الرئيسية / مقالات / الأمم بقادتها / بقلم: خالد السلامي

الأمم بقادتها / بقلم: خالد السلامي

الأمم بقادتها

بقلم: خالد السلامي

ـــــــــــــــــــ

هنالك مقولة عسكرية كنا نسمعها عندما كنا في خدمة العَلَم تقول إن (الوحدة بآمرها) وحقيقة عندما يكون آمر الوحدة عسكري محنك وقوي في شخصيته ومعلوماته تكون وحدته في قمة انضباطها وقوتها وشجاعتها وعندما يكون العكس فنجد أن الوحدة العسكرية التي يقودها آمر ضعيف بشخصيته وخبرته تكون مهلهلة ضعيفة وغير منضبطة إطلاقا.

وهذا ما يمكن أن نطبقه على حال الأمم فالأمة التي يتولاها قائد مخلص عظيم ومتمكن نراها أُمة متماسكة وقوية تَهاب جانبها الأمم وتحترم هيبتها الشعوب وهكذا كان حال الأمة العربية منذ صدر الإسلام حتى نهاية العصر العباسي عندما كان يقودها قادة عظماء مخلصين وشجعان حيث صارت قبلة العالم آنذاك وكانت عواصمها الأربع. المدينة المنورة والكوفة ودمشق وبغداد. من أهم عواصم الدنيا حينذاك وتمكنت من نشر الإسلام ورسالته السمحاء إلى مناطق شاسعة من قارات الأرض حينها (شرقا وغربا ) والتي بفضل حكمة وعدالة قادتها وصل الإسلام اليوم إلى أقاصي الأرض باتجاهاتها الأربع ولكن عندما بدأ التدخل الأجنبي في مؤسسة الخلافة العربية الإسلامية وضعفت بغداد ثم انتقلت الخلافة  إلى سامراء لتصل إلى أضعف حالاتها في أواخر العصر العباسي،  بدأ انهيار الأمة العربية ليتمكن منها المغول ثم الأتراك فصارت أثرا بعد عين فلم يبرز منها قائدا  أو حاكما طيلة حكم العثمانيين للدولة الإسلامية  نتيجة لسياسة التتريك التي اتبعها العثمانيون حيث كان كل قادة الجيوش والشرطة والولاة من العثمانيين الترك حتى على الولايات العربية إلى أن جاء موعد الحرب العالمية الأولى التي  أنهت إمبراطورية الترك وانحسرت إلى داخل تركيا بقوة الغرب وتعاون بعض العرب الذي وقعوا ضحية خداع البريطانيين آنذاك عندما وعدوهم بالاستقلال والحرية في حال تعاونهم معهم ضد الأتراك الذين لم يعطوهم مكانتهم كأمة أوصلت الإسلام إليهم والى غيرهم  من الأمم الأخرى وما كان من الإنكليز بعد القضاء على إمبراطورية الرجل المريض إلا أن غدروا بالعرب واحتلوا بلادهم وقطعوها إرباً إرباً وتقاسموها مع فرنسا وإيطاليا وبعض دول الاستعمار الغربي حينها ثم قاموا بتعيين عوائل موالية لهم لتكون حاكمة بأمرهم على العرب مزودين بالقوة التي تكبح كل صيحة وطنية تطالب بحرية ووحدة هذه الأمة انتقاما منها لا لشيء إلّا لأنها حملت راية الإسلام إلى بقاع الأرض ولِما امتلكته من ثروات عظيمة وموقع استراتيجي التي لو تركت لِتستغلها بشكل صحيح لَتسيدت العالم لهذا تكالبت عليها قوى الشر من كل الجهات لتقضي على قوتها المتمثلة بدينها الذي عملت تلك القوى على أضعافه ونشر الفتن بين شبابها لإضعاف إيمانهم وكذلك ثرواتها التي حرصت كل قوى الشر على نهبها وحرمان أهلها من استغلالها لتقوية امتهم والنهوض بها كقوة لا تُجارى .

إذاً كانت الأمة العربية أمة قوية مُهابة  حينما كان يقودها قادة يحبون امتهم ويخلصون لها ثم انهارت إلى ما نراها اليوم حينما استلمها حكام لا يُعَيَّنون إلا بموافقة نفس تلك القوى التي خدعتها عندما تحالفت معها ضد الأتراك في بداية القرن العشرين الذي مضى ، وارتضت بالتشتت والفرقة والتناحر  فصار حالها في الحضيض مما جعل حتى أهلها يسخرون منها رغم انتمائهم لها ورغم أنهم لايزالون يفتخرون بعشائرهم العربية التي تتكون منها أُمة العرب والتي  يسخر منها أبناؤها ومن خلال هذا التناقض يمكن استنتاج دور الحاكم في رفع شأن أمته أو في إهانتها حيث نرى اغلب الحكام يتمسكون بألقابهم العشائرية ويفتخرون بها ولا يعملون إلّا على إبقائها في أسوأ أحوالها ، ولنا في أمم العالم الأخرى مثال آخر على دور الحاكم في هذا الشأن حيث نرى القوى التي تسمى عظمى ما كانت لتكون عظمى لولا إخلاص قادتها وسياسييها لها وعملهم بكل حرص وأمانة لخدمة شعوبها وإعلاء مكانتها فترى تلك الأمم تتسابق فيما بينها للارتقاء إلى القمم والسمو بنفسها واخذ المكانة التي تطمح إليها بينما لا زالت أمة العرب بحكامها تراوح في زوايا الماضي المظلمة وتتراجع إلى الوراء والعالم كله يتقدم للأمام بقادته ومسؤوليه المخلصين لأممهم وأوطانهم .

فيما تبقى إرادة الشعوب رهينة وحدتها واتفاقها على أهمية دورها ومكانتها بين الشعوب فإذا توافقت إرادة الشعوب مع إخلاص قادتها فستصنع مجدها وتصل إلى مكانتها التي ترجوها بينما لو تناقضت تلك الإرادة مع أفكار ونوايا حكامها الذين لا تتعارض خططهم وأهدافهم مع طموحات ورغبات شعوبهم إلّا إذا كانوا مفروضين عليها أو مرتبطين بمشاريع وأجندات خارجية تتعارض ومصالح شعوبهم فستبقى تراوح مكانها دون أن تصل إلى ما تبتغيه من موقع بين الشعوب والأمم.

عن Xalid Derik

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

قصيدة”سكارى بالكرة” للشاعر مصطفى معروفي/ بقلم: عبد الرحمن منصور

1ـ القصيدة: سكارى بالكرة شعر:مصطفى معروفي نظـلُّ بهـا علـى وهْــمٍ سـكـارى***و قد ...

الفصام / بقلم: عــبــدالناصر  عــلــيوي الــعــبيدي

  ———- الــصدقُ فــي الإنــسانِ خيرُ فضيلةٍ فــــعــلامَ تــكــذبُ أيــهــا الــكــذابُ – ...

أشياؤها الخمس / بقلم: فراس حج محمد

  [محاولة رثاءِ امرأةٍ ضاعت في جنون الحرب]   أشياؤها الخمسُ التي ...

الأخلاق في رواية عشيق السيدة تشاترلي للكاتب دي إتش لورانس / بقلم:محمد عبد الكريم يوسف

  أثارت رواية دي إتش لورانس “عشيق السيدة تشاتيرلي” الجدل والنقاش منذ ...

السياسة في أنتوني وكليوباترا / بقلم: محمد عبد الكريم يوسف

    في مسرحية ويليام شكسبير “أنتوني وكليوباترا”، تلعب السياسة دورا مركزيا ...

نزل المطر/ بقلم: آمنة بريري

نزل المطر   فاصطبغ الكون بالصفاء والسموّ   وسرت نسمات شذيّة تلامس ...

واحة الفكر Mêrga raman