الرئيسية / مقالات / العرب .. بين الشرق والغرب / بقلم: خالد السلامي

العرب .. بين الشرق والغرب / بقلم: خالد السلامي

العرب .. بين الشرق والغرب

بقلم: خالد السلامي

 ـــــــــــــــــــ

عندما فكرت بكتابة هذا المقال حضرتني قصة ذلك الرجل الذي تزوج بامرأتين إحداهما اسمها حانة والثانية اسمها مانة، وكانت حانة صغيرة في السن لا تتجاوز العشرين سنة بخلاف مانة التي كان يزيد عمرها على الخمسين عاما والشيب لعب برأسها. فكان كلما دخل إلى حجرة حانة تنظر إلى لحيته وتنـزع منها كل شعرة بيضاء. وتقول: «يصعب عليَّ عندما أرى الشعر الشائب يلعب بهذه اللحية الجميلة وأنت ما زلت شاباً». فيذهب الرجل إلى حجرة مانة فتمسك لحيته هي الأخرى وتنـزع منها الشعر الأسود وهي تقول له: «يُكدِّرني أن أرى شعراً أسود بلحيتك وأنت رجل كبير السن ذو قدر جليل». ودام حال الرجل على هذا المنوال إلى أن نظر في المرآة يوماً فرأى بها نقصاً عظيماً، فمسك لحيته بعنف وقال: «بين حانة ومانة ضاعت لحانا».

كذلك حالنا اليوم نحن أمة العرب هائمين على وجوهنا بين هذا الحليف وذلك العدو  وبين عدو يتربص بنا وبين حليف يبتزنا فمنذ  انتهاء الحرب العالمية الأولى وما نتج عنها من معاهدات مشؤومة جعلت العرب موزعين على اثنين وعشرين دولة وبعضهم أضيف إلى دول أخرى غير عربية كما هم في بعض الدول الأفريقية المحاذاة للدول العربية وفي تركيا وايران والبعض اقتطع من جسد أمته ليعطي لأناس تم تجميعهم من مختلف أصقاع العالم ليكونوا منهم كيانا غاصبا على جزء عزيز من أرضهم ليطرد أهلها منها ويقتل ويذل من آثر التمسك بها فعانت هذه الأمة ما عانته من حقد وحروب وانتقام مما أدى بها إلى أن تكون ساحة لتصفيات الحسابات  وهدفا للأطماع لما تمتلكه من ثروات هائلة وجغرافية حاكمة على طرق وعقد المواصلات المختلفة برا وجوا  وبحرا فأمعن الأعداء في اعتداءاتهم على العرب واستبد الحلفاء في ابتزازهم بحجة الدفاع عنهم ضد اعتداءات أعدائهم فصارت أرضهم عبارة عن أشلاء تقاسمها الطامعون وما بقي منها صار عبارة عن بقرة حلوب تَدُر الأموال للحلفاء الأعزاء الذي يحابون المعتدين ويستنزفون المعتدى عليهم والمصيبة الأكبر أن كل حكام العرب يعلمون جيدا كل تفاصيل ما يجري عليهم من عدوان الأعداء وابتزاز  الحلفاء دون أي ردة فعل تشفي صدور مواطنيهم .

ولكن ما يثير التساؤل بعد كل ما وصل اليه الأعداء والطامعين من مراحل مشاريعهم ورغم كل ما ابتزه الحلفاء من أموال ورغم كل حالة الوهن الذي أوصلونا إليها لم تتوقف خططم وكأن العالم كله اتفق ضد العرب رغم ضمان تبعيتهم لهذه الجهة أو تلك من خلال التدخل حتى في اختيار عامل الخدمة في مكتب الحاكم أو الوزير أو ربما حتى مسؤولي الدوائر الصغيرة.

ترى لماذا الإمعان بكل هذا الحقد والكراهية ضد العرب من قبل العالم كله شرقه وغربه؟

وما ذنب العرب أن وهبهم الله خيراته وأسكنهم في موقعهم المهم هذا ما بين الشرق والغرب الذي يسيل له لعاب كل طامع؟

وما ذنبهم أن كلفهم بحَمل آخر رسائله السماوية واختيار آخِر أنبياءه منهم لتنتهي على أيديهم كل إمبراطوريات ذلك الزمان؟ والى متى سيستمر هذا الانتقام منهم؟ أَلا يكفي ما وصلتم اليه من تشويه لهم وما لفقتموه لهم ولدينهم من تهم باطلة طيلة عقود من الزمن وهم ابعد ما يكونون عنها؟

ثم متى يعرف العرب انهم يملكون كل مقومات القوة التي باستطاعتها مواجهة كل تلك المخططات التي تستهدفهم لو عرفوا كيف يستغلونها ولو تمكنوا من اختيار حكامهم بأنفسهم دون فرض من الخارج ولو عملوا بيد واحدة لإنقاذ أمتهم من الوحل الذي وصلت اليه بفعل طمع الأعداء وابتزاز الحلفاء وتعاون الحكام مع الأعداء والحلفاء المتفقين أصلاء ضد العرب. ألا يكفي أننا وصلنا إلى أرذل الأحوال رغم كل إمكانياتنا البشرية والمادية والجغرافية بحيث ضعنا وتاه حالنا ما بين حانة ومانة (الشرق والغرب) لم تبق ولا شعرة في لحانا.

عن Xalid Derik

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أسمال الفزاعة البالية للشاعر بادماسيري جاياثيلاكا / ترجمة : بنيامين يوخنا دانيال

هايكو ( 1 ) أسمال الفزاعة البالية يسحب الحباك خيوطها * من ...

في الجهة الأخرى من الخديعة / بقلم: سالم الياس مدالو

  في الجهة الاخرى من الخديعة تفرك الغربان باجنحتها الشوك العوسج والحنظل ...

حلبجة الجريحة / بقلم: عصمت شاهين الدوسكي

  هلموا اسمعوا هذا الخبر نبأ اليوم قد تجلى حضر من قريب ...

التناقض بين الحالة الإبداعية والموقف الأخلاقي/ بقلم: إبراهيم أبو عواد

       الإبداعُ الفَنِّي يَرتبط بالبُنيةِ الأخلاقية الفَرْدِيَّة والجَمَاعِيَّة ، ولُغَةُ العملِ ...

 رمــضانُ / بقلم: عبدالناصر عليوي العبيدي

        – – – – – – – أتــى رمــضانُ يحملً كـلَّ ...

,جدارية محمود درويش بين قراءتين / بقلم: فراس حج محمد

| فلسطين “انتهت القراءة الأولى الساعة 7:45 مساء يوم الاثنين 19/6/2000” هذا ...

لم التشكيك بالأحاديث النبوية؟ / بقلم: خالد السلامي

  تعودنا بين حين وآخر ان نرى بعض التصرفات التي تتعمد الاساءة ...

  قراءة في ديوان “ضجيج كثيف” للشاعرة نبيلة الوزاني/ بقلم: بوسلهام عميمر

“بعيدا عن الهلوسات، الشعر بلوازمه قضية ومسؤولية”   “ضجيج كثيف”، ديوان نبيلة ...

واحة الفكر Mêrga raman