دروبي …. تزنرُ خصرها بالخزامى/ بقلم: مرام عطية

دروبي …. تزنرُ خصرها بالخزامى/ بقلم: مرام عطية
_________________________
لا تخشَ على نخلتي من شتاءِ الدهرِ، أو من رياحِ النسيانِ أيُّها النهرُ الأنيقُ، فقبلَ أن تغسلَ الشمسُ وجهها ائتزرتْ غزالتي بإزارِ الكدحِ، وألقتْ خطابها الملكيَّ على الكائناتِ كلِّها، فاستجابتْ لها الأفلاكُ، وغيَّرتْ ترتيبها الفصولُ، وما إن رأتْ إطلالتها الحقولُ حتى ضمتها نحلةً نشيطةً إلى صدرها المطرَّزِ بالسنابلِ، ولأنَّها ابنةُ النورِ اصطفاها الشغفُ أميرتهُ وألبسها سوارَاً من ماسِ الألقِ.
يا روضَ الأملِ، لا يذوقُ رطبَ الراحةِ من لم يشربْ من كؤوسِ التعبِ، ولا يبلغُ ذرا النجاحِ من لم يعبرِ المضايقَ ويجتزِ امتحانَ الجلدِ، إنَّ معاهدَ الجمالِ ومخابرَ الفرحِ تأوِّجُ كلَّ من يبذرُ الحبَّ في منابرها ويشيعُ بخورَ السلامِ في ثرى النفوسِ.
يا للدهشةِ !! مزيجٌ من كوكتيلِ الشعرِ والإبداعِ رحلةُ السعي نحو رحابِ الجمالِ !! يا لحبور من يسافرُ في قطارها كلَّ شوقٍ! وما أطيبَ مذاقَها في ربوعِ الأوفياءِ!
تحتَ سنابكِ طموحها شرعَ المستحيلُ يفتحُ أبوابهُ المقفلةَ منذُ أمدٍ، وهبَّتْ ثورةُ الكسلِ تستكينُ تحتَ مطارقِ عزيمتها، كما لان فولاذُ الصعابِ أمام أوارِ سعيها الدؤوبِ، أمامَ حضورها البهيِّ طفقتْ الدروبُ الشائكةُ تنزعُ ملاءتها العتيقةِ، وتزنرُ خصرها بشالِ قشيبٍ من ساتانِ الخزامى وحريرِ الأقاحِ عساها تهنأُ بخطاها الرشيقةِ، أمَّا ناي الحبِّ فقد بدأ يعزفَ سمفونيتهُ الشجيّةَ على أوتارِ قلبها.
ازهُ يا نهرَ الحبِّ، و لا تقلقْ على روضي من مرورِ موكبِ الشتاءِ الرماديِّ فأنا حمصيةٌ ابنةُ الشيحِ والقيسونِ لا آبهُ للعطشِ ؛ فإذا أقبلَ الخريفُ و هجمَ البردُ القارسُ كوحشٍ على زروعي الرقيقةِ ، لبستُ الطمأنينة واقترفتُ الرجاءَ، وإذا لوَّحَ الصقيعُ بعصاهُ الثخينةِ ، منذراً بشتاءٍ قاسٍ ، وصفعتْ الريحُ وريقاتِ أحلامي الخضراءِ ، سرقتُ كمشةً من التراتيلِ الفيروزية ، وقطفتُ حبقاً من شتولِ الذكرياتِ و باقةً من سوسنِ عينيك حساءً دافئاً أحاصرُ به قبائلَ الزمهريرِ والقحطِ ، وأهدي أحبتي ألواناً من كوكتيل الشعرِ والمطرِ .
_________
مرام عطية