أينَ زمرُّدةُ الزمنِ الجميلِ/ بقلم: مرام عطية

أينَ زمرُّدةُ الزمنِ الجميلِ/ بقلم: مرام عطية
_____________________
كشجرةِ صنوبرٍ أحلامي، دائمةُ الخضرةِ، ورافةُ الظِّلالِ، يتفيأُ تحتَ أغصانها المتعبونَ، ويستطبُّ المرضى والمحزونون بنسائمها العليلةِ، سامقةٌ شرفاتي كنخلةٍ تقطفُ عناقيدَ النجومَ.
وكأرضٍ يابسةٍ، جفَّفتها رياحُ الخريفِ
مزروعة بالأخاديدِ، مساحاتُ جسدي النَّحيلِ شققتهُ نيرانُ الظلمِ والنرجسية، وأدمته ثلوجُ الحاضرِ المريرِ، فغدا بساطَ أوجاعٍ أو حصيرةً منسوجةً بألوانِ العللِ وضروب السقامِ، عزَّ شفاؤها على الأطباءِ، معاملُ القهرِ ومصانعُ الحرمانِ في بلادي دائمةُ الدورانِ، لا تتوقفُ عن إنتاجِ الألمِ والحسراتِ تلقي حمولتها المترعةِ بالخذلانِ والريبةِ على ضفافي النَّديَّةِ، تطوِّقُ سلاسلها جيدَ زهوري، كم حاولت أن أثقبَ عجلاتِ قطاراتها أو أرميها بالعطبِ! فأبعد مفرزاتها عنِّي، وَلَكِنْ عبثاً حاولتُ.
ما أقسى جيوشَ الخرابِ التي تفتكُ بمدائني! لا تسمع صهيلَ خيولي التي تريدُ أن تهدأ فترتاحَ، وما أغزرَ روافدُ الجهلِ وفتاوى الأديانِ التي تجرفُ صخورَ التَّحدي من محيطاتي !! عقاربُ التقاليد الصحراوية تصطادُ أسماكَ الحضارةِ من شعري، تلتهمُ عصافيري الصغيرةَ وترعى مهرجانَ الشِّتاءِ في هيكلي العظمي، حيثُ يعزفُ كلُّ جزءٍ منهُ سمفونيتهُ الفريدةَ، ويعلو رقصُ الأوجاعِ وعزفِ الألمِ.
قيصرُ الخرابُ طاغيةٌ يحتلُّ أقاليمي الخصبةَ، يهزأ منجلهُ الفولاذي بقلاعي المائيةَ وأشواقي اللوردية. بالأسى !! مواعيدُ الَّلهفةِ تودِّعني وأقمارُ الفرح تختفي من سمائي.
وبينَ أحلامي الورديَّةِ وجسدي الضعيفِ تشقى طفلةُ روحي إذ ترسمُ الحياةَ بألوان قزحٍ فألبسها ثوبَ الأملِ؛ لتشلَّ ذراعَ اليأسِ، وأهديها قفازاتِ العزيمةِ؛ لتذيبَ ثلوجَ الأحزانِ، وها هي تلمحُ نوارسَ بيضاءَ تخفقُ أجنحتها في جزيرةٍ حبٍّ، وتسمعُ أناشيدَ نهرٍ عذبٍ على إيقاعِ نبضٍ مخمليٍّ، ومازالَ محركُ البحثِ في فؤادها يدورُ بحثاً عن زمرُّدةٍ أضاعتها في الزمنِ الجميلِ
_______
مرام عطية