كُلُ هذا الوطن ضدي حتى القَمّل / أحمد ديركي

كُلُ هذا الوطن ضدي حتى القَمّل ..
.
وطني
ضد قدماي الحافيتان
ضد عيناي المُدمعتان
ضد جسدي الهزيل
ضد أفكاري المستهزئة
ضد قلمي ودفتري وجرائدي
وذاك الصحفي الذي يبلع مقابض الأبواب ضدي
حتى الشوارع والأزقة لا يُناسبها عُري أقدامي
حتى أمي التي ترتبُ على أكتافي
تقف ضدي عندما أنادي ولدتُ حُراً
حسناً يا قوم ..
ها هي الحرب الأهلية نشبت بين المُلاّك
جروح وحروق وغازُ أعصاب برائحة التفاح
حتى الوديان تزينت بجثث أبنائنا
وفرحت الجبالُ بعظام الجائعين منا
جميع الطرقات مقفلة في وجهنا حتى دروبُ جهنم
لا بيع لا شراء لا مُلك لا تعليم لا وجود
نحّنُ .. مَنّ نحن
نحنُ نمتلكُ الأفكار وهم أصحاب الامتيازات
نحنُ نزرع علناً وهم يأكلون سراً
نحنُ نجمعُ الحليب وهم يبيعون الأجبان
نحنُ نصنعُ السفن وهم يبحرون في البحار السبع
نحنُ نبني القصور نهاراً وهم يسكنوها ليلاً
نحنُ أصحاب الدماء وهُم أصحاب الانتصارات
نحنُ نحطم القيود وهم يبنون السجون
نحنُ نرسم الأنسان وهم يصنعون المدافن
لَنّا .. ما لَنّا
لنا الجلد والعظم ولهم الجمل بما حمل
لنا البرد والشتاء ولهم الشمسُ والنهار
لنا الموت والحزن ولهم الفرح والسعادة
لنا زقيقُ الأبواب ولهم غناء المشاهير
لنا التجاعيد المريرة ولهم الابتسامات الجميلة
لنا الوحلُ والغبار ولهم المرمر والرُخام
لنا الجرائد القديمة ولهم أشهر المجلات
لنا الخريف الأصفر ولهم الربيع الأخضر ..
نحنُ الوطنُ كُله وهم مُلاّكنا زوراً
ورُغمَ ذلك الوجع والحزنِ والحقّ
مازالَ القَمّلُ يرفضُ
أن يُقيدني في سجلاتهِ المدنية …!
أحمد ديركي .. مكتوم القيد