حبة الهيل
جمال حكمت عبيد
اعتاد الخروج بدراجته ليريح نفسه؛ بعد ان أصابه الكدر، يخرج من جيبه في كل لحظة ضيق حبة هيل يضعها في فمه، يمضغها ويذهب عطرها في تحسين مزاجه . وفي غير عادته خرج دون أن يأخذ دراجته، واختار السير في طريق الدراجات المحاط بالخضرة والأشجار، يستنشق عبير الهواء الطلق، على بعد مسافة قطعها بالمسير، شعر بحاجة للجلوس، جلس على اريكة موضوعة على جانب الطريق، اخذ يتأمل المكان وما حوله من أشجار وشجيرات، وقد خلا من الناس ومن مرور العجلات ..في تلك الأثناء جذب انتباهه حلزوناً لزج القوام، ترك قوقعته وخرج يزحف على الأرض ببطىء شديد ليعبر الى الجهة الأخرى من الطريق. استأنس برؤية هذا الكائن؛ وكأنه اصبع يتحرك، ويترك على الأرض بصمته، كان الحلزون يستشعر بقرونه ما يدور أمامه ومن حوله ، بطيء الحركة كلاجئ جديد أضاع طريقه في بلاد الغربة ، ينظر الى الدرب ويراه طويلاً؛ لكنه يحاول الوصول الى الجهة الأخرى. فجأة !!. ظهر حلزون آخر يتعقبه، يزحف أسرعَ منه. اجتاحه الفضول بما سيصل اليه الحلزونان، اخذته القصص هل هذه زوجته؟ ام هو ابنه؟ يريد اللحاق به، أم انها حبيبته تخاصم في نيل قبلة، هل خرج زعلان من البيت واراد ان يستقر بقراره؟ أم انه يحاول البحث عن عيش في مكان جديد؟ . أم انه بانتظار عودة حبيبته اليه والفوز بقبلة؟.. في غمرة هذا الإحساس والحلزون مازال يزحف ببطء خَطَفَت دراجة على الطريق، داسته بعجلتها!! واستوى على الأرض جسمه، بقي رأسه يتلوى يلوح بقرونه مودعاً من ترك خلفه. عاد الى عادته، اخرج حبة الهيل من جيبه ..دسها في فمه.. يسير و يحاكي نفسه لامجال للأمل.