الرئيسية / قصة / آمــال مــبــعــثــرة/ عبد الرزاق جاسم

آمــال مــبــعــثــرة/ عبد الرزاق جاسم

آمــال مــبــعــثــرة

 

 

على أرض الصقيع وفي بلاد تآكل فيها النهار وتربع الليل على طاولة الأيام مما أخجل الشمس من الظهور، أتعبته قساوة المناخ حيث سافر قطاره مسرعا إلى محطات الخريف، نذر حياته من أجل شقيقه الوحيد المبتلى بآفة الفقر، أرسل اليه ما حصل من أموال بعد جهد مضني.

كان يعد الأيام والليالي بل والساعات في الغربة، بات ينظف جراحه ويدفن أحزانه في الوفر لعله يطفئ نار ألم الفراق التي شبت في قلبه.

تأرجح بين حزنه وصمته يبحث عن خيط أمل يلتقي فيه بأخيه.

صارع الزمن القاسي الملوث بغبار الفقر كل ذلك من أجل أن يشعل شمعة تنير طريق أخيه …

تمنى أن يتقاعد الزمن من أجل لقائه حيث كان يشعر بعمق الوحدة في المهجر وحين فتحت الأبواب المقفلة بغياب الطاغوت تخيل أنه سيركب حزمة من الضوء تنقله إلى بلده البعيد وبعد أيام قلائل أحزم حقائبه وقبل أن تسافر الشمس إلى مطار غروبها حملته الريح إلى وطنه مكتنزا آمالا وأحلاما لا حدود لها للمكوث في مسقط رأسه ليزرع في طرقات مستقبله أشجار فرح وزهور أوراقها البسمة الدائمة …

تاه في مخيلة جميلة وهو يحدق في وجوه من حوله حيث أجواء السفرة الرائعة يرسم في خياله صورة وطن لم يطأ قدمه فيه منذ سنين طوال، وكيف تكون حرارة اللقاء بأخيه البعيد …

بين هذا وذاك طلب من الركاب شد الأحزمة إيذانا بالوصول وتم ذلك فعلا حيث وصل بسلام فلم يجد أخاه فأستقل مركبة إلى مسقط رأسه فاستقبله أخاه ببرود شديد أثار حفيظته ولم يلبث أن سأله عن أحواله وأخباره لكنه تفاجأ بأن أخاه قد نقل ملكية بيتهم الوحيد باسمه بحجة أنه يئس من رجوعه فضلا عن أنه لم يدخر أي رأس مال لأخيه كان قد أوصاه بادخاره له وليس هذا فحسب بل تزوج من الإنسانة التي أحبها وبهذا مزق خيوط نسيج الأخوة التي تربطه بأخيه عند ذلك أحس بأن الربيع قد غادر بستانه وتحولت حياته إلى صحراء جدباء موحشة وعاش بأجواء يأس وحرمان قاتلين وتمنى لو أنه دهن محراب قلبه بقارورة زيت كي لا يعلق به الحنين الى أخيه حيث أحس بموت روح الأخوة الصادقة …

عند ذلك أقفل راجعا إلى بلاد الاغراب والتي أصبحت في

نظره بلاد الوفاء.

 

بقلم: عبد الرزاق جاسم

عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

القيم الاجتماعية في عشيق الليدي تشاترلي للكاتب دي اتش لورنس/ محمد عبد الكريم يوسف

في رواية دي إتش لورانس المثيرة للجدل، عشيق الليدي تشاترلي، يلعب موضوع ...

آهٍ إن قلت آها / بقلم: عصمت دوسكي

آه إن قلت آها لا أدري كيف أرى مداها ؟ غابت في ...

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

قصيدة”سكارى بالكرة” للشاعر مصطفى معروفي/ بقلم: عبد الرحمن منصور

1ـ القصيدة: سكارى بالكرة شعر:مصطفى معروفي نظـلُّ بهـا علـى وهْــمٍ سـكـارى***و قد ...

الفصام / بقلم: عــبــدالناصر  عــلــيوي الــعــبيدي

  ———- الــصدقُ فــي الإنــسانِ خيرُ فضيلةٍ فــــعــلامَ تــكــذبُ أيــهــا الــكــذابُ – ...

أشياؤها الخمس / بقلم: فراس حج محمد

  [محاولة رثاءِ امرأةٍ ضاعت في جنون الحرب]   أشياؤها الخمسُ التي ...

الأخلاق في رواية عشيق السيدة تشاترلي للكاتب دي إتش لورانس / بقلم:محمد عبد الكريم يوسف

  أثارت رواية دي إتش لورانس “عشيق السيدة تشاتيرلي” الجدل والنقاش منذ ...

واحة الفكر Mêrga raman