أَوتادٌ لِخِيامِ الشَّمسِ
عَينٌ على الصَّحراءِ، والأفقُ اشتِياقي.
شَيءٌ ما في قَلبِ هذا اللَّيلِ الثَّقيلِ يَتَمَلمَلُ،
وعُيونُ قَلبي النّافِذَةُ…
وعلى المدى… يَتفَجَّرُ الينبوعُ في عُمقِ انتِظارِنا..
وزرقَةُ السَّماءِ بِصَفائِها؛ تَتَجَلّى للنّاظِرِ وهيَ تَدنو..
تَلتَصِقُ في حُدودِ رَجائِنا..
تَتَشامَخُ الرّوحُ في انعِتاقِها.
سَلامًا أيُّها المطَرُ الآتي؛
يَقرَعُ قَلبَ الصَّحراءِ الْمُتَمَطّي ضَجَرًا، وَأَرَقا…
يَعبُرُ مِثلَ الأَمَلِ…
يَرشُقُ جَسَدَ هذا الوُجودِ حَياةً..
تُواتي الرّيحُ..
وتهبِطُ على مَعابِرِها السَّكينَةُ..
تَنْزِعُ الجفافَ عَنِ الشِّفاهِ الظّامِئَةِ..
تَتَحَرَّرُ عَهدًا ودُعاءً
تَستَكشِفُ طَعمَ خُصوبَة الآتي
وتَعتَنق الخبر.
زُرقَةُ السَّماءِ تَدنو، ثم تدنو
تُلامِسُ عَطَشَنا بِطَعمِ الإنعتاقِ
تُمازِجُ القُلوبَ الْمُتَفَتِّحَةَ للتَّجَلّي.
وكَمِثلِ هذا المدى؛ تَصيرُ النَّوافِذُ.
مِلءُ قَلبي نورٌ وَعَبَقٌ..
وفي تَجَلّي الرُّؤى تَختَفي الأسئِلَةُ
والرّوحُ في مِعراجِها تُعانِقُ الخَبَرَ
أُفقُ الرَّحمَةِ يَفتَحُ الذِّراعَينِ..
ألا انسَكِبي أيَّتُها الشَّمسُ على سَمعي، وعلى بَصَري..
ومِن قَطَراتِ الجهدِ نَسيجُ الخيمَةِ.
سَتُسافِرُ رَعشَةُ وجداني…
تَنغَرِسُ في ظِلِّ الأشياءِ…
أوتادًا لِخِيامِ الشَّمسِ،
والكَوكَبُ الدُّرِّيُّ يَنثُرُ نورَهُ العُلوِيُّ،
تَتَراجَعُ أسوارُ العَتمَةِ…
وعلى المدى؛ تَمتَدُّ بحارُ النّورِ السَّرمَدِيّ،
تَتَوارَى الظُّلمَةُ أسرارًا في قَعرِ الدَّيجورِ السُّفلِيّ
تهرُبُ منها عَينُ الحبِّ، ومرآةُ الحقيقةِ…
تَعرِضُ لَهفَتَها للنّورِ،
تَتصَعَّدُ في أَلَقٍ وحُبورٍ،
بِجَناحَي فَرَحٍ ورَجاءٍ،
تهمِسُ بِخُشوعٍ وضَراعَةٍ..
أمي أنت يا صَحراءُ،
يا وَتَدَ الشَّفَقِ الْمُستَرخي في جُرحي،
قتَلَتني فُروسِيَّةُ الحالمين.
السِّجنُ عالَمٌ من خَيالٍ؛ حُدودُهُ سَرابُكِ..
والعُمرُ وَمضَةٌ مِن شُروقٍ؛ حُدودُهُ الأَلَقُ.
الحِكمَةُ روحُ مَن تَدَنّى… تَدَنّى ومرق..
وأبصَرَ العَوالِمَ الرّوحِيَّةَ..
ما زاغَ… ما طَغى…
دَنى.. وتَدَنّى…
تَدَنّى.. واختَرَقَ…
وفي سَبَحاتِ نورٍ حَلَّقَ.. وارتَقى…
وعانَقَ الخلودَ؛ في لَذَّةِ السُّجودِ.
صَحراءُ؛ يا صحراءُ..
فَافتَحي الأذرُعَ للعائِدِ فينا؛ حُبًا ونَدى..
وعانِقي الأَلَقَ.
بقلم: صالح أحمد (كناعنة)