الرئيسية / مقالات / جيل بوبجي/ بقلم: خالد السلامي

جيل بوبجي/ بقلم: خالد السلامي

جيل بوبجي

بقلم: خالد السلامي

ـــــــــــــــــــــ

في زمان ما قبل النت والجوال والفضائيات والمدبلجات والربيع العربي كان شباب العرب عموما والعراق خصوصا يتمسكون بكل التقاليد والقيم والأخلاق الحميدة التي يتصف بها العرب والتي على أساسها كانت امه العرب  خير امه أخرجت للناس لما اتصفوا به من صفات الشجاعة والكرم واحترام الجار والوفاء وبر الوالدين وطاعة أولياء الأمور والغيرة والعفو والحشمة والشرف  فتَخَرّجَ من مضايفهم وملتقياتهم ومدارسهم خيرة الرجال الذين تتمنى كل الأمم أن يكون لديها أمثالهم من القادة والشعراء والعلماء في مختلف المجالات ونساء لم يعرفن العري ولا ضيق الملابس ولا الاسترجال إلا في المواقف التي تستوجب أن يحفظن غيبة رجالهن ، فلم نسمع أن هناك ولدا عاق لوالديه فيخرج كيف يشاء ويرفع صوته متى ما يشاء ويتصرف وكأنه  بلا والدين بل وينكر عليهم حتى حق السؤال عن وجهة خروجه أو وقت عودته أو مع من يمشي ويسهر  ولا يستبدل الليل بالنهار والنهار بالليل مصاحبا لهاتفه الذكي أو جهازه اللوحي ( آي باد ) أو حاسوبه مقيما  ليله مع غرف الشاة أو العاب الخبث الإلكتروني  كلعبة بوبحي وغيرها فلا يرى الشمس ولا الشمس تراه ولا يتخنث كالنساء في الشكل واللبس والحركات والكلام .

أما اليوم وبعد دخول التكنولوجيا الرقمية بكل أنواعها وأشكالها فقد تحقق كل ذلك واكثر فقد صار شبابنا في عالم آخر غير عالمنا الذي كنا نعرفه وربما لازال بعضنا متمسك به فيتصور  انه قادر على فرض حرصه على أبنائه ومنعهم من الخطأ وأبعادهم عن المخاطر  فما نراه ونسمعه من قصص الأبناء مع آبائهم أو أولياء أمورهم  وذويهم ما تشيب له الرؤوس فصار الولد يصرخ بوجه أبيه ليمنعه من التدخل في تصرفاته الشخصية كتخنثه وخروجه دون إبلاغ احد من أسرته عن وجهته وسهره طوال الليل ونومه كل النهار  وعدم معرفة أصدقائه وفشله في الدراسة وقبل كل هذا وذاك ابتعاده عن ربه وانقطاعه عن واجباته الدينية تجاه خالقه عدا إهماله لما يتوجب عليه عمله  لبيته وأسرته ووالديه ومساعدتهم في أمورهم المنزلية والاجتماعية وغيرها ، إضافة إلى ما نراه من تصرفات بعض الإناث من حيث التبرج  واللبس الفاضح والتشبه بالرجال .

ترى هل أن تطور التكنولوجيا وخصوصا الرقمية منها يعتبر نعمة أَم هي نقمة على مجتمعاتنا التي وجدت نفسها فجأة في عالم افتراضي غريب عن طبائعها وتقاليدها وقيمها ومبادئها فُرِض عليها فرضاً في غفلة من الزمن بلا مقدمات وبدون تهيئتها لهذا الانتقال الرهيب من المضيف العامر بقيمه ومبادئه وأخلاقياته إلى عالم افتراضي مجهول مليء بأسباب ومقومات الانهيار الاجتماعي والخلقي إضافة إلى ما يحتويه من إيجابيات تخدم المجتمع وأفراده والتي لم يلتفت  شبابنا إليها ( الإيجابيات ) وإنما انجرفوا وراء ما فيه من روافد الانهيار الاجتماعي وتدمير البنى التحتية لبناء الشباب خصوصا بعد ما فرضته احتلالات القرن الحادي والعشرين وما سمي بثورات الربيع العربي  من فقر وتجويع متعمد وبطالة  وفتن وحروب واقتتال ساقت هؤلاء الشباب إلى اللجوء مجبرين إلى هذا البحر الغامض من  التكنولوجيا الرقمية  وعالمها الافتراضي  والتي أفسدت كل ما بناه أبناء القرن العشرين وماقبله في تربية أولادهم وما زرعوه فيهم من قيم ومبادئ وأخلاق هذا عدا ما يفرضه الدين من تعاليم وما كان يُقِره المجتمع العربي من أعراف وقوانين وتقاليد كانت تمثل اجمل ما يجب أن يكون عليه الشاب العربي من صور .

  وللحد من كل هذه التأثيرات وسلبياتها صار لابد من تضافر كل الجهود الحكومية والدينية والتربوية والإعلامية مع جهود الأُسرة للحفاظ على أجيالنا الجديدة وخصوصا التي ولدت في بداية الألفية الثالثة التي جاءت بكل هذه الابتلاءات الرقمية المريبة وجعلتنا لا نميز بين الذكر والأنثى منهم وجعلتهم لا يفرقون بين الليل والنهار وقبل فوات الأوان.

عن Xalid Derik

x

‎قد يُعجبك أيضاً

نزل المطر/ بقلم: آمنة بريري

نزل المطر   فاصطبغ الكون بالصفاء والسموّ   وسرت نسمات شذيّة تلامس ...

على نكْءِ الجراحِ أرشُّ مِلحاً / بقلم: عبدالناصر عليوي العبيدي

ولــي قــلبٌ تعاندُهُ الصّروفُ ونــهرُ الــحادثاتِ بــه يحوفُ – إذا تــركَ الــرَّبيعُ ...

غزة غزوات / بقلم: عصمت شاهين دوسكي

منى النفس غزواتها وحدها على كبد شروخها راع الصدود عادة حملت الوهن ...

غزة الأمة وأمة غزة/ بقلم: خالد السلامي

منذ نكبة فلسطين في ١٩٤٨ تلك السنة العجفاء بل وقبلها حين بدأ ...

الظل والقرين/ بقلم: فاطمة معروفي

قصيدة من ديوان “نفس الماء” ضوضاء الصمت…… من حولي تكبل نقطي تمسح ...

أسمال الفزاعة البالية للشاعر بادماسيري جاياثيلاكا / ترجمة : بنيامين يوخنا دانيال

هايكو ( 1 ) أسمال الفزاعة البالية يسحب الحباك خيوطها * من ...

في الجهة الأخرى من الخديعة / بقلم: سالم الياس مدالو

  في الجهة الاخرى من الخديعة تفرك الغربان باجنحتها الشوك العوسج والحنظل ...

حلبجة الجريحة / بقلم: عصمت شاهين الدوسكي

  هلموا اسمعوا هذا الخبر نبأ اليوم قد تجلى حضر من قريب ...

واحة الفكر Mêrga raman