المناداة بجرعات من الألم
هذه الغُربة أخذتكُم مني عنوةً
ولأنكم رحلتُم
بحثاً عن الكرامة والحرية التي أفتقِدُها
أُريدُ منكم توثيقاً دقيقاً
للحظةِ لِقائكُم بالحُرية
والكرامة
والديمقراطية
وحقوق الإنسان والحيوان
والطُرق المعبدة
والجامعات
ودوّر الأوبرا
والمراكز العلمية
والكهرُباء
والمياه العذبة
والأشجار الخضراء
والزهور الجميلة
والعصافير البريئة
والبلابل المُغرّدة
أحتاجُ لِـ توثيقٍ آخر
لأجسادكُم الهزيلة وهي تنعّم بالطعام
وأخرى وهي تتعطر بالشامبو الفاخر
وتردي الأطقُم وربطات العُنق الأنيقة
والنظارات الشمسية والقُبعات الجميلة
كما أودُ أن أرى توثيقاً مُحكماً
بالصوتِ والصورة
لردودِ أفعال المُتشددين
والعُنصرين
والمتطرفين
والغوغائيين الذيّن هُمّ
مثلَ حُكامِنا الذين مارسوا جميع قذارتهُم
على أحلامنا حينما استيقظت لتنبُض لأجلنا.
أعلمُ بأنكُم
اشتقتم لرغيفِ خبزٍ يابس
وللغُبار الحقير
والأزقة المهترئة
والأشجار الممزقة
والجُدران المُتشققة
والأسقُف المقببة
ولسينما دمشق
ولمقهى رميلان
ولصوت فيروز صباحاً
ومحمد شيخو وأم كلثوم مساءً
ولعنجهيةِ رئيس البلدية
ولمشاهدة ذاك الصحفي
الذي مازال يبتلعُ مقابض الأبوب وبراغيّها
لكنكُم مازِلتُم
جراداً في عين الطاغية
وفئراناً في عين الذُئب
وفراشاتٍ في عين الغول
وحماماً في عين الكلب
لذلك كونوا بعيدين عنيّ
وسوفَ أزوركُم في الأحلام
والمقاهي
والساحات
والمدارس
ومآدب الطعام
والأعراس
وحفلات التخرج من الجامعات
سأكونُ موجوداً معَكُم
على هيئة رُقعةِ قماشٍ جميلة
أو وجبةِ فول
أو أغنية قديمة
أو شجرةِ ياسمين مُزهِرة
أو عريشةِ عِنبٍ أحمر
كونوا بخير أبنائي ….. مكتومي القيد
أحمد ديركي……… مكتوم القيد