بذورُ همسكَ …. شالُ النسيمِ/ بقلم: مرام عطية
________________________
تعالَ يا عشقي الأزليِّ، لأخبركَ عن سرٍّ كبيرٍ خبَّأتهُ عرائسُ البحرِ بين خافقيها، وباحَ لي به النسيمُ، أتدري أنَّ بذورُ همسكَ الليلكيةِ التي نثرتها صباحاً لعشتاركَ أمامَ مسامع البحرِ اختلسها النسيمُ، ونسجَ منها شالاً من اللازورد حريرياً يختالُ بهِ صباحَ مساءَ ؟! فحلَّقتْ حوله أسرابُ الفراشاتِ، واستطابَ النحلُ رحلتهُ البريَّةَ.
ما أمكرهُ !! لبسَ شفيفَ غزلكَ، وروى فصول حكايتكَ للعاشقين، فتوهَّجت جذوةُ الحبُّ بين الضلوع، وتزينتْ دروبُ الأصيلِ على حفافي قريتي بالحسانِ يتهادين ذرافاتٍ ذرافاتٍ، يطربهنَ قطارٌ من أغاني الهوى، ويغريهنَ رمشُ الغرامِ الساحرِ.
يا ملكَ الإحساسِ لولاكَ لجفَّت سواقي الحسِّ في الشرايين، ولأصيبت النهاراتُ بضربةٍ شمسٍ حارقةٍ، ولهاجرت عصافيرُ الربيعِ عن موطني إلى بلادٍ أكثر دفئاً.
أمَّا غراسُ إنسانيتكَ فكانت حصةَ نهرِ الشمسِ من عطركَ الدمشقيِّ المشعِ بالإباء، تعهدتها بالمزنِ والياقوتِ، فغدت حقولَ نخيلٍ وزيتونٍ وغدا بعضها مشاتلَ حنانٍ ومحبةٍ للأيتامِ والمحزونين، وتسامى بعضها عن الحقد والكراهية، فصارَ مدن حضارةٍ وقرى زعترٍ وحبقٍ، أدهشَ جودكَ السهولَ بذهب سنابلهِ وغدا طبقاً مترفاً مفتوحاً للجائعين والعطاشِ للحقِّ والفضيلةِ،
وإن سلوتُ أمراً فلن أنسى بذورَ حروفكَ التي لوَّنتْ الصفحاتِ بحدائقِ الشعر وآياتِ النثرِ الفنيِّ، فصارت نفائسَ ثمينةً كمعلقاتِ بابلِ يزهو بها كتابِ الأبدِ.
فهل خبرتَ حكايةِ عشقي الغارقةِ بفيروزِ الأسرارِ، أيها الفارسُ النبيلُ؛ حكايتي التي تبدأُ فصولها من مزيجِ بذورِ قرنفلكَ السومري ولبانِ وجهكَ اليعربي، ذلكَ المزيجُ الأصيلُ مشروبي السحريُّ الحارقُ للهمومِ ولسمومِ الغيابِ، بل إنه استروجينٌ طبيعيٌ لأنوثتي الساطعةِ.
فكيفَ أغفلكَ وأنتَ فارسُ أحلامِ جولييتَ وأفروديت الساكنتين نبضي ؟! وكيفَ أنسى أنكَ لأوجاعي صيدليةُ حياةٍ ؟!
__________
مرام عطية