إصرار الفاجعة
أسرعتْ بكل ما أوتيتْ من لهفة وخوف وشغف باتجاه خزانة ملابسه.
رمتْ خطى غير محسوبة تكاد تلامس الأرض من خفتها. وعلى غير هدى تعثرتْ مرتين أو ثلاث مرات قبل أن تصل غرفته وفي عثرتها الرابعة احتضنها باب خزانته قبل سقوطها أرضا.
فتحته عل عجلٍ في جيب قميصه، لا السروال، بل الجاكيت في جيب هذا أم في جيب ذاك راحت تبحث
أين ستجدها؟
دموع من الخوف في مقلتيها كانت تعيق رؤيتها
وهي تتمتم ولا تنفك تتمتم يا الله يا رب أين أجدها؟
دعني أجدها؟ أريد أن أجدها؟
يااااه الأن فقط، ركنتْ لراحةٍ وطمأنينة مفاجئة، راسمة ابتسامة تغرقها دموع عينيها يال عظيم فرحتها
الآن لامستْ يدها مستطيلاً صلبا في أحد الجيوب. وجدتها هي ما تبحث عنه هوية والدها.
إذاً المرحوم مجهول الهوية من أُذع عنه ليس والدها
كم عظيمٌ هو مقدار السكينة التي أحستها ؟!
ما عادت قدميها قادرة على حملها فانسابت على الأرض في مكانها تبكي من هول فرحتها
والدها الذي خرج البارحة إلى عمله ولم يعدْ حتى الأن ليس هو المرحوم وهو بخير.
هي وحيدته وتمضي أكثر وقتها وابنيها في منزله
إذ أن زوجها مسافر خارجاً وراء البحر في عمله، ولا يأتي إلا قليلاً جداً.
وبين ضحكاتٍ من فرح وبكاءٍ حصيلة خوف رهيب.
تلاشى حسها إلى العدم واستكانتْ لهيمنة نوم عميق في مكانها أرضاً.
فتحتْ عينيها على صوت يناديها: انهضي يا ابنتي يجب أن تكوني قوية.
لم تصدق أنه أمامها، احتضنته وهي تجهش بالبكاء وتقول حمدا لله أنك بخير، كنت أعرف أنك لن تذهب وتتركني وحيدة في هذه الدنيا.
هي هويتك هنا بيدي ألف حمد لله على سلامتك أبتي.
نظر إليها نظرة فاضحةً تكشف حزناً ما عادتْ حواسه قادرة على حجبه أكثر حتى بات خارج نطاق سيطرته.
وقال: لا المرحوم لم يكن أنا، إنه أحدهم كان مسافراً في عمله خارجا وراء البحر.
وعاد ليفاجئ زوجته وابنيه لكن البحر غدار يا ابنتي لا يقدر شوقا ولا يثمن غيابا.
فسقطت على الفور أرضا إثر سماعها ما تلفظ به والدها
يبدو أن المكان أحب وجودها فأراد أن يحتفظ لنفسه بشيء من رائحة حزنها أو أن يغتسل ببعض من طهر دموعها
وما كادت تصرخ: زوجي…
حتى دخلت في غيبوبة أخرى.
نرجس عمران/سوريا
كاتبة