أم جوزيف العراقية رياض الغريب
أم جوزيف العراقية
لا ادري لماذا علقت في ذهني وذاكرتي (ام جوزيف) تلك المرأة المسيحية في المسلسل السوري باب الحارة 4 ولا ادري كيف تغلغل هذا الوجه الى قلبي ليصبح يتمثل كل المسيحيين الذين تعرفت عليهم في حياتي إثناء الدراسة او خدمتي في العسكرية لم نكن حينها نعرف معنى للخلاف او الاختلاف ولم تكن مفردات الطائفية قد دخلت أرواحنا لتلوث براءة الإنسانية بدواخلنا كنا نجلس على مائدة واحدة عفوا( قصعة) واحدة مااطيبها وألذها أيام الحرب ونحن نغمس بصحن مشترك( صمون الجيش) إنها صور تلاحقني الآن أثارها وجه ام جوزيف تلك المرأة التي فرضت حضورها علينا كمشاهدين ورحنا نبحث عنها بين حلقات المسلسل في الوقت ذاته كانت ام جوزيف رسالة الى الذين ينبذون الاخر تحت يافطة الإسلام وشعارات القاعدة الزائفة تلك الشعارات التي تلطخت بها قلوبنا قبل ان تتلطخ جدران المدن العراقية بها وهي تخاطب ايضا الوعي القاصر في مدركاته لكي يتعرف اكثر على من يشاركنا الحياة . ام جوزيف لم تكن حدثا طارئا في المسلسل بل كانت فعلا دراميا يحاكي المشاهد العربي ويريد ان يساهم في الحملة التي بدأت بوادرها في دول كثيرة من العالم العربي والإسلامي لمناهضة الإرهاب والتطرف ونبذ الاخر كانت حوارا مفتوحا بين الأديان بفعل حركة العلاقات التي نسجتها تلك الشخصية التي خاطبت الحس الوطني لدى المشاهد وحركت الأسئلة في وعي الآخر الذي يقبع خلف فتاوى جاهزة من اجل التقاطع مع من يشاركنا الفعل الإنساني والحياتي. ام جوزيف شخصية يمكن ان تراها في أزقة بغداد والبصرة والحلة واربيل متمثلة بأم احد أصدقائنا او معارفنا من الإخوة المسيحيين الذين تذوقنا طعام بيوتهم وقبلنا أيادي أمهاتهم عندما كنا نعود من الحرب في أجازاتنا الدورية . كم ام جوزيف لدينا في العراق ذلت بعد عام 2003 وهي تبحث في المنافي عن وطن لها او قبر في عاصمة لاتعرفها ولا تعرف جنودها العائدين من اجازاتهم الدورية وكم ام جوزيف عراقية تجلس في مساءاتها الأكثر حزنا في المنافي تتذكر جارتها ام علي وام عمر وهن يتسامرن في حديقة منزلها ويشربن الشاي العراقي ويأكلن كعك ابو السمسم ليخرجن من بيتها وهن محملات ( بكبة البرغل ) كم ام جوزيف قتلها الارهابيون في الدوره وبغداد الجديدة والبتاويين وهم يفخرون بقتلها . مااحوجنا لهن امهاتنا المسيحيات وهن يذهبن الى الكنائس في قداسهن الذي استهدف بعبوة ناسفة زرعتها الايادي الحاقدة على ام جوزيف وام علي وام عمر وكل الامهات العراقيات الواتي تحملن الحروب والحصارات والجوع والخوف لينجبن ابناء يحبون العراق لاابناء يساهمون في تخريبه
رياض الغريب.