الرئيسية / خواطر ونصوص شعرية / أخيرًا حرّرَتني/ بقلم: مرام صافي الطويل

أخيرًا حرّرَتني/ بقلم: مرام صافي الطويل

أخيرًا حرّرَتني/ بقلم: مرام صافي الطويل

ــــــــــــــــــ

أعودُ إلى قفصي في نهايةِ كلِّ يومٍ، أستمتعُ بوحدَتِي، أمسكُ أوراقي وأقلامي وأخذُ أبعثرُ ضجيجَ مشاعري على صفحاتٍ لن تنسى سطورها لشدّةِ قسوةِ القلم الذّي كتبها، فأبى أثرُها الرّحيل على مر السنينِ.

في كل مرةٍ أشعرُ بأن الحيرةَ تطرقُ بابي جالبة وايّاها الخوف والحزن كنتُ افتح البابَ مستسلمة لتلك الأغلالِ التّي تلتف حول عنقي ، وتنوي خنقي ، مطلقة العنان لدموعي كي تتفجرَ كالبركانِ وتنهمرُ شاقةً في طريقها وجنتي بألم غريب ، ألمٌ يفوق حرّ تلك الحِمَمِ التّي لم تكتفِ بحرقِ وجنتيَّ وحسب ، بل أخذت تحولني إلى جثةٍ هامدة، نعم جثةٌ هامدة لا تصلحُ لشيء تفوقُ الليل سواداً وتفوقُ الحزن حزناً .وفي اليوم التالي استيقظ كالأموات لا قوة لي على الحراكِ ،أقفُ أمام مرآتي وارتدي ابتسامتي كثوبي ثمّ أغادر قفصي مؤقتاً. وفي مرّةٍ عدّتُ إلى غرفتي (قفصي) أحملُ على عاتقي همٌّ يفوقُ كلَّ همٍ ، نظرتُ لمرآتي بعدَ كلِّ الخساراتِ تلك ، شعرتُ بأن الحياة قررت أن تمنحني كلَّ قسوتها ، وفجأة اسمع دقاتً على باب غرفتي تفسدُ عليّ لحظة كآبتي ، دقات لم تكن بغريبة ٍ بل اعتدتُ على سماعها في الآونة الأخيرة .نعم إنهم ضيوفي المعتادون ، إنهم ذلك العِقدُ الأسود الذّي يريدُ في كلّ ليلةٍ خننقي ، فتحتُ البابَ واستقبلتُ ضيوفي بوجهٍ بشوشٍ ، وجلستُ ثمّ مددت يدي إلى مصرعي النافذةِ وفتحتها ، فتسللت نسماتٌ لطيفةٌ إلى أفكاري ، وباتت تبعثُ بي القوة ولأولِ مرّةٍ كانت هذه الرياحُ لا تريدُ إشعالَ نيران جوفي لتحرقني بل أتت ، لتحررَني لتراقصَ أفكار عقلي التّي باتت مشوهةً مشوشة .أغمضتُ عينايَ وإذ بضيوفي يلتفون حولي وبدأت أيديهم تحيطُ عنقي كالمعتادِ ، شعرتُ بقوةٍ غريبة جعلتني أطلق العنانَ ليداي لتهرع وتقطع حبلَ العِقد ذاك فتتساقطُ حبّاته على الأرض مهزومةً وراحت يداي تلتفُ حول جسدي تعانقهُ بفرحٍ ، يداي التّي لم تكن مقيدةٌ يوماً لكنني كنتُ كابحة إياها فلا تستطيع أن تحررني مني ومن أفكاري.

عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

نزل المطر/ بقلم: آمنة بريري

نزل المطر   فاصطبغ الكون بالصفاء والسموّ   وسرت نسمات شذيّة تلامس ...

على نكْءِ الجراحِ أرشُّ مِلحاً / بقلم: عبدالناصر عليوي العبيدي

ولــي قــلبٌ تعاندُهُ الصّروفُ ونــهرُ الــحادثاتِ بــه يحوفُ – إذا تــركَ الــرَّبيعُ ...

غزة غزوات / بقلم: عصمت شاهين دوسكي

منى النفس غزواتها وحدها على كبد شروخها راع الصدود عادة حملت الوهن ...

غزة الأمة وأمة غزة/ بقلم: خالد السلامي

منذ نكبة فلسطين في ١٩٤٨ تلك السنة العجفاء بل وقبلها حين بدأ ...

الظل والقرين/ بقلم: فاطمة معروفي

قصيدة من ديوان “نفس الماء” ضوضاء الصمت…… من حولي تكبل نقطي تمسح ...

أسمال الفزاعة البالية للشاعر بادماسيري جاياثيلاكا / ترجمة : بنيامين يوخنا دانيال

هايكو ( 1 ) أسمال الفزاعة البالية يسحب الحباك خيوطها * من ...

في الجهة الأخرى من الخديعة / بقلم: سالم الياس مدالو

  في الجهة الاخرى من الخديعة تفرك الغربان باجنحتها الشوك العوسج والحنظل ...

حلبجة الجريحة / بقلم: عصمت شاهين الدوسكي

  هلموا اسمعوا هذا الخبر نبأ اليوم قد تجلى حضر من قريب ...

واحة الفكر Mêrga raman