الرئيسية / آراء قكرية ونقدية / القصيدة الجميلة والقصيدة الرديئة/ بقلم: مصطفى معروفي

القصيدة الجميلة والقصيدة الرديئة/ بقلم: مصطفى معروفي

القصيدة الجميلة والقصيدة الرديئة

بقلم: مصطفى معروفي/ المغرب

ـــــــــــــ

عندما يقرأ المرء قصيدة جميلة ويتذوقها ينبهر، إنه الانبهار الذي يأتينا حينما نكتشف شيئا جديدا، شيئا مذهلا ورائعا فنحن نطل على المجهول بواسطة القصيدة الجميلة، ولذا كانت بهذا المعنى بمثابة القارب السحري الذي نبحر به لاكتشاف كون يظل دائما في حاجة مستمرة إلى اكتشاف…

القصيدة الجميلة تحمل معها بذرة تجددها، فهي في صورتها وشكلها ثابتة لكنها في عمقها ومضمونها متجددة ومتغيرة، ومن ثم كانت قراءتها غير نهائية فنحن كلما أنتهينا من قراءتها على مستوى ما برز لنا مستوى آخر يمكن قراءتها عليه ولهذا السبب كانت قصيدة عظيمة تمتلك قوة لا تقاوم ضد الزمن، ولنا في الشعراء الخالدين منذ هوميروس إلى الآن خير مثال على تلك القوة. لكن عندما يقرأ المرء قصيدة رديئة يحس إزاءها بالتأفف والاستياء لأنها تفتقر إلى المقومات الشعرية التي لابد من توفرها في القصيدة الناجحة، فهي لا تعبر عن تجربة ولا تمتلك التوتر الفني الذي يزودها بالدفء والحرارة. فالقصيدة الرديئة على هذا الأساس قصيدة باردة لا تقول شيئا ولا تشكل إضافة نوعية لا إلى القارئ ولا إلى الشعر. ولا جدال في كون القصيدة الرديئة تحمل بذرة فنائها معها فقد تولد ميتة، وقد تكتب لها الحياة فترة ثم يكون الموت والفناء مصيرها ومآلها المحتوم.

القصيدة الجميلة تدعونا باستمرار إلى قراءتها، ونحن نلبي هذه الدعوة عن طواعية ورغبة منا فمن منا قرأ المتنبي مرات ومرات وأصابه الملل؟ أعتقد أن الذي يتذوق الشعر ككلام جميل لا يمل قراءة المتنبي أبدا. القصيدة الرديئة قد نتركها في بداية الطريق، ويمكن أن نقرأها لكنها لا تترك فينا أثرا طيبا فسرعان ما ننساها ولا تحدثنا النفس بقراءتها ثانية، لأن الذوق السليم ينفر من كل ما يخدشه ويبعثه على الاشمئزاز والتبرم.

ولا بد من القول إن الشعر الحقيقي يبقى شعرا ولو كره المتحذلقون من أصحاب التنظيرات الجوفاء التي أثبت بعضها عدم تمكن أصحابها من الأدوات النقدية وعدم استيعابهم لكثير من المفاهيم النقدية التي روجوا لها، ومن ضمنها مفهوم الحداثة والقصيدة المركبة …الخ. الخ

..وللعلم فإن هؤلاء شعراء من الطبقة العاشرة أو أقل، وكأنني بهم في تنظيراتهم وأحاديثهم عن الشعر وحول الشعر يريدون أن يبرروا ما يخربشون من قصائد فيها إساءة للشعر وصدق من قال:

نَدُرَ القريض كأهله وإذا عدد * تَ المدعين له وجدْتَ كثيرا

و رحم الله امرئ عرف قدر نفسه.

عن Xalid Derik

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

قصيدة”سكارى بالكرة” للشاعر مصطفى معروفي/ بقلم: عبد الرحمن منصور

1ـ القصيدة: سكارى بالكرة شعر:مصطفى معروفي نظـلُّ بهـا علـى وهْــمٍ سـكـارى***و قد ...

الفصام / بقلم: عــبــدالناصر  عــلــيوي الــعــبيدي

  ———- الــصدقُ فــي الإنــسانِ خيرُ فضيلةٍ فــــعــلامَ تــكــذبُ أيــهــا الــكــذابُ – ...

أشياؤها الخمس / بقلم: فراس حج محمد

  [محاولة رثاءِ امرأةٍ ضاعت في جنون الحرب]   أشياؤها الخمسُ التي ...

الأخلاق في رواية عشيق السيدة تشاترلي للكاتب دي إتش لورانس / بقلم:محمد عبد الكريم يوسف

  أثارت رواية دي إتش لورانس “عشيق السيدة تشاتيرلي” الجدل والنقاش منذ ...

السياسة في أنتوني وكليوباترا / بقلم: محمد عبد الكريم يوسف

    في مسرحية ويليام شكسبير “أنتوني وكليوباترا”، تلعب السياسة دورا مركزيا ...

نزل المطر/ بقلم: آمنة بريري

نزل المطر   فاصطبغ الكون بالصفاء والسموّ   وسرت نسمات شذيّة تلامس ...

واحة الفكر Mêrga raman