13 فبراير، 2025

واحة الفكر Mêrga raman

أدبية ثقافية عامة

رِحلةٌ مؤقّتةٌ…/ بقلم: سهير مصطفى

 

 

 

 

 

 

 

رِحلةٌ مؤقّتةٌ…/ بقلم: سهير مصطفى

………….

تَمدّد الجَسدُ دُونَ حراكٍ، عَينايَ تَرسمانِ إِشاراتِ الاستفهَام، وَقلبي يكادُ أن يقفزَ منْ مَكانه هَلعاً، أمّي التي لم تفارقني في مَنامِي أبداً، كانتْ تْعاتبُنِي لتأخري عليها، ونظراتُ أبي تَستعجلني للمضيّ إِليه.

هَلعُ المُنتظرون نتائجُ الفحصِ تثيرُ قلقي أكثرَ من أن تريحني، يد الطبيب تتحسّس تلك العقد والأكياس التي ملأت قسماً مِن جَسدِي.

بَدأَ الطّبيبُ يقيسُ ويرسمُ ويشيرُ بتلك الآلةِ اللعينةِ وَيملأُ جَسدِي بهذا السَّائلِ الهلامِي، وَأنا أتمتمُ وأدعو اللهَ أن تكونَ الأورامُ سليمةً.

كنْتُ شِبهَ متأكّدةٍ أنَّ حتفِي قد اقتربَ، لمْ أكنْ حزينةً على نفسِي بقدرِ ماكنتُ خائفةً عَلى ولدِي الصَّغير، وتلكَ التي سَتحتلُ مكانِي، تستعملُ أغراضي، وتملأُ بيتي بصوتِها وهي تُعاقبهُ على كُلِّ صغيرةٍ أو كَبيرة، سَتقلبُ البَيتَ رَأساً علَى عَقب، سَتتبدلُ رائحةُ البيتِ، وتؤلَّبُ زوجيَ عَلى أولادِي..أَنا متأكدةٌ من هذا، فالرّجالُ كلُّهم هَكذا، سَينسانِي فورَ تَتبعِ تلكَ الأُنثى الجَديدة..بتُّ أتخيلُها كيفَ سَتكونُ، هلْ هِي جميلةٌ؟

حتّى تأخذَ عقلَه هَكذا..

رأيتُها تنامُ فِي فراشِي، تستعملُ أغراضِي، ترفعُ صوتَها أمامَ أولادِي، وتقولُ: أنا هُنا ربّةُ البيتِ، أنا الآمرةُ الناهيةُ، وجوهُ أبنائي لم تفارقْ خَيالي، يدخلُونَ البَيتَ يرونَهُ خالياً مِني، ينزوونَ في زواياهِ، يبكُونني، نعم رأيتُ دُموعَهم تنهمرُ كُلَّما تَذكرُوا أنّي فارقتُهم باكراً، رأيتُ أقاربِي يتذمرونَ من لبسِ السَّواد، ويَستعجلُونَ الأَيامَ كي تعدوَ سَريعاً.

مَنْ سَأوصِي بولدِي الصَّغير؟؟ سأوصِي اِبنتي الوسطَى، نعمْ نعمْ فهِي أكثرُ جرأةٍ من أختِها، ستهتمُ بهِ حتّى يَكبُرَ ويشتدَّ عودَه.

كُلٍ هَذا وأنا مُستسلمةٌ لقرارِ الطبيبِ مع أني شبهُ متأكّدةٍ من مرضِي، حَركاتُ وجههِ أوحَتْ لِي بِكلِّ ذَلك.

اِستمهلنِي يا الله..فمازالَ هُناكَ الكثيرُ من الأحلامِ لم أحققْها بَعد ..

نظرَ الطبيبُ نَحوي، أخيراً قطعَ الشَّكَ باليقينِ..لا أثرَ للخباثةِ، كُلُّ الكُّتلِ أَعلنتْ سَلامتَها.

 

سهير مصطفى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © All rights reserved. | Newsphere by AF themes.