الرئيسية / آراء قكرية ونقدية / عن الذي يحدق في بياض الأبجدية (الروائي واسيني الأعرج )/ بقلم: حمود ولد سليمان “غيم الصحراء”

عن الذي يحدق في بياض الأبجدية (الروائي واسيني الأعرج )/ بقلم: حمود ولد سليمان “غيم الصحراء”

عن الذي يحدق في بياض الأبجدية

والذي تأخذه شهوة الحبر وفتنة الورق

الروائي الجزائري واسيني الأعرج

..

عندما التقيته في التسعينات. لم يكن عاديا، كان واسيني الاعرج يومها أستاذا في جامعة الجزائر المركزية يدرس نظريات تحليل الخطاب، وكان لايزال يكابد رسيس أوجاع المنفي، ويغامر صوب البحر الذي لفظه في ليلة قاسية كان يحاذر فيها الحيطان خوفا من القتلة في زمن القتلة بالجزائر. كان يكتب ذاكرة الماء ومحنة الجنون العاري. وقد شغفت الكتابة /أنثي السراب، قلبه حبا.

واسيني الاعرج ابن سيدي بوجنان / الجزائري

الهلالي / الأندلسي / الموريسكي، الباسم الهادئ

كنت أراه صباحا في الجامعة يسير ببطء متمهلا، مطرقا برأسه إلى الأرض، يتحدث بطريقة مميزة وبهدوء. مولع بسراويل الجينز الواسعة والقمصان الجميلة، ببساطة وعفوية يحافظ على مظهره بطريقة بسيطة وبدون تكلف.. كأنه لا يريد أن يلزم نفسه كما الآخرون بتصنع وقار الكبار في اللباس، يريد أن يبقى في برد الشباب. يقتني قبعة دائما تخفي صلعته وعن مناكبها يتناثر شعره

الأبيض، يدخن كثيرا وعندما يحدثك تشعر باللباقة في حديثه وهو يسألك هل تدخن ويومئ لك بإشارة من يده. من حديثه وبريق عينييه تشعر أن قلبه أبيضا ناصعا وأنه يحب الخير وان روحه كبيره، إنسان متحضر ومتحرر يحب الحرية.

*****

 

صبوات المداد أخذتني لهذا الرجل. بعد ليلة كاملة لم أشعر فيها إلا والصباح يداهمني وأنا أقرأ كتابا عن سيرته وأدبه وكان الكتاب حوارات شيقة مع واسيني وقد جاب فيه المحاور كل مدائن حرف واسيني. وبحث في سيرته ورحل في آفاق أدبه وفكره، هذا الكتاب هو هكذا تحدث واسيني الأعرج للأديب التونسي كمال الرياحي، وكنت قبلها قد قرأت لواسيني وزادني الحوار الشيق للركض خلف واسيني. في نوار اللوز / تغربة صالح بن عامر الزوفري. ضمير الغائب، حارسة الظلال، طوق الياسمين، أحلام مريم الوديعة، شرفات بحر الشمال، كتاب الأمير، سيدة المقام.

وأخري نسيتها، التبس عشق واسيني بقلبي

 

أيام الجزائر البيضاء

والجامعة وديدوش مراد

 

وبرنامج صاحبات واسيني الذي شهدت بعضا من تصوير حلقاته داخل حرم الجامعة، ولم أره بعد ذالك ولست أدري هل بث ام لا؟ ولقاءات واسيني التي   اتيح لي ان أتابعها على افرانس 24

، وروافد أحمد علي الزين والقناة الجزائرية الثالثة، واسيني لايزال هو واسيني مفعما بالحياة يكتب حياته وسيرته وأوجاعه قطرة قطرة كما يقول ويصر على ان يظل يكتب ويكتب. انتصارا للحياة

 

*******

 

منجز واسيني الأدبي منجز حافل بالإبداع ويشهد لصاحبه بالموهبة والتميز ،  فهو  متحصل علي جوائز رفيعة جائزة الشيخ زايد للكتاب وجائزة كتارا  وأخري .وهومن بين الكتاب القلائل يواظب علي الكتابة دائما وفي كل فترة .كما أنه ينشر مقالات كل وقت في القدس العربي وفي صحف أخرى  ويطير من بلد إلى آخر محاضرا ومقدما ورشات تكوينية في تقنيات السرد والرواية وهو عضو في بعض لجان تحكيم بعض الجوائز الادبية الرفيعة ،وهو أيضا منخرط في كل هموم امته وشعبه كأحسن ما يكون ممارسا دور المثقف الطلائعي العضوي الذي يشعر أن علي عاتقه مسؤولية التنوير والتحرير.

 

 

من قراءتي لروايات واسيني الاعرج، لفت انتباهي

 

اهتمام الكاتب باللغة فهو يوليها عناية كبيرة حتى أنك عندما تقرأ نصوصه مثلا “سيدة المقام” تحس اللغة تتفجر أنهارا عذبة. وتغمرك امطار الشعر الهتون، وإذا اللغة في فتنتها الآسرة تنسيك كل حكاية وسرد وكل شيء. اللغة الجمالية التي تفجر لحظة السرد الحميمة

 

والتي يتقن واسيني نسجها. والتي هي وسيلة قوة كبيرة وحافز جمالي مهم أعطي لهذا الكاتب النفوذ والانتشار وصنع له مكانة كبيرة بين كتاب الرواية العرب

 

، كذالك الموضوعات التي يكتب عنها هي كلها موضوعات جميلة تلامس الإ نساني والكوني، وإن كان يتطرق اليها في المجتمع الجزائري أو العربي. من التيمات البارزة في بعض روايات واسيني

 

الموت. وهو سؤال يعصف بقوة في بعض نصوصه حتى لكأنها تتحول إلى مراثي بديعة، وهو الأمر الذي ربما ساهم في استقطاب القراء، وزاد من مقروئية الكاتب عبر ما يحققه من التعاطف الوجداني الأدبي بين الكاتب والقارئ، وليس واسيني وحده أول من عزف على هذا الوتر فتاريخ الادب والفكر مليء بهذا اللون بدءا من عزاء الفلسفة إلى عصرنا الحديث.

 

*****

 

واسيني كذالك في كتاباته مد الظلال نحو التراث السردي ووظف التراث الشعبي في بعض رواياته / نوار اللوز التي تتكئ على السيرة الهلالية، كذالك قدم قراءة ودخل في حوار مع التاريخ وقد كتب في هذا الباب روايته الرائعة كتاب الامير

 

مسالك ابواب الحديد / التي كتب من خلالها رؤية مغايرة للتي كتبها المؤرخون عن شخصية الامير المجاهد عبد القادر الجزائري رحمه الله.

 

كما قدم مشروعا أدبيا تطرق من خلاله للتاريخ العربي

 

الكتابة الروائية عند واسيني بحث لا يهدأ في شكل

 

ولا يستقر، والكتابة عنده لا تريد أن تتأطر في قوالب وأشكال، تبدو كثيرا خطابات أدبية راقية، وذالك لأن واسيني المبدع يري الرواية والكتابة عموما حقلا تجريبيا واسعا وليس محصورا في قالب جامد

 

*****

الكتابة الواسينية المثقلة بالأسي

 

والمترعة بالنرجسية الجميلة، ليست عيبا، وليست كمات تبدي للبعض مثل عبرات المنفلوطي الذي شبهه بعضهم بالحانوتي الذي يبيع الدموع (مع أن بضاعته أدب خالص)

 

بل هي كتابة ذاتية جميلة تبدأ من الذات وتنتهي عند ضفافها، كتابة توظف الخيال وتعتمده في بنيتها توظيفا جميلا، ولا يمنع ذالك من ان تكون إسقاطا وتداعيا

 

تحكمه ضغوط النسق / التي هي مضمرات متجلية لقطاع الفتوة في الذات والأدب العربي،

 

ذالك لأن واسيني سيد الكتابة

 

الذي يحدق في بياض الأبجدية

 

والذي تأخذه نشوة الحبر وفتنة الورق

__________

عن Xalid Derik

x

‎قد يُعجبك أيضاً

صدور العدد (21) من مجلة شرمولا الأدبية Hejmara (21) a Kovara Şermola Derket

  صدور العدد (21) من مجلة شرمولا الأدبية   صدر العدد (21) ...

السهل الممتنع في ديوان “للحبر رائحة الزهر” للشاعر نصر محمد/ بقلم: ريبر هبون

وظف نصر محمد الإدهاش مغلفاً إياه بالتساؤل مقدماً اعترافاته الذاتية على هيئة ...

شعاراتٍ العربْ / بقلم: عبدالناصرعليوي العبيدي

فــي  شعاراتٍ العربْ دائــماً تَــلقى الــعجبْ . رُبّما  المقصودُ عكسٌ لستُ أدري ...

 القراءة :النص بين الكاتب والقارئ/ بقلم مصطفى معروفي

من المغرب ــــــــــــ بداية نقول بأن أي قراءة لنص ما لا تتمكن ...

جديلة القلب/ بقلم: نرجس عمران

عندما تضافرتْ كلُّ الأحاسيس في جديلة القلب أيقنتُ أن رياحكَ هادرة ٌ ...

على هامش تحكيم مسابقة تحدي القراءة / فراس حج محمد

من فلسطين تنطلق مسابقة تحدي القراءة من فكرة أن القراءة فعل حضاري ...

نســـــــــــــرين / بقلم: أحمد عبدي 

  من المانيا “1”   توقف البولمان  في المكان المخصص له  بعد ...

أناجيكَ ياعراق / بقلم: هدى عبد الرحمن الجاسم

أناجيكَ بين النخلِ والهورِ والنهرِ وأشكو لكَ الإبعادَ في الصدِِّ والهجرِ إلامَ ...

واحة الفكر Mêrga raman