الرئيسية / مقالات / كنتم خير أمة / بقلم: خالد السلامي

كنتم خير أمة / بقلم: خالد السلامي

كنتم خير أمة

 بقلم: خالد السلامي

ــــــــــــــــــــــ

في عصور ما قبل الإسلام كان العرب عبارة عن قبائل منتشرة في صحاري شبه الجزيرة العربية وكانت كل قبيلة تحكم نفسها بنفسها ولم يتدخل اجنبي من غير العرب في شأنها ،حيث لا نفط ولا ثروات تشجع الآخرين على التدخل آنذاك ، أنما كانوا يتنافسون فيما بينهم على المراعي والمواشي والتجارة لكنهم كانوا يحملون صفات الشجاعة والنزاهة والصدق والأمانة والجود والكرم والعزة بالنفس وإكرام الجار والضيف وكانوا لا ينامون على ضيم أصابهم حتى يأخذوا ثأرهم ويستعيدوا حقهم ولهذا اختارهم الله ليكونوا حملة آخر رسائله السماوية وهي رسالة الإسلام السمحاء التي نزلت على النبي العربي وخاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبدالله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فوصفهم الله عز وجل  بقوله (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ) تيمنا بتلك الصفات الكريمة التي وهبها الله للعرب وثقة منه العزيز عز وجل بهم وبقدرتهم على حمل رسالته وإبلاغها للبشرية أجمع .

فكانوا أهلا  لتلك المهمة الكبيرة التي شرفهم الله بها لتنطلق مهمتهم الكبرى من مكة المكرمة ثم المدينة المنورة لتصل إلى مناطق واسعة من ارض العرب وآسيا وإفريقيا وأجزاء من اوربا في فترة وجيزة فتكون القوة الأكبر والأقوى في العالم آنذاك حتى أواخر الخلافة العباسية حيث بدأ الضعف يدب في مؤسسة الخلافة نتيجة التدخلات الأجنبية المعروفة آنذاك والتي عملت على الانتقام من العرب من خلال دس بعض عملائهم في تلك المؤسسة والعمل على نخرها من الداخل تمهيدا لتحويلها إلى دويلات  متناحرة فيما بينها مما فتح الطريق واسعا أمام المغول فالأتراك للسيطرة على أرضها بعد أن استتب الأمر لهم

حرص الأتراك  على إبعاد أي عربي من كل المناصب المدنية والعسكرية حتى في الولايات العربية ليخبو بعد ذلك صوت العرب حوالي اكثر من أربعمائة سنة من حكم الأتراك للعالم الإسلامي ونواته  العرب وينطفئ إشعاع المدينة المنورة والكوفة ودمشق وبغداد التي كانت قبلة العالم خلال عهد العباسيين بعلمها وحضارتها وتطورها وليخطف الأتراك ذلك الوهج العربي الإسلامي إلى إسطنبول ( القسطنطينية) التي كانت عاصمة الروم فجعلوها عاصمة لهم حتى قيام الحرب العالمية الأولى التي أنهت الحكم العثماني للعالم العربي والإسلامي لكنهم كغيرهم لم يطفؤوا  أطماعهم بأرض العرب مدعين أحقيتهم بحكمها ومستغلين الدين كما يحصل الآن من محاولة التنافس بين عدة جهات  قريبة وبعيدة على  اقتسام ارض العرب  والتوسع  على حساب أهلها الذين أوصلوا الدين إلى أصحاب تلك المشاريع التوسعية  وغيرهم وهاهم اليوم ينشرون الفتن بين العرب باسم الدين بينما شعوبهم تنعم بالأمن والأمان رغم أنها تتكون من نفس المذاهب التي يتكون منها العرب فلا نرى فتنة دينية في غير ارض العرب رغم إن كل الدول الإسلامية الأخرى تتكون من نفس المذاهب وحتى من الأديان الأخرى ولكنها تعيش بدون فتن و لا احتراب  فيما بينها لأنها لا تقبل أن تكون أدوات بيد الآخرين فتتقاتل وتقتل نفسها بنفسها نيابة عن الآخرين الطامعين في أرضهم وثرواتهم ومن كل الجهات القريبة منها والبعيدة كما قبل سياسيو العرب حكاما ومعارضين بهذه الأدوار  المؤلمة  فتحولت أمة العرب من خير أمة أخرجت للناس إلى اتعس أمة بين الناس بفضل سياسيها الحاكمين والمعارضين .

حتى صار أبناؤها يسخرون من انتمائهم لها ونراهم يتبادلون فيما بينهم عبارات الاستصغار والاستهزاء بهذه الأمة التي شرفها الله بحمل راية الإسلام واختار آخر أنبياءه ورسله منها واختار لغتهم لتكون لغة عبادته وآخر كتبه وكذلك لغة أهل جناته.  الأمة التي أنجبت خيرة القادة والعلماء والكفاءات على مر عصورها حتى اليوم حيث تمتلئ عواصم الدنيا بعشرات الكفاءات العلمية العربية التي لم تحظ بحقها من الاهتمام والاحتضان في وطنها فتلقفتها تلك العواصم لتستفيد من خبراتها وعلمها في مختلف مجالات الحياة. ترى متى ستعود لنا الغيرة العربية لنكون كباقي الأمم التي تفتخر بنفسها وإنجازاتها وتقدمها الذي ناطح السماء ونحن لا نزال نبحث في زوايا الماضي المظلمة لنزيد من فرقتنا وتشتتنا.

عن Xalid Derik

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الطائفية كما ظهرت في الأدب الإنكليزي/ بقلم: محمد عبد الكريم يوسف

تشير الطائفية في الأدب الإنجليزي إلى تمثيل واستكشاف الانقسامات الدينية أو السياسية ...

مــــاضــرَّ  قــافــلــةً كــــلابٌ تَــنــبَحُ/ بقلم: عــبــدالــناصر عــلــيــوي الــعــبيدي

  ———- بــالــمَدْحِ يَــرتَــفعُ الأمــيــرُ فــيــفرحُ فــتــراهُ يُــجْــزِلُ بــالــعطاءِ ويَــمْــنَحُ – لــكــنْ ...

أمة العرب والأمم المتحدة / بقلم: خالد السلامي

يعتبر العرب وخصوصا العراق ومصر وسوريا والسعودية ولبنان من اوائل المشاركين في ...

من عمق المجتمع، جداريات بجمالية داهشة للقاصة زلفى أشهبون/ بقلم: بوسلهام عميمر

                        ...

تخفي الهشاشة في زمن مغلق/ بقلم: مصطفى معروفي

شاعر من المغرب ـــــــــ صدِّقوا الطير إن هي مدت مراوحها في دم ...

رحل بيتر هيجز: الرجل الخجول الذي غير فهمنا للكون/بقلم جورجينا رانارد/ترجمة: محمد عبد الكريم يوسف

  اشتهر البروفيسور بيتر هيجز بهذا الشيء الغامض الملقب بـ “جسيم الإله” ...

القيم الاجتماعية في عشيق الليدي تشاترلي للكاتب دي اتش لورنس/ محمد عبد الكريم يوسف

في رواية دي إتش لورانس المثيرة للجدل، عشيق الليدي تشاترلي، يلعب موضوع ...

آهٍ إن قلت آها / بقلم: عصمت دوسكي

آه إن قلت آها لا أدري كيف أرى مداها ؟ غابت في ...

واحة الفكر Mêrga raman