حكايةُ العيدِ الحالكةِ/ بقلم: مرام عطية
_____________
كانَ طيباً حنوناً مثلَ أمِّي، فقيرَ الحالِ مثلَ أبي، ليسَ بيديهِ خاتمٌ، ولا تزينُ أعلى صدرهِ شريطةٌ ورديةٌ كأبناءِ النبلاءِ، لا عطر يفوحُ من ثيابهِ المهترئةِ، وكأنَّه لم يستحمَّ منذُ زمنٍ، ولم يضعْ عطرا فرنسياً في حياتهِ، كان أعرجَ يشبهُ ابن جيراننا أصابتهُ رصاصةٌ طائشةٌ في الحربِ، يسكنُ على مسافةٍ قريبةٍ من بيتنا في بيتٍ طينيٍّ،
يلبسُ عباءةً مرقعةً، وبيدهِ عصاً يتوكأ عليه، لم أكن أَعْلَمُ أنه العيدُ، حتى رأيتُ مجموعةً من أطفالِ الحيِّ تدقُّ بابهُ بإلحاحٍ؛ فيخرجُ بهيئةٍ كئيبةٍ، يلتهمُ وجههُ الفزعُ، ينسى الأولادُ ما يريدونه منه، يناولونهُ ما بأيديهم من الحلوى اللذيذةِ، ويجرونَ صناديقَ أحلامهم المهشَّمةِ بسيقانٍ مرتجفةٍ وأيدٍ نحيلةٍ تقصُّ
على مسامعِ الأيامِ حكايةَ العيدِ الحالكةِ، بحثتُ عنها كثيراً لم أجدها في حقائبِ البحرِ، قالوا لي إنَّ التاريخِ قد سرقها.
_____
مرام عطية