ إلى التَّعَـرُّفِ عَلَى ملامح تجربةٍ عـربيَّةٍ (مُتواضعةٍ) في الكتابة القصصيَّة.

مدى نجاح كتاباته: أمَّا مدى نجاح الكاتب في صياغة فضاءاتِ مُمتعةٍ في الزَّمَانَ والمَكَانِ والحَبْكَةِ فَيَعُودُ الحُكْمُ فِيهَا إِلَيْكُمْ، وإنْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ تِلْكَ الأَعْمَالِ فَرُبَّمَا يُغْـرِي هَذَا البَعْضُ بِمَزِيدٍ مِنَ الاطِّلاَعِ عَلَى مَلاَمِحِ هَذِهِ التَّجْرِبَةِ فِي فُـرَصٍ مُستقبليَّةٍ أُخْـرَى”.

 

خالد السَّحاتي كَاتِبٌ مُقِـلٌّ فِي إِنْتَاجِهِ …. ويَكشف لنا عن الأسباب:

بِخُصُوصِ قِلَّةِ الإنْتَـاجِ المَنْشُورِ فِي مَجَـالِ الكِتَابَةِ الإِبْدَاعِـيَّةِ فِـإنَّ السَّبَبَ يَكْمُـنُ في عـدَّةِ جَـوَانِبَ، مِنْهَـا مَا تَفَضَّلْتَ بِهِ مِنْ ضِيقِ الوَقْتِ؛ بِسَبَبِ الالتِزَامَاتِ العَمَلِيَّةِ الأُخْـرَى، مع أنَّنِي أُحَاوِلُ جَاهِـداً أنْ أَمْنَحَ الكِتَابَةَ الإبداعيَّة وَقْتاً مُعَيَّناً، رغم أنَّها قَدْ تُلِحُّ عَلَيَّ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، وبدُون أيِّ ترتيبٍ مُسْبَقٍ؛ بسبب قُوَّةِ حُضُورِ الفِكْرَةِ… وقَدْ كَتَبَ أديبُنا الرَّائِعُ الأستاذ/ سالم العبار في تقديمه لمجمُوعتي القصصيَّة “شواطئ الغُـربة” حَوْلَ هَذَا الأَمْرِ مَا يَلِي: “خالد السَّحاتي كَاتِبٌ حَذِرٌ، مُقِـلٌّ فِي إِنْتَاجِهِ، يَدْرُسُ خُطُوَاتِهِ بِثَبَاتٍ، وَيَتَحَسَّسُ أَيْنَ يَقِفُ، مَـا يَعْنِي أَنَّهُ نَاقِـدٌ قَـاسٍ عَلَى نُصُوصِهِ، احْتِرَاماً مِنْهُ لِقَـارِئِهِ، وَمِنْ هُنَا يَسْعَى دَائِماً لِتَجَاوُزِ البِدَايَاتِ، وِإِنْتَاجِ المُتَفَرِّدِ وَالجَدِيدِ”.

 

قرأ لهؤلاء الأدباء:

قرأتُ في طُفُولتي رواية “البُؤساء” لفيكتور هوجو، و”الأيَّام” لطه حسين، وبعضاً من أعمال الأديب/ يُوسف إدريس القصصيَّة… كما أطلعتُ على روائع الأدب الرُّوسيِّ، كان ذلك في نهاية المرحلة الإعـداديَّة، واستمرَّ (بِشَكْلٍ مُطَّرِدٍ) إِلَى المَرَاحِلِ اللاحِقَةِ…

أما الإعجاب: يُعْجِبُنِي كُلُّ أديبٍ صَادِقٍ يُبْدِعُ أعمالهُ بحرفيَّةٍ مَمْزُوجَةٍ بلُغَةٍ سَلِسَةٍ، وأسْلُوبٍ مُحْكَـمٍ، وتَحْمِـلُ أعْـمالُهُ فِي طَيَّاتِهَـا رِسَـالَةً نَبِيلَةً وَسَـامِيَةً…

 

قطاعُ التَّعليم العـالي في ليبيا…المصاعب … والمقترحات للإصلاح والتطوير

في نظر خالد السحاتي المُحَاضِـرٌ ” بقسم العـلوم السِّياسيَّة بكليَّة الاقتصـاد والعلوم السِّياسيَّة، جامعة بنغـازي:

تأثر قطاعُ التَّعليم العـالي في ليبيا كبقيَّة القطاعات الأُخْرَى بِالظُّرُوفِ السِّياسيَّة التِي عَاشَتْهَا ليبيا مُؤَخَّراً، خُصُوصاً فِي فَتْرَةِ الأَزْمَةِ السِّيَاسِيَّةِ التِي شَهِدَتْهَا البَلَدُ مُنْذُ عَـامِ 2014م، وأذْكُرُ أنَّهُ عُقِدَ فِي أكتوبر عام 2018م في رحاب جامعة بنغازي (مُلتقى وطني للارتقاء بالأداء الأكاديميِّ)، وقد شاركتُ بورقةٍ بحثيَّةٍ حَوْلَ (التعليم العالي في ليبيا)، قدَّمْتُ فِي نِهَايَتِهَا  إِطَاراً استراتيجيّاً مُقترَحاً لتطوير التَّعْلِيمِ العَالِي فِي بِلاَدِنَا، تَضَمَّـنَ عِـدَّةَ رَكَائِزَ تَتَعَلَّقُ بِتَمْوِيلِ التَّعْلِيمِ العَالِي، وَالتَّرْكِيزِ عَلَى تَطْوِيرِ بُنْيَتِهِ التَّحْتِيَّةِ وَضَبْطِ الجَوْدَةِ، وَتَطْوِيرِ التَّشْرِيعَاتِ المُنَظِّمَةِ لِعَمَلِهِ، وَدَعْمِ البَحْثِ العِلْمِيِّ وَنَشْرِهِ، وَوَضْعُ التَّعْلِيمِ العَـالِي فِي مَسَـارِ “اقْتِصَـادِ المَعْـرِفَـةِ” مِنْ خِـلاَلِ امْتِلاَكِ مَهَـارَاتِ المَعْلُـومَاتِيَّةِ، وتكنُولوجيـا المَعْلُـومَـاتِ..

وأشرتُ إِلَى الرَّأْيِّ القَائِلِ بِأَنَّ: “تحقيق التَّنمية الشَّاملة والمُستدامة وحماية الأمن القوميِّ والأمن التَّربويِّ والاقتصاد الوطنيِّ تتطلبُ الاهتمـام الجِـدِّيَّ بالتَّعليم بِشَكْـلٍ عَـامٍّ، والتَّعليم العَـالِي بِشَكْلٍ خَـاصٍّ، فَالمَنْظُومَةُ التَّعْلِيمِيَّةُ المُؤَسَّسَةُ عَلَى رَكَائِزَ عِلْمِيَّةٍ وَتَرْبَوِيَّةٍ صَحِيحَةٍ هِيَ أَفْضَلُ رَافِـدٍ مِنْ رَوَافِـدِ تَحْقِيقِ التَّقَـدُّمِ وَالاسْتِقْـرَارِ”، إذا أردنا أن نلحق بركب التطور فعلينا أن نهتم بتطوير التعليم.

 

المسارات التي دخلت إليها المسألة الليبية منذ عام 2011 م إلى الآن:

بدايةً أقُولُ إنَّ الأحداث التي شهدتها ليبيا مطلع عام 2011 م، وما ترتَّبَ عليها من تغيُّراتٍ سياسيَّةٍ، نتج عنها انتشارُ السِّلاح، وضعفُ سُلطة الدَّولة الجديدة، بعد سُقُوط النِّظام السَّابق، ولعـلَّ التشخيص الأكثر تفسيراً للحالة الليبيَّة بعـد عام 2011 م يكمُنُ في مُعضلة “انتشار القُوَّة”، أي تفتُّتُها بالمَعْنَى السَّلبيِّ لا الإيجابيِّ، وانتقالها من الدَّولة إلى فواعل مُتعـدِّدةٍ … وفي ظلِّ بوادر الأزمة السِّياسيَّة مُنذُ عـام 2014 م، وما مرَّتْ به من مراحل مُختلفة…، وُصُولاً إلى توقيع الفُرقاء الليبيين للاتِّفاق السِّياسيِّ بالصخيرات المغـربيَّة، برعاية الأمم المُتحدة، في 17/ديسمبر/2015، بعد جولات حوارٍ مُضنيةٍ وشاقَّةٍ، وانتشار ظاهرة الإرهاب، الذي يُهدِّدُ الأمن القوميَّ للدَّولة، تَدَخَّلَت المُؤسَّسة العسكريَّة لحماية كيان الدَّولة، وتمَّ دَعْمُهَا رَسْمِيّاً مِنْ قبل البرلمان الشَّرْعِيِّ المُنْتَخَبِ.. وواصلت طريقها لحماية ليبيا من الكيانات الإرهابيَّة، وهي حاليّاً تخُوضُ معركة تحرير العاصمة من الإرهـاب، بعدما نجحت بشكل واضح في حماية والسَّيطرة على منطقتي الجنُوب والشَّرق، فكانت المرحلة الأُخْرَى هي توفيرُ مناخاتٍ أمنيَّةٍ مُستقرَّةٍ لتنفيذ الاستحقاقات السِّياسيَّة المُتعثِّرة …

 

 على ضوء ما سبق، يعتقد السحاتي بإنَّ ليبيا ستشهـدُ قريباً استقراراً ملحُوظاً، وبسطًا لنفوذ وهيبة الدولة على كافة أراضيها، فنواةُ تأسيس الدَّولة هُو جيشُها الوطنيُّ، وبناءُ مُؤسَّساتٍ ديمُقـراطيَّةٍ، وإقرار الدستور.

يستطرد قائلًا: فقد كان ثمنُ إنقاذ ليبيا من الضياع غاليّاً، ونأملُ أنْ يكُون القادمُ أجملُ، وتبدأ مرحلة البناء، وتحقيق التنمية الشاملة، والاستقرار والرفـاه…

 

ما جرى في بعضُ البُلدان العربيَّة من أحداث/ ثورات عام 2011 م كان بدافع إحداث التغيير، ولكن:  

الحَدِيثُ عَنْ ما شَهِـدَهُ العالمُ العـربيُّ مِنْ أَحْدَاثٍ عَامَ 2011 م يطُولُ..، ولكنَّني أقُولُ هُنا في عُجَالَةٍ: إنَّ ما شهدتهُ بعضُ البُلدان العربيَّة في تلك الفترة كان بدافع رَغْبَةٍ شَعْبِيَّةٍ تتُوقُ نَحْوَ التَّغْييرِ، ولكنَّ ما حصل بعد ذلك هُو استغلالُ أطرافٍ أُخْرَى لِهَذِهِ الأَحْدَاثِ، وما نتج عَنْهَا مِنْ سُقُوط سُلطة الدَّولة، البعضُ كان هـدفُهُ تحقيق مكاسب مادِّيَّةٍ، والبَعْضُ الآخَرُ كَانَ هَـدَفُهُ تقويضُ سُلطة الدَّولة، لتستمرَّ حالة الفـوضى، ثُمَّ بعـد ذلك تباينت مآلاتُ تلك الأحداث؛ تبعاً لاختلاف الفُرقاء السِّياسيين، والتركيبة الاجتماعيَّة، والثقافة السِّياسيَّة، والموقع الجُغـرافيِّ، ودور العـوامل الخارجيَّة، الإقليميَّة منها والدَّوليَّة.

 

دُمُوعُ الحُـزن والفــرح …

متى فـاضت دُمُوعُ الكاتب والقاص خالد السَّحاتي أكثر من مـرَّةٍ ولنفس السَّبب؟ ومتى ابتسم؟: 

الآن دُمُوعِي تَفِيضُ عِنْدَمَا أتذكَّرُ أَبِي رَحِمَهُ اللهُ، فمَكَانُهُ فَـارِغٌ، وإطلالتُهُ الرَّائعَةُ غَابَتْ عَنَّا، ذَاتَ يَوْمٍ خَرِيفيٍّ لاَ يُنْسَى مِنَ العَـامِ المَاضِي (2018 م).

وأحيانا أبْتَسِمُ عِنْدَمَا أتذكَّرُ بَعْضَ مَوَاقِفِهِ المَرِحَة، وَكَأنَّ رُوحَهُ مَوْجُودَةٌ بَيْنَنَا تُرَفْرِفُ فِي زَوَايَا البَيْتِ، وَتُربِّتُ عَلَى أكْتَافِنَا، وتمْسَحُ دُمُوعَنَا… لقد اشتقتُ إِلَى وَجْـهِ أَبِي المَحْفُورِ فِي الذَّاكِرَةِ، وَإِلَى حَدِيثِهِ المُمْتِعِ، وابتسامته الرَّائِعَـةِ. رَحِمَهُ الله، وأسْكَنَهُ فَسِيحَ جنَّاتِهِ.

 

الكاتب والقاص الليبي خالد السَّحاتي … يضع بصمةٌ أخيرةٌ في مسـك الختـام:

أشكُرُك صديقي الرَّائع، جزيل الشُّكر على هـذا الحـوار المُمتع، والشيِّق، والشَّامل، أتمنَّى لك التوفيق الدَّائم، وأتمنَّى أنْ تستقرَّ بلدي ليبيا الحبيبة، وأنْ يَعُمَّ الأمنُ والأمانُ والسَّلامُ رُبُوعَ وطننا العربيِّ الكبير. ونأمـلُ أنْ يكُـون القـادمُ أجمـل لكُـلِّ الأجيال القـادمـة، حفظ اللهُ بلدنا، ودُمْتُمْ جَمِيعاً بألف خَيْرٍ وَسَـلاَمٍ…

حوار أجراه: خالد ديريك

………………………

العدد 123 من صحيفة صدى المستقبل 

 

 

السـيرةُ الذاتيَّـةُ (CV) للكاتب والقاص خالد السَّحَــاتي

                                خــالـد خميـس السَّحَــاتي

*معـلومـاتٌ أسـاسـيَّة:

مكـــــانُ الميــلاد:                بنغــــازي/ ليبيا.

التخصُّصُ العـامُّ:                 عــلـوم سياسيَّـة.

التخصُّصُ الدَّقيقُ:            علاقـاتٌ دوليَّةٌ+ نُظُمٌ مُقـارنةٌ.

عُـنوان العمـــــل:             قسم: العلوم السِّياسيَّة، كُليَّة: الاقتصاد/ جامعـة: بنغـازي.

الحالة الاجتماعيَّةُ:             مُـتزِّوجٌ..

البريـدُ الإلكتروني:               [email protected]

[email protected] 

*المُؤهِّـلاتُ العـلميَّةُ:

بكالوريوس علوم سياسيَّة-كُلية الاقتصاد والعلوم السِّياسيَّة-جـامعـة بنغـازي، (2005/2006).

دبلوم الدِّراسـات العُـليـا-كُلية الاقتصاد والعلوم السِّياسيَّة-جـامعـة بنغـازي، سنـة:(2008).

ماجستير علوم سياسيَّة-كُلية الاقتصاد والعلوم السِّياسيَّة-جـامعــة القاهـرة، (2011-2012).

* الدَّرجـة العـلميَّة الحاليَّة:

“مُحاضـرٌ ” بقسم العـلوم السِّياسيَّة بكليَّة الاقتصـاد والعلوم السِّياسيَّة، جامعة بنغـازي/ ليبيا.

*مجــالاتُ الكتـــابة:

القصَّةُ القصيرة-القصَّةُ القصيرة جـدّاً(الأقصُـوصة)-المقالـة الأدبيَّة-المقالة الثقافيَّة-الدِّراسـاتُ الأدبيَّةُ والثقافية-الإعـدادُ الإذاعيُّ-البُحُــوثُ والدِّراسـاتُ والمقـــالاتُ السِّيـاسيَّـة.

*الكُتُبُ الأكاديميَّة المنشُـورة: منهـا مـا يلي:

  1. (تحرير وإشراف)، كتابٌ(جماعيٌّ): مفاهيمٌ وقضايا مَعْـرِفِيَّةٌ مُخْتَارَةٌ: أعْمَالُ المَوْسِمِ الثقافيِّ السَّنَوِيِّ الأول لقسم العلوم السِّياسيَّة كُليَّة الاقتصاد جامعة بنغازي لعـام (2013/2014): كتابٌ توثيقيٌّ، بنغـازي/ ليبيا: منشُوراتُ جـامعـة بنغـازي/ المـوقـعُ الإلكتروني، 2016.
  2. (تحرير وإشراف)، كتابٌ (جماعيٌّ): دراساتٌ عربيَّةٌ في العلوم السِّياسيَّة(1)، كتابٌ علميٌّ أكاديميٌّ مُتخصِّصٌ في العلوم السِّياسيَّة، بنغازي/ ليبيا: منشُوراتُ جـامعـة بنغـازي/ المـوقـعُ الإلكتروني، 2017.
  3. (تحرير وإشراف) كتاب: دور الجامعات في المُجتمعات العربية، أعمال الموسم الثقافي السنوي الثاني لقسم العلوم السياسية كلية الاقتصاد جامعة بنغازي(2016-2017)، بنغازي: جامعة بنغازي/الموقع الإلكتروني، 2018م.

* الورقـــاتُ البحثيَّة المنشُـورة: منهــا مـــا يــلي:

  1. ورقةٌ بعُـنوان: “مفهُـومُ التَّسـامُـح ومبدأ الاختـلاف”، مجلة: رُؤى، بنغـازي، هيئـة دعم وتشجيع الصَّحـافـة الليبيَّة، العـدد: 15، مـارس/أبريل 2015، ص ص24-35.
  2. ورقةٌ بعُـنوان: “مفهُومُ العولمة وأبعادُها: تأصيلٌ نظريٌّ”، مجلة: رُؤى، بنغـازي، هيئـة دعم وتشجيع الصَّحـافـة الليبيَّة، العـدد: 19، نوفمـبر/ديسمـبر 2015، ص ص 118-127.

* المقـــالاتُ المنشُـورة: منهـا ما يلي:

  1. 1. مقالةٌ بعُنوان: “إهابُ العولمة المُمَزَّقِ: تأمُّـلاتٌ ورُؤى فِيمَـا وَرَاءَ العـولمة الثقافيَّـةِ (1)”، صحيفة: العرب الأسبوعي، لندن، مُؤسَّسة العـرب للنشـر، العـدد: 141، السبت: 9/2/2008.
  2. مقالةٌ بعُنوان: “وجـه العُـملة الآخـر: الأمـركـة”، صحيفة: العرب الأسبوعي، لندن، مُؤسَّسة العـرب للنشـر، العـدد: 142، السبت: 16/2/2008.
  3. مقالة بعُنـوان: “الثـورات العـربيـة ووعـود التغيير”، مجلة: الهـلال المصرية، القاهـرة، دار الهـلال، العـدد: 1475، يناير 2016.

* الأعمــالُ الإبـداعيَّة منـهــا مــا يــلي:

  1. مجمُوعة قصصيَّة بعنوان: شواطئ الغربة، الطبعة الأولى، القاهـرة: المكتب العـربي للمعــارف، 2019.

2.”مجمُـوعة قـصصيَّة” تحـت الطـبـــــع..

3.فَازَتْ أَقَاصِيصُهُ فِي شهر فبراير 2008 بـمُسابقة (قصص على الهواء/ أصواتٌ شابَّةٌ في القصة العـربيَّة)، وهُو مشرُوعٌ ثقافِيٌّ رائدٌ لمجلة العربي الكويتية، بالتعاوُن مع إذاعة البي بي سي العربية في لندن لاحتضان إبداعات الشباب في مجال: “القصَّة القصيرة”. وقد نُشرت أعماله الفائزة في تلك المُسَابقة في: كتاب {مجلة العــربي} الكـويتية، وزارة الإعـلام، الكـويت، أبـريــــل 2009.

4- تُرْجِمَت بَعْضٌ من أعماله الإبداعيَّة (قصص قصيرة وأقاصيص) إلى اللغة الإنجليزية ضمن كتابٍ توثيقيٍّ موسُوعيٍّ، يُوثِّقُ لمسيرة الأدب الليبيِّ في القـرن العـشـرين والقـرن الحـادي والعـشـريـن.

  1. شارك بأعماله القصصيَّة في مُبادرة حُلم الوُصُول الدَّوليّة بمصر، ونُشِرَتْ قِصَصُهُ المُشاركة في كتاب: قطـوف الأوطــان، الحدث الدولي الخامس، القاهرة، دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع، 2019.
  2. تمتد تجربته الكتابية لما يقارب عقدين من الزمن، في المجال الإبداعي والثقافي والبحثي.

كما نشـر الكاتبُ مقـالاته السياسية والأدبية وأعماله الإبداعيَّة في عـددٍ من الصُّحف والمجلات الليبيَّة والعـربيَّة (الورقيَّة والإلكترُونيَّة)، منهـا على سبيل المثــال مـــا يـلي:

صحيفة: “أخبار بنغــازي”، صحيفة: “قـورينا”، صحيفة: “الكلمة”، صحيفة: “ميـادين”، صحيفة: “العـين”، صحيفة: “فسـانيـا”، صحيفة: جامعة قاريُونس(سابقا)، صحيفـة: “الحقيقـــة”، صحيفة: “الأحــوال” الليبيَّة، صحيفة: “العـرب” اليومية (لندن)، صحيفة: “العرب الأسبوعي”(لندن)، مجلة: “الثقافة العربيَّة” الليبيَّة، صحيفة: “صدى المُستقبـل”، صحيفة: “أخبار الأدب” القاهريَّة، صحيفة: “الحياة” اللندنيَّة، صحيفة: “كواليس” اليوميَّة (الجزائريَّة)، صحيفة: “الدستُور” اليوميَّة المصريَّة، صحيفة: “الرأي” المصريَّة، صحيفة: “المُوجز العربيِّ” المصريَّة، مجلة: “دُبي الثقافيَّة”، مجلة: “الشاهـد” في قبرص، مجـلة: “رُؤى” الثقافية، مجلة: “المُؤتمر”، مجلة: “الفُصُول الأربعة”، مجلة: “الهلال” المصريَّة، مجلة: “العـربيِّ” الكويتيَّة، مجلة: “الجديد” لندن، موقعُ: ديوان العرب، موقعُ: جامعة بنغازي، موقعُ: بلد الطيوب، موقـعُ: فسانيـا، وغيرها..

* أقــوالٌ وشهـاداتٌ في أدب خـالـد خميـس السَّحــاتي:

خطت أقلام بعض الكتاب الليبيين والعـرب بعض الكلمات في أدب خالد السحاتي منها مثلا:

  • من تقديم الأديب الليبي الأستاذ/ سالم العبار لمجمُوعتي القصصية “شواطئ الغربة”:

وقِصَصُ خالد السحاتي التِي ضَمَّهَا هَذَا الكِتَابُ تَضَعُ القَارِئَ بَيْنَ مَخَالِبِ الوِحْدَةِ وَالرَّحِيلِ وَالتَّشَظِّي مِنْ عَنَاوِينِهَا التِي خَفَرَتْ أَبْوَابَ النَّصِّ تَحْتَ سَطْوَةِ: (تجلِّيات الأقْدَارِ- لعنة الكَلِمَاتِ- فزع الكَوَابِيسِ- رَحِيل- أَطْلاَل- مَتَاهَات التَّشَظِّي- نَدَم- تَحَايُل)، مَا يَطْرَحُ السُّـؤَالَ الأَزَلِيَّ الأَبَـدِيَّ- الخَيْرُ وَالشَّرُّ- الأَبْيَضُ وَالأَسْوَدُ، وَذَلِكَ التَّوْقُ إِلَى الحُلُولِ وَالاكْتِمَالِ مِنْ أنَّ ثَمَّةَ قَدَرِيَّةَ الانْفِصَالِ، لاَ فِكَاكَ مِنْهَا لإِحْدَاثِ زَمَنٍ مِنْ تَوْقٍ إِلَى حُلُولٍ جَدِيدٍ يَظَـلُ مُشْـرَعاً عَلَى المُطْلَقِ، فَيَظَـلُّ الفِعْلُ مَاثِلاً مُسْتَمِرّاً.. وهكـذا، فإنَّ السحاتي في قِصَصِهِ هَذِهِ يَخْلُصُ لِلوَاقِـعِ كَثِيراً، بَلْ وَإنَّ رُوحَ البَاحِثِ كَثِيراً مَا تَتَدَخَّـلُ فَي مَضَامِينِ نُصُوصِهِ، فَنَجِـدُهُ فِي أَغْلَبِهَا يَقِفُ بَعِيداً، وَيَتْرُكُ الحَدِيثَ لِرَاوٍ مِنْ خَـارِجِ النَّصِّ, لَكِنَّ هَـذَا الحَدَبَ يَتَلاَشَى فِي قِصَصِهِ القَصِيرَةِ جِـدّاً، فَنَجِـدُ الرَّاوِي مِنْ دَاخِـل النَّصِّ، وَبِضَمِيرِ المُتَكَلِّمِ، بَلْ وَذَهَبَ فِي بِنَاءِ قِصَصِهِ القَصِيرَةِ جِدّاً بَعِيداً عَنْ بَوَاكِيرِ بِدَايَاتِهِ، فَنَجِدُهُ (يُؤَنْسِـنُ) الأَشْيَاءَ، وَيَمِيلُ إِلَى الوَمْضَةِ القَصِيرَةِ السَّرِيعَةِ المُكَثَّفَةِ, لَكِنَّهُ فنِّيّاً أَصَابَ فِي القِصَّةِ القَصِيرَةِ مَا لَمْ يُصِبْهُ فِي  الفَـنِّ الأَصْعَبِ، فَنُّ القِصَّة القَصِيرَةِ جِدّاً, وَالحَقِيقَةُ التِي أدركُهَا أنَّ القِصَّة هِيَ التِي تَخْتَارُ شَكْلَهَا بِمَا يَفْـرِضُهُ مَضْمُونُها، لَكِنَّ الإِجَـادَةَ تَكْمُـنُ فِي كَيْفِيَّةِ أنْ تَخْتَصِرَ كَثِيراً لِتَكْتَشِفَ أنَّكَ عَمِيقٌ، تَتَمَاهَى فِي الجَوْهَرِ تَمَاماً كَمَا تَسْتَدْرِجُ النُّقْطَةَ العَبَّارَةَ، لِتُوقِفَهَا عِنْدَ خُلاَصَةِ المَتْنِ، وَتَبُثَّ الرُّوحَ فِي أَجْسَـادِ الحُـرُوفِ. خالد السحاتي كَاتِبٌ حَذِرٌ، مُقِـلٌّ فِي إِنْتَاجِهِ، يَدْرُسُ خُطُوَاتِهِ بِثَبَاتٍ، وَيَتَحَسَّسُ أَيْنَ يَقِفُ، مَا يَعْنِي أَنَّهُ نَاقِدٌ قَاسٍ عَلَى نُصُوصِهِ، احْتِرَاماً مِنْهُ لِقَارِئِهِ، وَمِنْ هُنَا يَسْعَى دَائِماً لِتَجَاوُزِ البِدَايَاتِ، وِإِنْتَاجِ المُتَفَـرِّدِ وَالجَدِيدِ. 

  • من مقالة الروائي الليبي/ محمد الأصفر “عدد متميز ولكن: قراءة في العدد 288″، بمجلة: الثقافة العـربية، ليبيا، العــدد: 289، نوفمبر 2007، ص166:

“والكاتبُ خالد السَّحاتي من الأقلام الليبية المُتميِّزة. فهُو يقرأُ كثيراً، ويكتُبُ المقالة النَّقديَّة بموضُوعيَّةٍ، كذلك يكتبُ القصَّة القصيرة بلُغةٍ متينةٍ ذات رُؤى تأويليَّة لا مُتناهية، ونُصُوصُهُ تتَّجِهُ نَحْوَ الأفضَلِ باضطـرادٍ، وهُو كما نقرأُ لهُ في مقالاته يُتابعُ الكتابات الليبيَّة التي أبدعها كُتَّابُنا السَّابقُون مُستفيداً مِنْهَا، من دُون أنْ يجعلها مُتَّكئاً، أو يسمـح لأجـوائهـا بالتَّسَلُّلِ إلى نُصُوصِهِ”.

  • الروائي السوري نبيل سليمان مجلة العربي الكويتية، العـدد: 591، فبراير 2008م، التي نشرت فيها قصصي القصيرة جدا الفائزة في مسابقة: “قصص على الهواء: أصوات شابة في القصة العربية”: كتب نبيل سليمان: “في هذه الباقة من القصص وجدتُ عـدداً من القصص القصيرة جـدّاً… لخالد خميس السحاتي، …وقد اخترت له خمسا، وأمَّـا قصصُ (..) السحاتي فأحسبُ أنهُ قد توافر لها قدرٌ كافٍ من الاقتصاد اللغـويِّ، ومنْ دقَّةِ اللفظة وحساسيَّتِهَا. ولعـلَّ اختياري لهذه القصص القصيرة جدّاً أنْ يُفسـح لتجربـةٍ مُختلفةٍ، ومحفُـوفةٍ بالمـزالـق”. ص 144.
  • الناقد المصري دكتور/ مختار أمين: 24/أكتوبر/2018م: مؤسسة المختار للنصوص الأدبية بين الاحتراف والهواية، على الفيس بوك: https://www.facebook.com/groups/231948873520765/permalink/1903008443081458/?comment_tracking=%7B%22tn%22%3A%22O%22%7D

تعقيبٌ على بعض النُّصُوص القصصيَّة للكاتب خالد السحاتي: “في العــام: من ناحية اللغة العربية: تحلت لغة النصوص بالبلاغة والحرفية، حيث تجولت بقلمك كل علوم البلاغة تقطف لنا وردة من كل نبع علم فيها من: (علم البديع ـ علم المعاني ـ علم البيان)، واخترت من المجاز ما أروعهُ، ومن التشبيهات ما أجملها، ومن الكنايات ما أحسنها، ومن المحسنات البديعية والجمالية والصورة ما أمتعها للذوق والعين والخيال.. رغم ما قلبت علينا نصوصك من همّ وجرح لما يتكبده يوميا وطننا العربي، رغم أنك عبرت بأسلوب رومانسي عن الألم والنكبة بما ألبست سردك من ثوب مبدع حريري من المجاز، وحصّنته بالمُحسِّنات والتشبيهات والكنايات؛ فخلقت أسلوبا واعرا لتسير فيه نصوصك، وهذا يُخالفُ في العادة النصوص التي تحكي عن الألم أنْ تختار الأسلوب الرومانسيَّ مُدعَّماً بالرَّمزيِّ، ونجحت في هذا نجاحاً يكشفُ كبد خيال كتابي الجديد في أحد فصوله وأبوابه، وهو في طور التأمل والتقسيم والتأليف، وكـأنك حللت لي مُعضلة في تغيير أردية الأسلوب والسرد، بطابع هندسي جديد”.

“نُصُوصُ (خالد السحاتي) جميلةٌ جـدّاً.. انكتبت فوق آثار جُرُوحٍ يَصْعُبُ انْدِمَالُهَا.. بِثِيمَاتٍ قفلاتُهَا تَحْمِلُ نفس النهاية المُوجعة؛ لأنَّ الكاتب واحدٌ، والوجع واحدٌ..الفكرةُ أكبرُ من كونها قصصا قصيرة جدا.. هي فكرة وطن يُعاني جسده من التمزق.. استطاع الكاتبُ بدُربته أنْ يُسافر بنا إلى أثلامٍ خطَّها قلمُهُ بتكنيكٍ مُدْهِشٍ”.. .

 

عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

نزل المطر/ بقلم: آمنة بريري

نزل المطر   فاصطبغ الكون بالصفاء والسموّ   وسرت نسمات شذيّة تلامس ...

على نكْءِ الجراحِ أرشُّ مِلحاً / بقلم: عبدالناصر عليوي العبيدي

ولــي قــلبٌ تعاندُهُ الصّروفُ ونــهرُ الــحادثاتِ بــه يحوفُ – إذا تــركَ الــرَّبيعُ ...

غزة غزوات / بقلم: عصمت شاهين دوسكي

منى النفس غزواتها وحدها على كبد شروخها راع الصدود عادة حملت الوهن ...

غزة الأمة وأمة غزة/ بقلم: خالد السلامي

منذ نكبة فلسطين في ١٩٤٨ تلك السنة العجفاء بل وقبلها حين بدأ ...

الظل والقرين/ بقلم: فاطمة معروفي

قصيدة من ديوان “نفس الماء” ضوضاء الصمت…… من حولي تكبل نقطي تمسح ...

أسمال الفزاعة البالية للشاعر بادماسيري جاياثيلاكا / ترجمة : بنيامين يوخنا دانيال

هايكو ( 1 ) أسمال الفزاعة البالية يسحب الحباك خيوطها * من ...

في الجهة الأخرى من الخديعة / بقلم: سالم الياس مدالو

  في الجهة الاخرى من الخديعة تفرك الغربان باجنحتها الشوك العوسج والحنظل ...

حلبجة الجريحة / بقلم: عصمت شاهين الدوسكي

  هلموا اسمعوا هذا الخبر نبأ اليوم قد تجلى حضر من قريب ...

واحة الفكر Mêrga raman